تحرّكت الولايات المتّحدة الأميركية مرة جديدة على خط إعادة تصنيع الملف الكيميائي في سورية، تصريحات لمسؤولين أميركيين تهدّد بإعادة استخدام الخيار العسكري، وتتحدّث عن «أسلحة جديدة» تغمز من قناة الدور الروسي وطبيعة الاتفاق بين كيري ولافروف في صيف عام 2013، حول نزع السلاح الكيميائي في سورية.
إعادة إنعاش الخط الأحمر الأميركي الذي وضعته إدارة أوباما في سورية، ترافق مع اتهامات لإدارة ترامب بالسير على خطى أوباما في الملف السوري، ومحاولة الإدارة الحالية، على لسان وزير الخارجية ريكس تيلرسون، وضع استراتيجية أميركية جديدة في سورية ترتكز على النفوذ الميداني لتحقيق المصالح الأميركية في سورية، على الرغم من إجماع النخب الأميركية على «عدم واقعية زيادة القوات الأميركية في سورية» وفق صحيفة «واشنطن بوست».
إنّ الصراع الروسي الأميركي والأولوية التي باتت تحتلّها روسيا في رأس قائمة الأخطار التي تتهدّد الأمن القومي الأميركي، يعيد الساحة السورية إلى واجهة الاشتباك، وليس كما يرى البعض تدنّي أهمية الملف السوري في العلاقات بين الدولتين، وبالتالي سيكون ساحة للتهدئة من أجل التفرّغ للمواجهة في ملفات أخرى، فالمؤكد اليوم أنّ الميدان السوري سيكون الأكثر سخونةً هذا العام على المستويين العسكري والسياسي، وذلك في ظلّ المؤشرات التالية:
– ورقة الحلّ السياسي «اللا ورقة» التي قدّمتها الولايات المتحدة فرنسا بريطانيا الأردن – المملكة العربية السعودية، لمواجهة ما يمكن أن يتمخّض عنه مؤتمر سوتشي من طرح أوراق عمل. هذه الورقة التي تشير إلى عدم تخلي الغرب عن أهدافه في سورية.
التلاقي الفرنسي – الأميركي حول سورية، وباكورة قرارات مجموعة الاتصال الدولية التي دعا إليها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والتي اجتمعت في الرابع والعشرين من الشهر الماضي وقرّرت إطلاق «شراكة دولية ضدّ الإفلات من عقاب استخدام الأسلحة الكيميائية». في هذا السياق نقلت صحيفة «لوموند» عن دبلوماسي فرنسي رفيع المستوى قوله إنّ «الخلافات ضئيلة بين رؤية فرنسا وتلك التي عرضها وزير الخارجية تيلرسون في 17 من الشهر الماضي».
التصريحات الأميركية حول الملف الكيميائي السوري والتي استبقت بحملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل الميليشيات المسلحة في الغوطة الشرقية على وجه الخصوص، وذلك بهدف منع الجيش السوري من أيّ تقدّم في هذه المنطقة الحساسة الملاصقة للعاصمة دمشق، والتغطية على جرائم الميليشيات المسلحة بحق سكان العاصمة وتحديداً الأحياء الشرقية فيها.
إصدار الإدارة الأميركية «لقائمة عقوبات الكرملين» وهي خطوة تصعيدية تكشف أولوية الخطر الروسي في العقل الاستراتيجي الأميركي.
الموقف الغربي الذي أدّى إلى مقاطعة الإئتلاف وهيئة التفاوض وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي لمؤتمر سوتشي.
الإصرار على جنيف ومرجعيته، وإفشال أيّ مسار سياسي موازٍ له حرصاً على عدم نزع الحجج التي يتذرّع بها المنادون بانخراط عسكري أميركي مباشر في سورية في مرحلة ما بعد داعش.
إنّ المرحلة القادمة في سورية هي مرحلة تصعيد، وكلما اقتربت الحرب من نهايتها زاد تعقيد الأمور، وذلك بسبب عدة عوامل أهمّها تقارب خطوط التماس بين القوى الدولية والإقليمية المتصارعة على الأرض، وغياب اليافطات التي شكّلت حججاً للتدخل العسكري المباشر، وهو ما يدفع باتجاه البحث عن يافطات أخرى للصراع سواء بإعادة تصنيع الملفين الإنساني والكيميائي، أو الحديث عن استراتيجيات موحدة ومجموعة اتصال دولية، والتأسيس لكتل في مواجهة كتل أخرى.
|