إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الشهيد الرفيق ساسين إبراهيم الديك

الامين لبيب ناصيف

نسخة للطباعة 2013-12-11

إقرأ ايضاً


مع انبلاج فجر السادس عشر، من تشرين الثاني عام 1971 اصطادت يد الغدر أحد رفقائنا الأبطال، الواعين في التزامهم القومي الاجتماعي، الرفيق ساسين الديك، الذي شاء له قدره أن ينتقل من بلدته كفرحورة في قضاء زغرتا إلى بلدة الحدث ليعمل في مشروع مياه الحدث (شركة خاصة)، وليشكل له حضوراً محبباً بين الأهالي الذين لمسوا فيه أخلاقيته وصدقه وتفانيه .

عرف الرفيق ساسين باندفاعه وحماسه الشديدين، كما بجرأته. ففي الستينات عندما كانت أجهزة القمع تتعقب القوميين الاجتماعيين وتزج بهم في السجون، كان الرفيق ساسين من بين الرفقاء الذين استجابوا لنداء الواجب ونشط حزبياً وكان جاهزاً في كل حين لتلبية الأوامر، كما أنه قام بمهمات خطيرة أوكلت إليه.

يفيد عنه رفيقه وصديقه بطرس شمعون (من كفرحورة) انه كان يقوم باعمال سرية للغاية، ويذكر انه جاءه ذات مساء وكان متعباً، قائلاً له انه كان في الاردن في مهمة حزبية دون ان يبوح له بأمرها.

الرفقاء الذين عرفوا الرفيق ساسين الديك وجدوا فيه الرفيق الواعي عقائدياً، المؤمن في الصميم، والعامل في محيطه لان يكون مثالياً في محيطه وفي تعاطيه مع الجميع .

هكذا كان الرفيق ساسين عندما سقط فجر عيد التأسيس في "الحدث" وهو يقوم بواجبه الحزبي .

بيان عمدة الإذاعة في الحزب الذي نشرته مجلة "البناء" في عددها تاريخ 20/11/1971 شرحت الحادث كما يلي:

" في الساعة الواحدة من بعد منتصف ليل الإثنين – الثلثاء السادس عشر من تشرين الثاني عام 1971 وبينما كان القوميون الاجتماعيون في الحدث يوزعون بياناً حزبياً، إعترضتهم سيارة الكتائبي خليل بعقليني وترجل منها شخصان آخران هما لويس يوسف كرم، نائب رئيس إقليم الحدث للكتائب اللبنانية وعميل المكتب الثاني سابقاً، ومعه شخص آخر . وللفور، ودون إنذار، إنهالوا على القوميين الاجتماعيين العزّل من كل سلاح، بنيران رشاشاتهم، فسقط الرفيق ساسين الديك من كفرحورة – زغرتا شهيداً للحال، وأصيب الرفيق كرم كرم بجراح في ساقه، كما أصيبت السيارة بعشرات الطلقات، وهرب المجرمون " .

من الرفقاء الذين كانوا مشاركين في توزيع ولصق بيان الحزب في ذكرى التأسيس، نذكر: علي صادر، رشيد سروع، عبد الله شرفان وسهيل الاشقر.

مأتم الرفيق الشهيد

في اليوم التالي شيع القوميون الاجتماعيون شهيدهم ساسين الديك في مأتم شعبي وحزبي ضخم، حيث توافد الرفقاء من كل أنحاء لبنان الشمالي إلى قرية كفرحورة – زغرتا، وحضر ممثلون عن منفذيات بيروت، المتن الجنوبي، الطلبة وغيرها، وعلى رأسهم وفد مركزي برئاسة عميد المالية آنذاك الرفيق غسان عز الدين، عضوا المجلس الأعلى الرفيقان نقولا طراد وبهيج أبو غانم، ناموس المكتب السياسي الرفيق مصطفى عز الدين، وعضو المكتب السياسي الرفيق الدكتور عبدالله سعاده ووكيل عميد الداخلية الرفيق داود باز(1) .

بعد كلمة تأبين من كاهن رعية كفرحورة، قدم الرفيق جوزف نكد الخطباء، فتكلم الرفيق موريس مرون باسم منفذية طرابلس، ثم ألقى الرفيق أسعد صوما قصيدة زجلية، وكانت كلمة الختام للرفيق الدكتور عبد الله سعاده الذي ألقى خطاباً باسم مركز الحزب .

*

قرار قاضي التحقيق الاول:

نشرت مجلة البناء في عددها رقم 57 تاريخ 08/04/1972، التالي:

اصدر حضرة قاضي التحقيق الاول قراره باتهام كل من لويس كرم وخليل بعقليني وميشال خلوف، بقتل الشهيد ساسين الديك ومحاولة قتل الرفيق كرم كرم، وذلك في الحادث الوحشي الذي جرى ليل 16 تشرين الثاني 1971 ولقد استغربنا ان يكون حضرة المحقق اكتفى للمتهمين بتطبيق المادة 547 معطوفة على المواد 201 و219 من قانون العقوبات، لان حادث القتل لم يجر قصداً، بل عن سابق تصور وتصميم وان المادة الواجب تطبيقها هي المادة 549 لا المادة 547 الانفة الذكر.

ان كل عناصر العمد متوفرة لانه ليس من باب الصدفة وجود المجرمين الثلاثة الساعة الواحدة بعد منتصف الليل في مكان الحادث، فلو لم يكونوا يترصدون المغدور، لما اعدوا السلاح لمثل تلك الساعة في بلد هادىء كالحدث، يأوي الناس فيه الى فراشهم في ساعة مبكرة، لا تتجاوز منتصف الليل، ولا تتجاوزه الا لمناسبات خاصة.

ثم انه لمن الشهير، لدى العامة والخاصة، ان القوميين الاجتماعيين يحتفلون في كل عام بذكرى تأسيس حزبهم ليل 16 ت2، فاقدام المتهمين الثلاثة على ترصد الرفقاء الثلاثة الذين كانوا يوزعون النشرات في الساعة المتأخرة من ذلك الليل، دليل تنفيذهم مؤامرة مرسومة من قبل.

ولو ان الحادث جرى قصداً كما ورد في قرار الاتهام لكان يجب ان تكون مقدماته ودوافعه شجاراً ما، ملاسنة ما، بين الغادرين والمغدور. ولكن الثابت الاكيد من الكشف على محل الجريمة والشهود العيان، ان السيارة الجانية انما توقفت فجأة عند التقائها بالرفقاء الذين كانوا يوزعون النشرات الحزبية ونزل لويس كرم يسانده المجرمان الاخران، وراح يطلق النار، على المغدور ورفيقيه دون ان يتلفظ الا بكلمة واحدة: ارفعوا ايديكم... فكيف لا يكون الحادث متعمداً، والسيارة الجانية تسير في ذلك المكان من البلدة، في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، والجناة يقدمون على القتل، بمجرد رؤيتهم للرفقاء يوزعون النشرات؟ .

لقد طالبنا حضرة المحقق بالتوسع بالتحقيق، واتهمنا منظمة الكتائب بانها هي التي خططت للجريمة ودبرت ابطالها، وطالبنا بالاستماع الى المسؤولين من الكتائب عن الميليشيا، كما طالبنا بالتحقيق في من يأوي المجرمين ويحميهم من سلطان العدالة، لاننا واثقون من ان هؤلاء المجرمين، لم يرتكبوا جريمتهم، الا نتيجة لمؤامرة فرع الكتائب في الحدث، او مركز الكتائب نفسه في بيروت، فكان ان التحقيق لم يأبه لما اوردنا من قرائن وتمسك بوجهة نظر جزئية، اعتبرت الحادث فورياً، فيما هو، كما عرضناه وبسطناه، حادث مدبر ومدروس، وان القتلة انما نفذوا مؤامرة اغتيال وحشية.

ولا بد في هذه المناسبة من الاشارة الى ظهور المتهمين الكتائبيين الثلاثة في ساحة البرج نهار الجمعة الساعة 11 قبل الظهر في 03/03/72 امام مقهى الاتوماتيك بوقاحة تتحدى مذكرات التوقيف الصادرة بحقهم وقد تعرف عليهم احد المواطنين وحاول اعتقالهم مع جمهور من المواطنين حين تدخلت سيارة دودج سوداء ذات الرقم 9982 فيها مسلحون اقدموا على اطلاق النار تغطية لتهريبهم للفارين.

والبناء اذ تضع هذه المعلومات امام الرأي العام والدولة تتساءل عن ماهية الحماية الفاشستية ومدى تحدي القتلة للقانون والرأي العام.

...والهيئة الاتهامية :

اعتبرت الهيئة الاتهامية في جبل لبنان في قرارها، أن الكتائبي لويس يوسف كرم قتل الرفيق ساسين الديك قصداً لا عمداً وطلبت السجن المؤبد للقتلة لويس كرم، خليل توفيق بعقليني وميشال جوزف خلوف، وجاء في شرحها للحادث المجرم الذي نشرته مجلة "البناء" في عددها رقم 66 تاريخ 10 حزيران 1972، ما يلي:

" قرابة الساعة الأولى من صباح يوم 16/11/1971 كان أفراد من الحزب السوري القومي الاجتماعي وهم

ساسين الديك، كرم كرم وغسان الديك(2) يتجولون في محلة الحدث في سيارة الأخير الفولسفاكن ذات الرقم 210960 لتوزيع مناشير حزبية في مناسبة ذكرى تأسيس حزبهم، وبوصولهم إلى مفرق شلالا توقفوا بسيارتهم وترجل منها ساسين الديك وكرم كرم للصق المناشير فيما بقي سائقها غسان الديك خلف المقود. وبينما كان ساسين وكرم يقومان بعملهما داهمتهما سيارة الفاروميو ذات الرقم 226262 خاصة المدعى عليه خليل بعقليني وكان برفقته المدعى عليهما لويس كرم وميشال خلوف وهم من أعضاء حزب الكتائب.

وبعد ما توقفت هذه السيارة في مواجهة سيارة الفولسفاكن وعلى بعد أحد عشر متراً منها تقريباً، ترجل لويس كرم وميشال خلوف وكل منهما يشهر رشاشاً حربياً، وقد أخذ لويس يطلق النار من رشيشه فأفرغ نحو 26 قذيفة في اتجاه السيارة وركابها اخترق بعضها الفولسفاكن والبعض الآخر تصوينة ملاصقة لمنزل السيد أرنست كرم حيث كان يقف كرم كرم فألقى هذا بنفسه تفادياً للرصاص فيما أصيب ساسين الديك الذي كان على مقربة منه إصابة قاتلة، وأصيب رفيقه غسان الديك وهو خلف مقود سيارته بجروح في عضده الأيسر وفي الناحية اليسرى من الظهر من جراء تناثر الشظايا وقد تعطل مدة عشرة أيام عن العمل(3) .

بعد ذلك عاد لويس كرم وميشال خلوف إلى سيارة الألفاروميو التي استدارت وأقلعت بسرعة فائقة.

وقد علّقت مجلة "البناء" على قرار الهيئة بالإشارة إلى أن القتلة قاموا بعملهم عمداً لا قصداً بدليل الأسلحة التي كانوا يحملونها في الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل، كما إطلاقهم النار على الرفقاء دون أن تحدث بينهم أية ملاسنة، وقالت أن الوقائع كما يرويها قرار الاتهام تتناف مع شهادات شهود الحادث ومعطيات الكشف الحسّي الذي أجراه قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان، وتساءلت كيف تترك السلطة "القتلة الفارين يسرحون ويمرحون في شوارع بيروت، من بيت الكتائب في الصيفي، إلى منزل بجوار منزل النائب بيار الجميل " .

***

1.في العام 1971 كان المرسوم عدد 7 (رتبة الامانة) ملغى بموجب التعديلات الدستورية التي

اصدرها المجلس الاعلى بعد مؤتمر ملكارت، وبالتالي فإن كافة رتب الأمانة الصادرة قبل تلك التعديلات، كانت بحكم الملغاة .

2.ليس من قرابة عائلية بين الرفيق الشهيد ساسين الديك، وبين الرفيق غسان الديك. فالرفيق غسان، ابن الرفيق الشهيد ميشال الديك، من مدينة طرطوس، أساساً، وقد استشهد في فترة الاحداث اللبنانية في منطقة زحلة، وكان من ابطال الحزب.

3 رغم اصابته فقد اوقف الرفيق غسان الديك في زنزانة سجن بعبدا لمدة يومين دون ان تقدم له الاسعافات الاولية اللازمة.

***

تلقت قيادة الحزب العديد من برقيات الاستنكار لاستشهاد الرفيق ساسين الديك، منها، التالية، وقد نشرتها مجلة "البناء" في عددها بتاريخ 04/12/1971:

-آلمنا سماع أخبار استشهاد الرفيق ساسين الديك، هزنا أغتياله. مديرية ملبورن جاهزة لتنفيذ اوامركم .

-في الثورة موت أو حياة على طريق النصر. العديدون من رفقائنا استشهدوا ويستشهدون. أملنا الوحيد هو إننا سنكون على هذا الطريق يوماً ما.

عن السوريين القوميين الاجتماعيين في اوتاوا: سهيل غرزوزي

-السوريون القوميون الاجتماعيون في الارجنتين يستنكرون جريمة اغتيال الرفيق ساسين الديك والاعتداء على الحريات العامة من قبل الكتائب، ويطلبون من الحكومة الوقوف بحزم وقوة في وجه الجرائم التخريبية. دماؤنا يجب ان توفر لقتال العدو الخارجي.

***

نشرت "البناء" في عددها الصادر في 8/1/1972، وضمن إطار التعليق التالي:

" اليوم، 8 كانون الثاني 1972 يكون قد مرّ على جريمة اغتيال الشهيد ساسين الديك ثلاثة وخمسون يوماً والمجرمون ما زالوا بعيداً عن قبضة العدالة، يسرحون ويمرحون ".

قبل ذلك، وفي عددها تاريخ 18/12/1971 نشرت في أعلى صفحتها الاولى تصريحاً أدلى به ناطق مسؤول في الحزب السوري القومي الاجتماعي، جاء فيه:

في الوقت الذي تتهاون فيه السلطات بملاحقة قتلة الشهيد ساسين الديك، وقد مرّ اكثر من شهر على اغتياله وهو يمارس بالأساليب الديمقراطية واجبه الحزبي في الحدث، وفي الوقت الذي يقبع فيه المجرمون القتلة في الظلام ويبقى الدم المهدور دون اقتصاص العدل من سافحيه، فلم يداهم بيت واحد بحثاً عن المجرمين، والسلطات تعلم اين يحتمون، وحمى من يستظلون، في هذا الوقت قامت قوات الامن بمداهمات واسعة في قضاء عاليه تستهدف عدداً من المواطنين الأبرياء بتهمة إلقاء متفجرات على بيوت الكتائب. وقد جرت هذه المداهمات في الفجر وبعد الساعة الرابعة، فروّع الاهلون وفزع الاطفال والنساء ولم يلبث على المعتقلين شيء من الاتهامات التي سيقوا من أجلها.

***

الذكرى الأولى لاستشهاد الرفيق ساسين الديك .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نشرت مجلة "البناء" في عددها رقم 89 بتاريخ 2 كانون أول عام 1972 ، تحت العنوان أعلاه ، الخبر التالي :

نهار الأحد الماضي (26 تشرين الثاني) أحيت منفذية المتن الجنوبي بالاشتراك مع منفذية طرابلس ذكرى استشهاد الرفيق ساسين الديك ،

ففي صبيحة ذلك اليوم توجه رفقاء الشهيد في المتن الجنوبي إلى بلدة الشهيد في قضاء زغرتا يتقدمهم حضرة رئيس مجلس العمد (الأمين مسعد حجل ، يومذاك) وبعض العمد، وعند مدخل "كفرحورة" بلدة الشهيد ساسين وقف القوميون الاجتماعيون على جانبي الطريق يؤدون التحية لحضرة الرئيس الذي توجه تواً إلى منزل الشهيد وقدم التعازي باسم الحزب إلى ذويه وأقربائه . بعدها أقيمت الصلاة في كنيسة القرية ، تلاها احتفال تأبيني تحدث فيه كل من الرفيق جوزف نكد ، منفذ عام طرابلس الذي ألقى قصيدة قومية رائعة ، واختتمت حفلة التأبين بكلمة ألقاها حضرة عميد الإذاعة ممثلاً الحزب . وفي الختام توجه رفقاء الشهيد البطل في مديرية الحدث إلى ضريحه حيث أدوا التحية القومية للشهيد .

•كان الرفيق الشاعر وجيه الأيوبي يتولى مسؤولية منفذ عام طرابلس والرفيق سهيل غرزوزي (من كفرحاتا – الكورة – ومقيم حالياً في أوتاوا – كندا) مسؤولية عميد إذاعة .

.. والذكرى الثانية

ـــــــــــــــــ

وفي عددها 139 تاريخ 24/11/1973 نشرت مجلة "البناء" وضمن إطار المقطع التالي:

الذكرى الثانية لاستشهاد الرفيق ساسين الديك ، مع مطلع كل سنة حزبية جديدة تعود بنا الذاكرة إلى الرفيق الشهيد ساسين الديك الذي صرعه رصاص الغدر في السادس عشر من تشرين الثاني 1971 وهو يؤدي واجبه الحزبي . ومع كل احتفال

بذكرى التأسيس تمر صورة الشهيد في مخيلة آلاف الرفقاء الذين يقفون في هذه المناسبة وفي كل مناسبة ليجددوا العهد على متابعة الطريق مهما كبرت التضحيات ومهما كانت الصعاب .

***

النبذة الشخصية:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

• الاسم الكامل: ساسين إبراهيم الديك

• الأم : بهيجة يعقوب

• مواليد كفرحورة (زغرتا) ...

• عازب

• طرد من الجيش اللبناني بسبب ميوله الحزبية، اذ كان يجاهر بانتمائه الى الحزب القومي الاجتماعي.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024