في معظم بلدان العالم، هناك ضرائب تُفرض على الناس، لكن مقابل هذه الضرائب هناك خدمات جمّة توفرها الحكومة لمواطنيها، ورغم ذلك تعتبر كلّ زيادة ضريبية أمراً بالغ السوء.
في لبنان هناك ضرائب متعدّدة، بما في ذلك الضريبة على القيمة المضافة، لكن من دون أيّ مقابل تقدّمه الدولة لمواطنيها، لا استشفائياً ولا صحيّاً ولا تعليمياً، حتى الكهرباء التي تكلّف المليارات، لا تضيء العتمة إلا ساعات قليلة في اليوم، ما يضطر المواطن أن يلجأ إلى أصحاب المولدات فيدفع ضريبة من العيار الثقيل.
ليس في الضريبة ما هو منافٍ للقانون، لكنها تصبح حكماً غير قانونية وباطلة، عندما تفرض على الناس من دون أيّ مسوّغ. علماً أنّ لبنان لم يشهد ومنذ سنوات طويلة، إنْ لم نقل منذ تأسيسه، سياسات اقتصادية ـ اجتماعية ترقى الى مستوى تحقيق العدالة الاجتماعية، ولم يتقدّم خطوة واحدة باتجاه إقامة نظام الرعاية الكاملة، خصوصاً على المستويين التعليمي والصحي. ما يعني أنّ كلّ زيادة ضرائبية، هي غير محقة، وتعتبر شكلاً من أشكال «التشليح»، بقوة القانون.
وعليه من حق الناس أن تتظاهر وتغضب وترفع الصوت عالياً رفضاً لأيّ ضريبة، لأنّ لبنان هذا بنظامه الطائفي لم يقدّم لهؤلاء الناس شيئاً من الخدمات، وآثر عدم السير في اتجاه إنمائي تنموي، وقوّض كلّ استقرار اجتماعي واقتصادي ومعيشي. وهو باسم سلسلة الرتب والرواتب التي هي حقّ مشروع للموظفين، يذهب لقضم هذه السلسلة بالضرائب قبل إقرارها.
ما تقدّم هو الحقيقة والواقع، لأنّ السلطة في لبنان أعجز من أن تقوم بأيّ عمل يصبّ في خدمة الناس عامة، لأنّها محكومة بمنطق النظام الطائفي ومحميّاته، لذلك فهي حين تقرّر أن تعطي سلسلة رتب ورواتب بيد، فإنها تمدّ اليد الأخرى لفرض الضرائب وسلب حقوق اللبنانيين. أما وقف الهدر ومحاربة الفساد ووقف السرقات، فهذه بنود إصلاحية، والإصلاح ليس أولويتها.
يبقى أمر غاية في الأهمية، وهو أنّ كلّ حراك شعبي يرفع لواء مطالب محقة، يجب أن يبقى حراكاً عفوياً يعبّر بصدق عن المعاناة. والمعاناة هي هوية كلّ حراك صادق ومعبّر.
لكنْ، ما هو مؤسف، أنّ بعض وسائل الإعلام، تستثمر كما أهل النظام في المعاناة، من خلال إعطاء أيّ حراك هوية غير هويته الأصلية، ومن خلال جعل أصوات الناس، وسيلة استهداف لهذا الفريق أو ذاك!
كفى خفة… كفى تلاعباً… رفض الضريبة الظالمة حق، والتظاهر بشرف ومسؤولية حق أيضاً.
|