إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الشاعر الرفيق محي الدين الفيل

الامين لبيب ناصيف

نسخة للطباعة 2014-02-10

إقرأ ايضاً


من جنود الحزب المجهولين، وما أكثرهم، رفيق كان تحدث عنه الأمينان جبران جريج وعبدالله قبرصي في مذكراتهما، فبدأت أجمع من ادبيات الحزب، ما كتب عنه، او نشر له من قصائد، الى ان اطلعني الرفيق المدرّس ميشال فياض انه تعرّف على زميل له في ثانوية "المنارة" (البقاع) فعرف منه ان والده كان قومياً اجتماعياً ناشطاً وله قصائد قومية ووطنية، هو الرفيق محي الدين الفيل.

فحرّضني ذلك على ان انهي النبذة التي كنت بدأت اعدّها عن الرفيق المذكور.

*

في الجزء الثاني من مذكراته، يقول الأمين عبدالله قبرصي في معرض الحديث عن الحفلات الاجتماعية التي كانت تنظمها منفذية السيدات(1) في أواخر الأربعينات ويحضرها سعاده، أنه، في إحدى تلك الحفلات في منزل الرفيق وفيق عضاضة(2) في الأشرفية، ألقى الرفيق محي الدين الفيل قصيدة حماسية شعبية " فيها حرارة الإيمان وصدقه وصوته العالي، إلا أنها ليست في سبكها وبلاغتها من الشعر الذي يروق للشاعر الرفيق محمد يوسف حمود " الذي كان ألقى بدوره قصيدة في الحفلة الاجتماعية، فانتقدها بشيء من القساوة" .

يوضح الأمين عبدالله، أن سعاده، بعد أن كان غادر الحفلة لارتباطه بموعد سابق، وجه له رسالة طالباً إليه أن يتلوها عنه. "أذكر من الرسالة ثناءه على الرفيق محي الدين الفيل معتبراً شعره صراعياً ثورياً يجب أن يُشجع، لا أن يُنتقد. تلوتها وعقبت عليها مؤيداً، لأني كنت بالفعل ولا أزال، أؤمن بالشعر الذي يهز أعماق النفس ويحفزها للعطاء والفداء والنضال حتى التضحية العظمى. لم الحظ أي استياء من شاعرنا محمد يوسف حمود لأن أحكام سعاده حاسمة لكل جدل".

وفي حديثه عن تلك الحفلات الاجتماعية "التي كانت تفتتح بالنشيد الرسمي وكان يسمح فيها بالتدخين، وتناول الشاي مع قطعة حلوى" يقول الأمين جبران جريج في الجزء الرابع من "مع أنطون سعاده" ان في حفلة اجتماعية أقيمت في منزل الرفيق عبد القادر فاخوري عند " الحرش"، ألقى الرفيق محي الدين الفيل قصيدة جميلة اتبعها محمد يوسف حمود (الشاعر، الأمين، عميد الإذاعة، عضو المجلس الأعلى) بقصيدة أجمل صفق الحضور لهما كثيراً.

**

في العدد الممتاز من جريدة " النهضة "، الصادر في أول آذار عام 1938 نشر الرفيق محي الدين الفيل القصيدة

التالية بعنوان "الجهاد المقدس"، ثم أعاد الأمين جبران جريج نشرها في الجزء الرابع من مجلده "من الجعبة".

" جهادك عن حماها خير درس

لبائع شعب سوريا بفلس

ونومك في السجون وأنت حر

ألذ من المنام على الدمقس

وتخليص البلاد يكون سهلاً

إذا كان الزعيم كبير نفس

فسر يا ابن السعاده للمعالي

فسوريا تعاني كل بؤس

فإن الليل يعقبه ضياء

وإن السعد يأتي بعد نحس

***

ومضت سنوات كان فيها الرفيق محي الدين الفيل ناشطاً في منفذية بيروت. ومرة أخرى نقرأ له قصيدة نشرت في مجموعة شباط 1949 من النشرة الرسمية، ضمن تغطيتها للاحتفال الذي أقامته منفذية بيروت في 31 تشرين أول 1948 عند ضريح الرفيق الشهيد إبراهيم منتش(3) في الغبيري. تقول النشرة الرسمية: "في الساعة الثالثة والنصف من بعد ظهر الأحد الموافق 31 أكتوبر (تشرين أول) اجتمع عدد كبير من القوميين الاجتماعيين التابعين لمنفذية بيروت في محلة الحرج للتوجه إلى مدفن الرفيق الشهيد إبراهيم منتش في الغبيري للاحتفال بذكرى شهداء النهضة السورية القومية الاجتماعية المقرر رسمياً كمناسبة قومية اجتماعية(4). لم تؤذن الساعة الرابعة إلا وكان الموكب الحزبي قد وصل إلى المدفن حيث اجتمع عدد من المواطنين بينهم أهل الشهيد وأصدقاؤه. افتتح الاحتفال حضرة منفذ عام بيروت باسم سورية وسعاده، ثم ألقى الرفيق إنعام رعد كلمة عمدة الإذاعة فعالج فيها التعبير المناقبي للاستشهاد القومي الاجتماعي. تلاه بعد ذلك الرفيق يوسف الطويل(5) فألقى كلمة باسم مديرية الشهيد منتش، وتكلم عن مديرية الاستقلال الرفيق أمين خويص(6) فألقى أبياتاً زجلية طافحة بالروح القومية الاجتماعية ثم ألقى الرفيق نصر المهتار(7)، قصيدة زجلية باسم مديرية "النظام"، وتلاه الرفيق محي الدين الفيل فارتجل أبياتاً فصيحة تعبر تعبيراً طيباً عن خلود الشهداء القوميين الاجتماعيين منها الأبيات التالية:

" لا تقل مات فما مات الشهيد

إنما الميت شعب كالعبيد

ساقه الجزار يبغي ذبحه

فحنى العنق وأعطاه الوريد

يا شهيداً لم يذق طعم الردى

قبل أن فتّح أبواب الخلود

كل جرح سائل منك فدى

موطن الأحرار سورية، نشيد "

واختتم الاحتفال حضرة منفذ عام بيروت(8) فألقى كلمة شاملة ذاكراً شهداء النهضة واحداً واحداً ومشدداً على أن شهداءنا يعرفون الغاية التي من أجلها يستشهدون ".

*

قبل ذلك، كانت جريدة " صدى النهضة " قد نشرت في عددها 141 بتاريخ الخميس 13 أيلول 1946 الخبر التالي:

" جاءتنا قصيدة وطنية عصماء من نظم الأستاذ محي الدين الفيل يعرض فيها لحالة الحكم السيئة القائمة في البلاد ويحث الشعب على إسماع صوته، صوت التحرر والإصلاح والانتفاض.

فنعتذر عن نشر هذه القصيدة لضيق صفحات النهضة ".

*

من جهته يروي لنا الامين أنيس مديواية، أحد أبرز رفقائنا القوميين الاجتماعيين في القامشلي، أنه في العام 1948 حضر إحدى الحفلات الاجتماعية التي كانت تقيمها منفذيتا السيدات وبيروت، وكان يحضرها، إلى زعيم الحزب، العديد من المسؤولين المركزيين. في تلك الحفلة عزف الرفيق توفيق الباشا على كمانه النشيد القومي الاجتماعي وقطعاً موسيقية أخرى، وألقى الرفيق محي الدين الفيل قصيدة من شعره، ما زال يحفظ الامين أنيس البيت التالي:

" صبرنا فما أغنى اصطبار ولا أجدى

فقم يا زعيم الحق نسترجع المجدا "

*

نشر الرفيق محي الدين في اوائل الخمسينات قصيدة ثورية بعنوان "تيوسها" فلاحقته السلطات اللبنانية مما اضطره للانتقال الى البقاع، حيث قطن بلدة "السلطان يعقوب" متولياً فيها ادارة المدرسة.

وهذه هي القصيدة:

تيوسها

بلاد بحمل الذلّ ترضى نفوسها وينخر في عرق الفضيلة سوسها

موجهها للمجد أعظم مجرم وقائدها خاوي الضمير خسيسها

قليل عليها النعش حتى يضمها قليل علينا بالنعال ندوسها

وقائلة صف لي زعيمك علني أجدد روحا للحياة مسيسها

فقلت زعيمي للمكارم ربها وقلت زعيمي للقلوب أنيسها

مبادئه درب الحياة طويلة وأقواله درب الهدى ونفيسها

أتانا وللجلاد فينا تعسفٌ وجلجلة الأغلال يدوي حسيسها

فانقذنا والهم يطفو عيابه ومركبة الأحرار ظل رئيسها

وكانت على الآلام تطوى ضلوعنا فأمست على الآمال يهفو رسيسها

ومن عجب الأيام والأرض أرضنا وأفلاكها أفلاكنا وشموسها

يعيش الزعيم الحر فيها مشرداً وينعم في حكم البلاد تيوسها

بني وطني ثوروا على الظلم ثورة تزلزل فيها للطغاة رؤوسها

فيا ويح للطغيان إن جدّ جدنا وزوبعتي الحمراء هبّ خميسها

على دينها نستقبل الموت بسمة ونملك أعناق الورى وندوسها

هوامش (1)من الرفقاء المناضلين. من ابناء وسكان حي بيضون – الاشرفية. وتولى مسؤولية مدير مديريته.

(2)تأسست في اواخر الاربعينات. كانت منفذتها الرفيقة فايزة معلوف انتيبا، وكانت وراء اقامة الحفلات الاجتماعية في تلك الحقبة.

(3)استشهد في بيروت في 4 تشرين الثاني عام 1945 إثر عراك مع الشيوعيين سقط لهم أثناءه المرحوم ادوار شرتوني.

(4)كانت معتمدة قبل استشهاد سعاده في الثامن من تموز 1949.

(5)احد مناضلي الحزب. كما شقيقه الرفيق يوسف. من المريجة (المتن الجنوبي).

(6)نشط في اربعينات القرن الماضي. تولى مسؤولية مدير مديرية الاستقلال(عائشة بكار) في بيروت.

(7)شاعر شعبي معروف، شقيق الأمين عجاج المهتار.

(8)نرجّح أن الأمين جبران جريج كان يتولى مسؤولية منفذ عام بيروت.

بطاقة هوية

من الرفيق ميشال فياض نقلاً عن الأستاذ بسام محي الدين الفيل.

-ولد الرفيق محي الدين الفيل في المصيطبة، بيروت عام 1916.

-انتمى في أواسط الثلاثينات في بيروت وبقي ناشطاً حزبياً الى ان وافاه الاجل.

-اقترن في العام 1955 من السيدة آمنة عبدوني من " السلطان يعقوب " ورزق منها بأربعة أولاد: عمر، رباح، بسام ومنيرة .

-وافته المنية عام 1974، ووري الثرى في جبانة بلدة السلطان يعقوب.

- له تراث أدبي وثقافي، نثراً وشعراً، يغلب عليه الطابع الثوري والوطني والانتقادي، بالإضافة إلى قصائد غزلية.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024