إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الشاعر المهجري الرفيق ناصيف نخلة ملاح

الامين لبيب ناصيف

نسخة للطباعة 2014-07-22

إقرأ ايضاً


عندما يقول العميد الامين سبع منصور المعروف عنه دقته في كل كلمة، والمُقلّ في ابداء الثناء والمديح، عن شاعر عرفه جيداً اثناء اغترابه في اكرا (غانا) انه "من اهم الشعراء الشعبيين"، فهذا يعني ان الرفيق الشاعر ناصيف نخلة ملاح هو كذلك .

*

لم اكن سمعت باسمه، ولا قرأت له، قبل ان يحدثني عنه الامين العملاق، جسداً وروحية، والمجسّد فضائل النهضة في مسيرته النضالية التي يجب ان يحكى عنها وفاءً وتقديراً: الامين رشيد الاشقر.

فالامين رشيد، الى سويته العقائدية واهتمامه الثقافي، ناشطاً في نادي انطلياس ومسؤولاً في هيئته الادارية، يملك احدى اضخم المكتبات الشخصية وارشيفاً في الطابق السفلي من دارته في ديك المحدي، قلّما امكن لفرد ان ينصرف الى جمعه وحفظه وتبويبه.

عن الرفيق الشاعر ناصيف نخلة، افادني الامين رشيد في مقابلة شخصية معه بتاريخ 15/12/2007 انه:

من مواليد مزرعة يشوع عام 1925

والدته: ادما النفيلي، من بيت الشعار

والده من مزرعة يشوع، وكان يعمل في الشام. لذا غادر الرفيق ناصيف اليها للعمل مع والده وعندما عاد الى مزرعة يشوع بات يُعرف بـ"ناصيف الشامي".

- عمل ميكانيكياً للسيارات، وانتخب مختاراً لبلدة مزرعة يشوع وله من العمر 27 عاماً.

صدر له ديوانان شعريان:

- افتراس

- انا وانا

- غادر الى اكرا عام 1952 للعمل مع نجيب زخور، الذي كان يملك افراناً، ثم انصرف الى تجارة الاخشاب.

- لم يتول مسؤوليات حزبية، انما كان يلقي قصائد قومية اجتماعية، في كل المناسبات الحزبية.

- اقترن بالسيدة روز الطورا، من بيت الشعار ورزق منها:

نسيب وافته المنيه عام 2007

اسد المقيم في اكرا

ونينا المتأهلة من بدوي عبد المسيح والمقيمة مع عائلتها في اكرا.

- وافته المنية في ايار عام 1982 اثر نوبة قلبية .

وقد اوردت جريدة "البناء" الخبر بالقول:

"توفي اثر نوبة قلبية في اكرا (غانا) الرفيق الشاعر ناصيف الملاح، مختار مزرعة يشوع سابقاً، ووالد اسد ونسيب ونينا زوجة بدوي عبد المسيح. للشاعر ديوانان شعريان: "افتراس" و "انا وانا" وديوان تحت الطبع.

والى جانب الخبر نشرت رسماً للرفيق الشاعر الراحل ".

*

وتابعت مع الرفيق الشاعر نبيل ملاح ما يمكن ان تتوفر لديه من معلومات عن الشاعر الرفيق ناصيف نخله فأحالني الى ابن الرفيق ناصيف، اسد المقيم في اكرا. فاتصلت به وكتبت، فوردتني معلومات وقصائد، تغني هذه النبذة عن شاعر فذ، انما كان شبه مغمور، كالكثيرين من ادباء وشعراء بلادنا في المهجر، الذين لم يهتموا بتسويق شعرهم وادبهم في الوطن، ولم تقم وزارات معنية، ومؤسسات ثقافية بالتعريف عنهم.

يفيد ابنه اسد ان والده من عائلة كبيرة في البلدة وكان يتمتع باحترام ومحبة ابنائها، وانه (اسد) في المناسبات، اذ يلتقي احداً من البلدة ويتعرف الى انه ابن "ناصيف الشامي"، كان يبادر الى عناقه والاطراء على ما كان عليه والده من حضور بارز في البلدة، ومحيطها(1).

الامين منصور عازار وصفه في لقاء لنا معه، بالقبضاي. عن ذلك يقول اسد ان والده نقل ذات يوم، احد ابناء البلدة وقد وقع له حادث فيما كان ينجز بناء منزله، الى المستشفى، فامتنعت الادارة عن استقباله، اذ لم يكن يحمل مالاً، فما كان من والده ناصيف الا ان اطلق النار داخل المستشفى مرغماً الادارة على استقبال المصاب وتقديم الاسعافات العاجلة له.

" كان والدي يعلمنا اللغة العربية، وقواعد الصرف والنحو، وهذا ما جعلنا، نينا وانا، نقرأ الشعر بلغة صحيحة " .

*

للمزيد عن الشاعر ناصيف نخلة

كتبت الرفيقة الشاعرة الراحلة حنينة ضاهر(2) مقالين في جريدة "الانوار" عن الرفيق ناصيف نخله.

احدهما(3) بعنوان "من غانا الى الوطن، ناصيف نخله بين ضريحين". عرض شامل عن الرفيق الشاعر، نورده بالنص تعريفاً مضيئاً عن شاعر يجب ان يُعرف اكثر في حزبه، وفي وطنه:

" صياد اللؤلؤ مزقت العاصفة اشرعة سفينته، يغرق في الصمت.. في اللجة السوداء تاركاً على شواطىء الذاكرة امواجاً من الحنين والدموع.

ناصيف نخلة، احد امهر صائغي الكلمة الشفافة والصورة الراقصة والرؤيا المجنحة، مر على هذه الصفحة كهمسة عطر، ووشوشة حفيف، وارتعاشة حب، يعود اليها خبراً حزيناً حتى الوجع وذكرى مؤلمة حتى اعمق نبضات الوفاء.

ناصيف نخلة الذي عاش 59 سنة كما "ديوجين" ها هو يلملم اشرعته ويبحر الى شواطئ مجهولة متابعاً البحث لعله يجد ضالته: الحق والحب وعلى شفتيه اجوبة حائرة:

ولا تسأليني الحق وينو منزوي ! الحق بضمير الناس خاطر معنوي

وان كان مطلق صوت مفهومو القويم ما اخذ حق الضعيف من القوي

وحقك اذا عمتنشدي لنفسك عديم بيظل مع اهواء نفسك ملتوي

وحقك اذا عمتنشدي لشعبك عظيم حق الامم في حق فرض وجودها

تحيا على حق الامم متطرفي!!

*

ذلك القلب الكبير الذي عاش يبحث عن الحب توقف بعدما اكتشف ان الحب الذي تعارف عليه الناس هو انانية. اما الحب الذي يفهمه هو فهو:

... ولا تسأليني الحب كيف بينوجد! الحب يقظة عاطفة وهاتف جسد

الحب رغبة نسل في حب البقا وغاية وراء استمرارها سر الابد

وان كان معنى الحب نظرة بلا لقا وقيمة وجودو بقلب عن قلب ابتعد

هالحب لا غاية شريفة ولا نقا هيدا انانية نفوس تعمدت

تقتل باسم الطهر قصد العاطفة!!

*

الشاعر الرقيق الذي عاش عمره يقدس الجمال ويغنيه، صمت وعلى شفتيه هذه الانشودة:

...ولا تساليني كيف بيكون الجمال! احساس نفسي وصوت تحديدو محال

في كل عين بقلبها منو دليل وفي كل نفس بعمقها منو ظلال

قلبك بيوحي لعينيك الجميل وبيجسدو في خاطرك بعد الخيال

وفهم الجمال بشكل واضح مستحيل الشكل مهما تبينو عيون البشر

بتحددو اهوائها متخالفي الحق والحب والجمال اقانيم ثلاثة

*

هي الابرز في حياة ناصيف نخلة ومنها تفرعت جميع قناعاته الباقية كقناعته بالعدالة التي هي:

ولا تسألي وين العدالة حدودها اسئلة بتصعب عليي ردودها

كلمة عدالة ترضيه لفقر البشر اما الغني متحرر من قيودها

ومهما العدالة بوصفها يصيغوا صور الانسان بدو يظل يتظلم اخاه

وطايفه بتظل تنحر طايفه

*

اما قناعته بموضوع الغفران فكانت:

الغفران بدعة علموها للبشر تا تزيد وتقوي الخطايا بالقلوب

المذنب اذا بيعرف ذنوبو بتنغفر بيعود ليها بعدما عنها يتوب

ومن يوم ما الغفران بالدين انتشر صارت خطايا الناس مع مر السنين

تتكاثر بظل العباده الزايفه

*

قناعات شاعر

هذه القناعات توصل اليها ناصيف نخلة وسجلها وهو في مطلع الشباب. فكيف يمكن لشاب دون الثلاثين ان تتكون لديه هذه القناعة التي عادة ما تكون وليدة حياة صقلتها التجارب والاختباراتز

ذلك ان ناصيف نخلة كان منذ نشأته ظاهرة فكرية غريبة. ففي المرحلة التي تمتد ما بين العاشرة والعشرين من عمره كان عطاؤه الشعري يتفجر كالشلال الهادر: قصائد نشرت في المجلات الزجلية. روايتان زجليتان "شفاه متمردة" و"بين ضريحين" مثلّتا على اكثر من مسرح ولعبت بطولتهما النسائية ماري عطايا ونهوند، مجموعة شعرية باسم "افتراس" قصائد شقت طريقها الى الاذاعة اللبنانية عبر صوت المطرب ميشال سمعان.

من خلال جميع ما كتبه ناصيف نخلة في الوطن ومغتربه الافريقي غانا، التي هاجر اليها وهو في مطلع شبابه، يبرز السؤال الكبير: هل ان ناصيف نخلة شاعر؟

اذا كان الشعر هو الوزن والقافية وغزارة الانتاج واغراق الصحف والمجلات بالنشر لاحتلال اكبر مساحة من دائرة الضوء الاعلامي وبريق الشهرة، فان ناصيف نخلة لم يكن شاعراً اطلاقاً، لان ناصيف نخلة لم يكتب الشعر حتما، اجل. انه لم ينظم شعراً. لم يتخيل احداثا تجسدها الكلمات الموزونة المقفاة. فناصيف نخلة هو الشاعر الوحيد الذي لم يرتبط مع الوحي بمواعيد ولقاءات. ففيما يفرغه على الورق من احاسيس لا يحتاج الى مناخات واجواء خاصة كبقية صانعي الكلمة.

الطبيعة الساحرة، زقزقة العصافير، زرقة السماء، همس السواقي، حفيف الاغصان، كل هذه الموحيات لا تعني له شيئاً. ان ما يربطه بالشعر لم يكن اهدافا يسعى الى تحقيقها او ابعادا يحاول اختراقها. كل ما يفعله انه يسجل احداثاً مرت به او مر هو بها، وحينما يتعرض لحدث ما يترك في داخله اثراً مفرحاً كان او محزناً، لا فرق. يصبح هذا الاثر كالميكروب الخبيث يتجدد في احساسه يوماً عن يوم الى ان يجسده بكلمات فيستريح. لذلك لم يكن ما كتبه ناصيف نخلة شعراً بالمعنى المجازي بقدر ما هو اشياء نلمسها، نحسها، نتذوقها، نراها مجسدة. الكلمة على شفتيه هي حياة تنبض. تتحرك. تقهقه حيناً. تنزف احياناً. واحياناً كثيرة تتوجع وتصرخ غضباً. ولكنها في جميع الاحوال ثائرة متمردة كانها الاعصار الجارف.

مواصفات كلمته قد تكون مرتبطة بمواصفات طبيعته الخاصة التي لا نجد لها وصفاً مناسباً الا في الطفولة، اجل الطفولة بكل ما تحتويه من براءة وتمرد وفوضى ودلع. ناصيف نخلة عاش عمره طفلاً ارعن يملأ الدنيا صراخاً للحصول على لعبة اعجبته ولكن ما ان يحصل عليها حتى يحطمها بحبه العنيف وشوقه اللامبالي، ثم ينحني عليها يناجيها باكياً نادماً:

داعبت زهرة فل: صرخت امها عن نهدها المسمر ايدك لمها

لا شفافها لمعنى الحياة تبسموا ولا عبير الحب عطر كمها

وبّخَتني وكنت من خمر الفجور سكران، متحجر باعماقي الشعور

قضّي الليالي حول بستان الزهور تا اخدع الزهرة الجميلة وشمها

يا ما ليالي صرفتها بين الربى قطّف زهور وعود انثرها هبا

وما عرفت كيف وعيت من حلم الصبا مذهول وملون ضميري بدمها

يا ريت فيي طهّر ليالي الشباب الماضيه: وانقُذ ضميري من العذاب

وكل زهرة نثرتها بين التراب غرّق جفوني بالتراب ولمها

هذا الطفل الكبير كان كبقية الاطفال يحس ويعبّر عن مشاعره بطريقته الخاصة. انه يبكي عندما يتألم، يترغل عندما يكون فرحاً. يصرخ عندما يغضب او يجوع. وهو في جميع الاحوال ليس مسؤولاً عما يفعل. انه يمارس طبيعته. وناصيف نخلة نفسه كان قد سبقنا الى معرفة طفولته، بهذا المقطع من قصيدة "قالب السكر" حيث يقول:

....! لكن الشاعر طفل ما بيكبر بدو بأيدو لو كمش فرفور

يكبس جناحو بورقة الدفتر

*

ثم تعود الطفولة الطائشة الكامنة في اعماقه بكل ما تحويه من براءة لتقول بوضوح محبب وتضحية رائعة:

وانت قصدي تكوني حجر محفور تمثال، لا بيحكي ولا بيشعر

بضحّي معك عمري بكهف مهجور اعبد حلى تمثالك الاسمر !

*

هذا الشاعر الذي يرتفع في هذين البيتين الى اسمى مراتب التصوف والعشق الروحي، لا يلبث الطفل المشاغب في داخله ان يصرخ وقد جُوبه بلؤم الخيانة:

قصتك ... يمكن انا وسكران طلعت عا فشة خلق قدامي

يا ما على زنودي مرق نسوان ما ظل حلوة بذكر ايامي

ويا ما على شفافي حرقت دخان ما كنت مرة صمّد قرامي !!

*

الصورة تتغير بتغير الانفعالات والاحاسيس وتختلف باختلاف الدوافع والاسباب .

لطالما اتهم بعض المتزمتين، شعر ناصيف نخلة بالاباحية والتطرف، ولكن هذا لم يكن يعنيه بشيء، فناصيف نخلة كان واحداً من القلائل جداً المؤمنين بفاعلية الكلمة وصدقها لذلك فهو عندما يريد تصوير حدث ما، كان يصوره بمنتهى الصدق والواقعية والجرأة. لا يموّه، لا يكذب، لا يدجّل، لا يعهر الكلمة. وهو في جميع ما صوره من وقائع حقيقية لم يكن يهدف، بالاضافة الى صدقه مع نفسه، الى التشويه، بقدر ما كان يهدف الى ابراز الوجه الاخر من الصورة وتوضيح الحدث لطرح العبرة المتوخاة .

كما سنرى في هذه الصورة التي يعالج فيها موضوعاً اجتماعياً بمنتهى العمق والجرأة فيقول بلسان امرأة غيّرت اسمها عندما اضطرّتها ظروف معينة لان تبيع نفسها للشيطان، وكانت تجيبه على اتهامه الظالم بهذا المقطع من قصيدة "رباب"، احدى اروع ما كتبه ناصيف نخلة:

بخاف تجرح كلمتي كبر الفقير ان قلت كان الفقر علّة هالمصاب

لو بستحي، ما بستحي بذبح الضمير وعرّي التراب واطعمو لجوع التراب

بستحي من طفل يغرق بالسرير عبـرضّعو بالليل فضلات الذياب

*

وبقدر ما كان صادقاً مع كلمته كان صادقاً مع عاطفته. اذا احب، اعطى كل ذاته فلا يبقى له شيء، ولكن اذا اصطدم بخيانة او غدر، خنق نداء حبه وداس على قلبه واغلق اذنيه عن كل تبرير او اعتذار، فمغفرة الخيانة لم تكن واردة في حسابه اطلاقا. من هنا كان جوابه لها عندما التقاها بعد فراق طويل، ولم يتعرف اليها، وعندما عرّفته بنفسها اجاب:

بحياة عينك لا تسميها بيفتح بقلبي جرح ماضيها

ولا تكذبي تقولي انا هيي ما بصدّق ولا بغش عينيي

من زمان هيي دفنتها فيي من بعدما انت قتلتيها

دفنتها وما قدرت انسيها.. وبعدني لليوم ببكيها

واليوم انت مين ما كنت بحب "هيي" وبكرهك انت

واكثر ما بكره بعدما خنت تعودي لعندي عايشه فيها

*

الى مثل هذا التمسك المستميت بالصورة المشرقة التي كانتها "هي" في خياله يصل الشاعر في التشبث بكرامته وكبريائه.

اذا كنا تعمّدنا ان نخصص الجزء الكبير من هذا الحديث عن ناصيف نخلة الشاعر، فلان الشعر بالنسبة الى ناصيف كان قبل كل شيء، بل كان كل شيء في حياته. كان قضيته الكبرى التي يستميت في الدفاع عنها، والحرب من اجلها. الشعر ككل وشعره بنوع خاص كان كل وجوده. هو شخصيته الفريدة التي لم تتلون.

وجهه الذي لم تشوهه الاقنعة المزيفة، هو الجمال الذي كان ينشده في كل ما تتحسسه عيناه ويحلم به خياله الشفاف، وهو الحب الذي عاشه وترشفه حتى اخر قطرة من دمائه، واخر خلجة نبض وارتعاشة حس في عروقه.

لذلك لم يكن يعنيه رأي الناس في ما يخربش على الاوراق من مشاعر واحاسيس، لا يهمه ان يقرأ الناس ما يكتب. لا يعنيه ان يصنّفه النقاد بالشاعر الطليعي، او الشاعر الكبير، او الى اخر المعزوفة من التقويم والتصنيف التي يتوّج بها بعض الشعراء دواوينهم الشعرية، لان الشعر كان قضيته وحده. كان يكتبه لنفسه اولاً، ثم "لها"، فعندما طبع مجموعته الاولى "انا وانا" سنة 1960 سئل: كم نسخة تريد ان تطبع؟ فاجاب: اثنتان فقط، واحدة لي وواحدة لها، حتى اسم المجموعة يؤكد هذه الانانية الشعرية!.

*

الغائب الحاضر

اذا اطلقنا وصفاً معيناً على ناصيف نخلة الغائب الحاضر، ما وجدنا له انسب من عمر بن ابي ربيعة القرن العشرين. كما نتخيل شخصية عمر عبر سيرة حياته، فناصيف نخلة باطار طاقته كان يسير على الطريقة نفسها، لا يتقيد برأي عام، لا يعترف بتقاليد او اعراف متبعة. فالتسع والخمسون سنة التي شلحها عن كتفيه كانت هي هو بالضبط .

ناصيف نخلة المبحر في المجهول المغرق بالصمت، ماذا ترك لنا ؟؟

*

حياة وقضية

كلمة لن تموت وحبا لا ينطفىء وذكرى لا تزول :

وافضل ما نختتم به كلامنا عليه، هو هذه الامنيات التي قد يكون بعضها قد تحقق:

وقفت نفسي قبال نفسي تقول مين حضرتك؟ تاجاوب بمنطق رزين

انسان.. فوق الارض شالحني القدر تاعيش من فضلاتها وعد السنين

لو كنت صخرة جامدة جامدة في منحرف وادي بعيد، بقطع وجودي شقف

وكنت ببني من قطع صدري غرف يِحْتموا فيها اليتامى اللاجئين

لو كنت في مركب سفر قطعة خشب خانو هياج الموج في ليله وقلب

كنت.. او بيكون لوجودي سبب ناقل طفل صغير لشاطىء الامين

لو كنت كسرة خبز يشلحها غني لجْايع فقير لظلم دهرو منحني

بأجل رحيلو يوم عن وجه الدني بلكي بيوم بينبدل وضعو الحزين

لو كنت مين ما كنت بين الكائنات الا انا .... بشعر بنبل الواجبات

لكن انا عالارض شلحتني الحياة تا عيش من فضلاتها وعد السنين

(ختام مقال الرفيقة حنينة ضاهر)

***

هوامش

(1) وردتني لاحقاً معلومات من ابنه المواطن اسد، اضفتها الى ما كان اورده الامين رشيد في

النبذة الشخصية عنه.

(2) رفيقة، وشاعرة مميزة. احتلت مكاناً رفيعاً في عالم الشعر الشعبي، كتابةً وحضوراً على المنابر.

صدر عنها بعد رحيلها ديوان شعري بعنوان "الديوان" جمع منتجات لها، نثرية وشعرية.

(3) المقالة الثانية بعنوان "ناصيف نخلة والرؤيا المجنحة: طفولة شعرية تستوحي عمر بن ابي ربيعة، من شاطئ

الذهب .

*

قصيدة الشاعر ناصيف نخلة الملاح بمناسبة اول اذار اكرا – غانا

لاي سبب يا رفاق لبنان اننكب وتحولت ارزاقنا رماد وحطب

لايا سبب اكبادنا راجت وقود منصير نسأل بعضنا ونحنا السبب

لولا اقتدينا كلنا بابن الخلود ولو تعلّمنا ودرسنا ما خطب

ما كان ضل بشعبنا واحد حقود ولا كان في ببلادنا بيت انخرب

ولو بدل ما تكون المعابد للسجود تكون مطرح توعية وعلم وادب

كنا لغينا الطائفية من الوجود وما حدا عالتذكرة دمو انسكب

كيف صرنا شعب نقتل في برود والحب كيف بقلبنا تحول غضب

يا خجلة الاحفاد من فعل الجدود يا خجلة التاريخ ان عنا كتب

نحنا بجبل لبنان في اعلى الجرود نحنا روافد سوريا نحنا العرب

لا الطائفية ولا الفرنج ولا اليهود بيفسدوا في دمنا طهر النسب

وان كان بدّو الناصري نعمل جنود وحدودنا نزيّن بصلبان الخشب

واجب علينا قبل نجتاز الحدود نطهر تراب الارض مطرح ما انصلب

واجب علينا كلنا اخوة نعود وما يضل بين قلوبنا حقد وعتب

وضد اليهود بشعبنا نقوي الصمود ونفدي الوطن في دمنا عند الطلب

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024