دانت وزارة الخارجية السورية المواقف الصادرة عن «وزير خارجية نظام آل سعود» والتي عرّت بشكل كامل الدور التدميريّ للمملكة الوهابية «ملهمة الفكر التفكيري الظلامي في العدوان على سورية».
وأضاف بيان الوزارة أنّ « النظام السعودي الهارب من العصور الوسطى والذي لا يستند إلى أيّ شرعية دستورية والملطخة يداه بدماء الشعبين السوري واليمني، هو آخر من يحق له التحدث عن الشرعية والمشروعية. لأنه، وببساطة، فاقد الشيء لا يعطيه».
الردّ السوري جاء على خلفية تصريحات وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في مؤتمر صحافي مشترك جمعه ووزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف في موسكو. إذ نقض الجبير كافة الالتزامات التي قدّمها وليّ وليّ العهد ووزير الدفاع محمد بن سلمان خلال لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حزيران الماضي، والتي أكدها وزير الخارجية الروسي خلال المؤتمر الذي جمعه والجبير، أول من أمس، بقوله إن المبادرة الخاصة «بتشكيل تحالف لمحاربة الإرهاب» كان قد قدّمها وطرحها وزير الدفاع السعودي، وبالتالي هي ليست مبادرة روسية، أمرٌ يؤدّي إلى استنتاج مفاده أن وزير الخارجية السعودي انقلب على تعهدات وزير دفاع بلاده ووليّ وليّ العهد، قبل أن ينقلب على التفاهمات المبرمة مع موسكو، أو ما يمكن تسميته بالتبنّي الروسي للمبادرة السعودية والثقة الزائدة بكلام أمراء آل سعود. هذه الثقة التي طرحت على شكل مبادرة في اللقاء الذي جمع وزير الخارجية السوري وليد المعلم بالرئيس بوتين والذي قدّمها مباشرةً للإعلام بإنشاء تحالف بين «السعودية وتركيا وإيران وسورية»، يومذاك، قال المعلّم إن الأمر يحتاج إلى «معجزة» سواء أمام الصحافيين خلال لقائه بوتين، أو في المؤتمر الصحافي الذي جمعه ووزير الخارجية لافروف.
هي المعجزة التي لن تتحقق، وخطوات بناء الثقة مع دولٍ دمّرت سورية ولا تزال على نهجها الحالي، وهو ما يفسّر بدقة بيان وزارة الخارجية السورية الذي جاء على خلفية تأكيد الجبير على «عدم وجود أي تغيير في سياسة المملكة تجاه سورية» وتأكيده «أن بلاده تحارب الإرهاب»، وهو ما أحرج الوزير الروسي الذي بدا منفصلاً عن الواقع في توصيفه نتائج مباحثاته مع نظيره السعودي وتحديداً في الملف السوري. هنا، إن بيان وزارة الخارجية السورية وبقدر ما يحمله من توصيف دقيق وردّ واضح على هذا الصلف السعودي، فهو موجّه إلى الروس الذين اندفعوا في التقاط المبادرة السعودية في سورية والتي بالفعل أطلقها محمد بن سلمان، وإلا لماذا حصل اللقاء بين اللواء علي مملوك ووزير الدفاع السعودي برعاية روسية؟ ولماذا تكلم بوتين حول الحلف على الإرهاب مباشرةً أمام الصحافيين؟ ولماذا اجتمع لافروف بنظرائه الأميركي والقطري والسعودي في الدوحة؟
وجّهت الخارجية السورية اللوم إلى الروس ووضعت الأمور في نصابها داعيةً بشكل غير مباشر إلى التحفظ المبدئي أقلّه حتى اختبار النيات السعودية الفعلية من أي مبادرة حتى لو قدّمت من جانب الحكام في الرياض، فهؤلاء ما زالوا على انخراطهم في حرب تدمير سورية ومواقفهم يجب أن تقترن بما هو أبعد من التصريحات، أو أقله يجب أن تكون واضحة ولا تحتمل التفسير إن كانت هناك رغبة حقيقية في تغيير المسار السعودي في سورية.
في المقابل، لا يمكن فصل البيان الحاد لوزارة الخارجية السورية عن التطورات الأخرى الخاصة بالملف السوري وفي مقدّمها المبادرة الإيرانية التي حملت نقاطاً إشكالية لا يمكن أن تصدر عن دولة شاركت سورية الحرب الكونية منذ سنوات أربع، فكيف يمكن وقف إطلاق النار وما الهدف من المساواة بين الدولة السورية وكافة المجموعات الإرهابية المسلّحة الأخرى الموجودة على أرض السورية بما فيها «داعش» و«النصرة» و«أحرار الشام» وغيرها؟ وما الغاية من الحديث عن طمأنة المجموعات الإثنية والطائفية في سورية عبر دستور يراعيها؟ وفي الأساس لماذا تأتي المبادرات من قبل المحور الذي تنتمي إليه الدولة السورية؟ هل صرنا في موقف ضعيف حتى نقدّم تنازلات مجانية؟
المؤكد أن التغيّر في المزاج الدولي من سورية يعني مراجعة مسار الحرب، والقبول بما هو واقع على الأرض، وهذا أمرٌ بدأ ولن ينتهي. فالحرب لم تأتِ بأي نتيجة والدولة السورية باقية، لكن التفاوض أو التأسيس له وفي هذا التوقيت لا يستوجب من كافة الأطراف تقديم تنازلات مجانية هذا ما تريده واشنطن وتمارسه وتتقنه، وهكذا يجب أن تكون جميع الأطراف، ولنا في بيان الخارجية السورية المثال.
|