باستراتيجية واحدة متراصّة ومتكاملة، تواجه سورية الإرهاب ورعاته على جبهات عدة. فإلى جبهة المجموعات الإرهابية في الغوطة الشرقية وإدلب وغير مكان، هناك جبهة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، وهذا التحالف يقدّم الدعم للإرهابيين وينفّذ غارات جوية تستهدف مواقع الجيش السوري والقوى الرديفة، وهناك جبهة العدوان التركي على منطقة عفرين السورية، وجبهة العدوان الصهيوني التي شهدت سلسلة من الغارات الجوية على مواقع سورية، عدا عن الدعم الذي تقدّمه «إسرائيل» للمجموعات الإرهابية. وإلى الجبهات الآنفة الذكر، جبهة الفجور الذي تمارسه أميركا وحلفاؤها عبر إطلاق اتهامات ومزاعم باستخدام سورية للأسلحة الكيميائية، وحصار المدنيين…!
هذه الجبهات الخمس المفتوحة ضدّ سورية، متلازمة في سياقاتها، ومتناغمة في أهدافها، وما يظهر من تباينات واختلافات بين جبهة وأخرى، لا سيما بين واشنطن وأنقرة، هو مجرد تكتيكات لاحتواء التناقضات. فالأميركيون يستخدمون عناصر ومجموعات يصنّفهم الأتراك إرهابيين، وهذا ما يحتم على الجانبين الأميركي والتركي تظهير الخلاف بينهما لتقطيع المرحلة ولتحقيق أهداف مشتركة. ومن هنا أهمية ونجاعة الاستراتيجية السورية الواحدة في التصدّي للإرهاب ورعاته.
على جبهة المجموعات الإرهابية، يحقق الجيش السوري وحلفاؤه إنجازات كبيرة، ويدرك رعاة الإرهاب أنّ استمرار العمليات العسكرية السورية بوتيرة عالية يعجّل في حسم هذه الجبهة لصالح الدولة السورية.
أما الجبهة التي يتولاها العدو الصهيوني، فإنها لم تعُد جبهة ضاغطة، كما كان الحال قبل القرار السوري الحاسم بالردّ واعتراض الصواريخ «الإسرائيلية» وإسقاط الطائرات المعادية.
وعلى جبهة العدوان التركي على عفرين، وبعد 26 يوماً على بدئه، بات واضحاً أنّ الاتراك يترنّحون ويواجهون مأزقاً صعباً. فإسقاط الطائرة «الإسرائيلية» في العاشر من شباط الحالي، أعاد تذكير تركيا بالموقف الذي أعلنه نائب وزير الخارجية السورية الدكتور فيصل المقداد في 18 كانون الثاني 2018، وقوله: «ننبّه إلى أنّ قوات الدفاع الجوية السورية استعادت قوّتها الكاملة وهي جاهزة لتدمير الأهداف الجوية التركية في سماء الجمهورية العربية السورية». والتطورات تشي بأنّ هذه الجبهة قد تُقفل عندما يقرّر الجيش السوري دخول عفرين.
أمّا جبهة التحالف الدولي بقيادة أميركا، فهي الأخطر، لكونها تشكل قاعدة الدعم للجبهات الأخرى المفتوحة ضدّ سورية، ومن خلالها تريد الولايات المتحدة فرض احتلالها المباشر لأجزاء من الأرض السورية وإقامة قواعد عسكرية لها.
وإلى الجبهات الأربع، تشتعل جبهة الفجور الذي تمارسه أميركا وحلفاؤها في المحافل الدولية، بإطلاق المزاعم والاتهامات ضدّ سورية، وعلى هذه الجبهة يتمّ تشغيل الأبواق والأدوات، بذرائع الحصار والتجويع وحقوق الإنسان، وتتبرّع دول لتقديم مشاريع قرارات الى مجلس الأمن بهذا الخصوص، في وقت يتجنّب مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا، أمام مجلس الأمن الإشارة إلى الاحتلال الأميركي لأراضٍ سورية ويبرّر لتركيا عدوانها على عفرين.
وعلى هذه الجبهة، فإنّ سورية وحلفاءها يواجهون الفجور والمزاعم بالحقائق والوقائع، وبالتالي لن يحقق رعاة الإرهاب غايتهم من الفجور، ولا التأثير على مسارات الحلّ السياسي.
|