لم يصل في دراسته الى المرحلة الثانوية. لم يدخل جامعة. لم يصبح طبيباً ولا مهندساً ولا محامياً ولا دكتوراً في أي حقل، ولا موظفاً مرموقاً في الدولة او في أي مؤسسة.
لم يتردد اسمه في الاعلام ولا ظهرت صوره، مع كل احتفال. إلا انه شرب من العقيدة القومية الاجتماعية التي اعتنقها حتى الثمالة. تسرّبت الى شرايينه والى اوردته والى كل خلية في جسده وفي روحه. حمل مصباحها وراح ينير ويضيء ويكرز. حمل سلاحه وصوته يحدو بالمواويل. تحمّل التعذيب فلا وهن، والفقر فما ضعف، والتشرد فما نسي لحظة انه ابن ذلك الحزب العظيم، وتلميذاً لسعاده. تستمع إليه، فتطرب وترجو ألا يصمت وان تبقى الكلمات تصدح من بين شفتيه.
غداً إن سألك التاريخ ان تحكي وتشرح وتوضح الكثير، قده الى كل قرية ودسكرة في بلادنا، ليعرف كيف نشأ الحزب وتأسس وانتشر. اجعله يسأل كل عائلة فيها وكل عشيرة وطائفة. قل له: إذهب وسجل عن مئات مئات الشهداء، وعن آلاف الابطال، الذين عندما رفعوا اياديهم بالقسم، ارتفعوا بوعيهم ومضاء عزيمتهم وايمانهم، فما عرفوا غير حزبهم معتقداً، وما اشركوا بولائهم أي هوى لعائلة او طائفة او عشيرة.
غيرنا يرتفع في العيش شهادة ومركزاً اجتماعياً، أما نحن فنرتفع في الحياة إيماناً وبطولة وتفانياً وانصهاراً بالامة وبالحزب الى حد الذوبان.
لغيرنا ان يسعى الى بناء نفسه منفعة ووصولاً الى أفضل. نحن نسعى الى بناء حزب وامة، ونفنى في سبيلهما.
لولا هذا الايمان، لما نما حزبنا وانتشر رغم كل الاعاصير.
ولولا العمالقة لما استطاع حزبنا ان يصمد وان يستمر وان يبقى جذوة للاجيال، وخميرة للامة.
(*) مهداة الى الامين الراحل ديب كردية والى كل العمالقة امثاله.
|