انتهت الجولة الثامنة من مفاوضات جنيف، من دون أية نتائج، ذلك أنّ ما يُسمّى معارضات سورية، ذهبت إلى هذه الجولة بشروط مسبقة. وهذا ما لم تقبله الحكومة السورية، لأنّ الميدان السوري حُسِم عسكرياً لصالح الجيش السوري. وبالتالي فإنّ الشروط المسبقة التي وضعتها مجموعة الرياض تعبّر عن موقف رعاتها الذين ما زالوا يتوهّمون تحقيق ما عجزوا عنه في الميدان بالمفاوضات.
بعد طيّ صفحة الجولة الثامنة لمفاوضات جنيف، وسقوط شروط معارضات الرياض خرج المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا ليتحدّث عن أنّ سورية معرّضة للتفكك في حال عدم التوصل إلى سلام، ومانحاً المعارضات شهادة القبول بالتفاوض المباشر وموجّهاً الاتهام إلى الوفد الحكومي السوري بأنه غير جاهز لهذا الأمر. وهذا اتهامٌ مجافٍ للحقيقة، لكون أنّ أيّ مفاوضات مباشرة تستدعي التسليم بمرتكزات الحوار وأولوياته، وهذا لا يزال غير محسوم عند المعارضات التي تُدار من دول راعية للإرهاب.
والسؤال ما هي دوافع دي ميستورا من وراء حديثه عن عدم جاهزية الوفد الحكومي السوري، والعودة إلى نغمة تفكّك سورية؟ علماً أنّ دي ميستورا نفسه أعلن قبل أيام قليلة موقفاً مغايراً، حيث طلب من المعارضات تخفيض سقوفها، مؤكداً أنّ تغيير النظام في سورية يكون عبر الدستور أو الانتخابات. ومحذّراً المعارضة من أنّ فشل جنيف يعني استبداله بسوتشي ، فـ ما عدا مما بدا حتى يستبدل دي ميستورا تحذيره للمعارضات باتهام الوفد الحكومي السوري بعدم الجاهزية؟
ما هو واضح أنّ سجل المبعوث الأممي حافل بالمواقف المتطابقة كلياً مع مواقف الدول التي ترعى المعارضات والإرهاب، وموقفها الأخير هو نتيجة ضغوط مارستها هذه الدول، والتي على ما يبدو اعتبرت إعلان الرئيس الروسي سحب القوات من سورية، تراجعاً عن دعم الدولة السورية ومؤازرتها، علماً أنّ بوتين أكد استمرار الدعم والمؤازرة إذا ما عاد الإرهاب مجدّداً.
على أية حال، فإنّ حديث دي ميستورا عن تفكّك سورية في حال لم ينجح مسار جنيف هو مجرد فقاعات وجرعات دعم للمعارضات، كي تواصل رفع السقوف، لكن الواقع هو غير ذلك، خصوصاً بعدما حقق الجيش السوري وحلفاؤه انتصارات كبيرة، جعلت مخطط التقسيم والتفتيت مجرد وهم غير قابل للتحقيق.
ما هو أكيد أنّ موقف دي ميستورا يعكس مواقف الدول التي تخشى تعثر جنيف، وبالتالي سقوط كلّ رهانات رعاة الإرهاب، خصوصاً أنّ سوتشي الروسية تستعدّ لاستقبال من يريد الذهاب إليها مسلّماً بواقعية الانتصار السوري على الإرهاب وبأنّ وحدة سورية وحدة تامة لا تمسّ…
|