تقول الولايات المتحدة الأميركية إنها موجودة لمحاربة تنظيم «داعش» الإرهابي، لكنها عملياً، لم تنفذ مهمة واحدة جدّية، ليس لأنها عاجزة عن توجيه ضربات قوية وحاسمة ضدّ هذا التنظيم الإرهابي، بل لأنها تريد إبقاءه قيد الاستخدام على نية تحقيق أهداف وضعتها، وخرائط رسمتها. وهذا يعني أنّ «التحالف الدولي» الذي تقوده ليس لمحاربة «داعش»، بل لمنع «داعش» من الانهيار والسقوط.
واشنطن وحلفها وحلفاؤها لا يخوضون حرباً فعلية ضدّ «داعش»، بل حرباً إعلامية تتوسّل تحقيق هدف إسقاط الدولة ومؤسساتها، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإنّ القصف الذي نفذته الطائرات الحربية الأميركية ضدّ مواقع الجيش السوري في جبل الثردة بدير الزور، تزامن مع هجوم كان ينفذه تنظيم «داعش» على المواقع ذاتها، وقد تمكّن من السيطرة على تلك المواقع بفعل الدعم الجوي الأميركي له.
المؤازرة الأميركية لـ «داعش» لا تقتصر على منطقة بعينها، فالصواريخ الأميركية التي استهدفت مطار الشعيرات العسكري في حمص، تزامنت مع هجمات إرهابية كان ينفّذها التنظيم الإرهابي في بعض مناطق ريف حمص، وتذرّعت واشنطن بأنّ قصف الشعيرات، هو ردّ على «كيماوي خان شيخون»، وبالمناسبة فإنّ تحقيقاً جدياً حول «الكيماوي» لم يبدأ برغم إصرار الدولة السورية وحليفها الروسي على إجراء التحقيق وتحديد المسؤوليات.
الآن ومع وصول الجيش السوري الى حدود مدينة دير الزور الإدارية، فإنّ «داعش» يحتاج حكماً الى الدعم والمؤازرة، وهذا سبب كافٍ حتى يخرج المتحدث باسم الرئاسة الأميركية شون سبايسر ببيان يزعم فيه أنّ بلاده «ترصد استعدادات سورية لشنّ هجوم كيميائي آخر»، مطلقاً تحذيراً للرئيس بشار الأسد والجيش السوري بأنهما «سيدفعان ثمناً باهظاً»!
هذا الموقف الأميركي ليس مجرّد تحذير وحسب، بل هو في أساس استراتيجية الحرب الأميركية، ويكشف نيات واشنطن، وما يمكن أن تفعله بذرائع شتى لعرقلة تقدّم الجيش السوري باتجاه مدينة دير الزور، على غرار محاولة إعاقة تقدّمه باتجاه منطقة التنف.
خطورة الإعلان الأميركي تظهر جلية في ردّ الفعل الروسي، حيث شدّد ديميتري بيسكوف الناطق الصحافي باسم الرئيس الروسي، على أنّ الكرملين لا يعرف ما هي أسس بيان البيت الأبيض… ورفض قطعياً عبارة «هجوم جديد»، مضيفاً «لم يجر هناك أيّ تحقيق دولي غير منحاز في المأساة الأخيرة خان شيخون رغم مطالب الجانب الروسي كافة. ولذلك لا نعتقد أنه من الممكن تحميل القوات المسلحة السورية مسؤولية ذلك».
أميركا تمهّد من خلال بيان البيت الأبيض لإطلاق أكذوبة كيماوية جديدة، واتخاذها ذريعة لعدوان تنفذه ضدّ الجيش السوري، لكنه يبقى من دون أية نتائج، خصوصاً في ظلّ إصرار الجيش السوري وحلفائه على مواصلة الحرب ضدّ الإرهاب.
الأكيد أنّ صواريخ أميركا وأكاذيبها وأحلافها كلّها لا توازي رؤية الرئيس بشار الأسد، وهو يتجوّل في مدينة حماة ويعود الجرحى ويتفقد قاعدة حميميم. إنّها الرسائل السورية الأبلغ والأقوى.
|