تعيد عملية باب العمود في القدس المحتلة، تسليط الضوء على مقاومة حاول العدو الصهيوني وأدها بما ملكت يمناه ويسراه من عتوّ وإرهاب.
منفّذو عملية القدس الشهداء أسامة عطا وبراء صالح وعادل عنكوش، من قرية دير أبو مشعل التي يواجه أهلها الاحتلال والاستيطان، قصدوا باب العمود وارتقوا شهداء، فأعادوا للمقاومة وهجَها وألقها، وأكدوا بدمائهم أنّ المقاومة نبض حياة، ليس في قاموسها تفريط، ولا مساومات.
عملية باب العمود، ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، لكنها في هذا الوقت بالتحديد، تحمل الكثير من المعاني، والمعنى الأساسي هو أنّ الفلسطينيين على اختلاف فصائلهم مقاومون، وأنّ المقاومة ليست حكراً على هذا الفصيل أو ذاك، وما من أحد يستطيع تسييرها على إيقاع المصالح السياسية، لأنّ المقاومة مصلحة وطنية بامتياز، لا تُدجَّن ولا تُسيَّس.
إنها عملية استعادة مقاومة فلسطينية حاول البعض إعطاءها هويات جهويّة، بينما هي متجذّرة في الوجدان القومي، وهي خيار شعبنا ووسيلته من أجل التحرير والعودة.
العدو الصهيوني يفهم جيداً ما تعنيه العملية، أهدافاً وأبعاداً، لذلك لجأ في الآونة الأخيرة إلى تنسيق البيانات الصادرة باسم تنظيم «داعش»، في سياق محاولات العدو التي ترمي إلى شيطنة المقاومة ووصمها بالإرهاب.
المسؤولون الصهاينة، وفي مقدّمهم رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، يتّهمون رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بأنه «يدعم القتلة»، في حين أنّ عباس لا يحرّك ساكناً ضدّ ما يقوم به الاحتلال من عمليات قتل وتهجير وتهويد واستيطان. وبعض المسؤولين في السلطة، صاروا «تطبيعيين» حتى العظم، ولدرجة لا يتردّد فيها جبريل الرجوب عن التخلي عن حائط البُراق للصهاينة، ولدرجة أنّ حماس باتت هي الأخرى «مضطرة» لتحديد سقوف مقاومتها بما لا يتعارض مع وثيقتها الجديدة. تلك الوثيقة التي صدرت بطلب من قطر، وقبل أن تطلب قطر من قيادات حماس مغادرة أراضيها بفعل الضغوط الخليجية المستمرة!!
وعدُ البراق الذي نفّذه ثلاثة من المقاومين الأبطال أسامة عطا وبراء صالح وعادل عنكوش، يعيدنا بالذاكرة إلى ثورة البراق، وإلى ثلاثة أبطال أعدمهم الاستعمار البريطاني في 17 حزيران 1930، وهم الشهداء محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطـا الزير. أولئك الشهداء لم تكن لديهم أية ارتباطات، سوى ارتباطهم بفلسطين ودفاعهم عن كلّ ذرة من ترابها.
…وعد فلسطين، ليس خطباً سياسية يطلقها البعض لإنكار تدخله في شؤون بعض الدول العربية لحساب دول أخرى، فهذا البعض يعلم أنه تورّط، ولذلك فإنّ المطلوب فكّ كلّ ارتباط مع الدول المتآمرة على فلسطين وأن يكون كلّ الفلسطينيين على نهج المقاومة وخيارها من أجل التحرير والعودة.
|