ما إن شاع أنّ هناك مقترحاً روسياً بإقامة مناطق لتخفيف التصعيد في سورية، حتى تجدّدت الرهانات على مشاريع المناطق الآمنة، فتمّ إخراج المقترح الروسي عن سياقاته المرتبطة حصراً بتثبيت وقف النار الذي تمّ الاتفاق عليه في أستانة، واستخدم من أجل إعاقة كلّ جهد يُسهم في تهيئة أرضية توصل إلى حلّ سياسي للأزمة السورية.
روسيا التي تدعم الدولة السورية في الحرب ضدّ الإرهاب، لم تدّخر جهداً في سبيل التوصل الى حلّ سياسي. وفي هذا السياق يأتي مقترح إقامة مناطق «تخفيف التصعيد». وهو محدّد بفترة زمنية، ويلزم المجموعات التي تطلق على نفسها اسم «معارضات» بأن تحارب التنظيمات المصنّفة إرهابية، داعش والنصرة والمجموعات المرتبطة بهما… .
لكن، ما يسمّى «معارضات» ستحاول استغلال المقترح الروسي لتكريس مناطق أمر واقع خارج سلطة الدولة، ولذلك رفعت سقف شروطها، ما يؤكد بأنها تلقت أمر عمليات من رعاتها، لتحويل مناطق تخفيف التصعيد إلى مناطق آمنة. وهذا ما لا تقبله الدولة السورية ولا يتوافق أصلاً مع الجهود الروسية المبذولة لتثبيت وقف النار وتحقيق الهدف الذي تسعى إليه روسيا. وهو فصل المجموعات المصنّفة إرهابية عن تلك غير المصنّفة والتي انخرط بعضها في مسار أستانة.
إنّ عودة الحديث عن المناطق الآمنة التي تطالب بها تركيا في مناطق معيّنة، أو تلك التي تريدها واشنطن، يقوّض المساعي الرامية إلى تثبيت وقف النار وإجراء محادثات بين الدولة السورية والمجموعات المسلحة، تصل إلى نتائج شبيهة بتلك التي تحصل في مناطق سورية عدّة، بما يؤمّن بسط سلطة الدولة على كلّ الأماكن التي خرجت عن السيطرة بفعل الحرب الإرهابية التي تشنّ ضدّ سورية.
المقترح الروسي، وإن حظي بتأييد الولايات المتحدة المنشغلة بتعزيز حضورها العسكري في الشمال السوري، وإن كان متفقاً عليه بين موسكو وطهران ودمشق إلا أنه لن يستمرّ طويلاً إن هو ذهب في اتجاه يناقض غايته ومراميه، خصوصاً أنّ خيار الحسم العسكري له الأولوية، لأنه يشكل أداة الضغط الفاعلة لجلب ما يُسمّى «معارضات» إلى طاولات المفاوضات تماماً، كما حصل بعد الإنجاز الكبير المتمثل بتحرير حلب، والذي أدّى إلى انعقاد لقاءات أستانة، بما يؤكد أنّ الكلمة الفصل هي للميدان… ولا شيء غير الميدان.
|