التواريخ المشؤومة لا تحدث عن طريق الصدف، حيث لكلّ حدث سبب، ووراء كلّ مشكلة طرف، ومعظم الأطراف موصولة بخارج يعمل، ويخطط، لتحقيق مصالحه.
اللبنانيون بسوادهم الأعظم يعتبرون الثالث عشر من نيسان، تاريخاً مشؤوماً، وهم يعرفون جيداً مَن كان سبباً له ومَن كان طرفاً فيه ومَن كان محرّضاً ومخططاً للوصول له.
اللبنانيون، يعرفون الكثير، وهم يأملون الخلاص، والخلاص يبدأ بإسقاط هذا النظام الطائفي المذهبي المقيت، ويتحقق عن طريق إقامة دولة المواطنة المدنية الديمقراطية العادلة والقوية.
إنّ دولة القانون والعدالة تتأسّس على قوانين عادلة ومنصفة، فلماذا يريد البعض تأبيد القوانين الطائفية الجائرة التي هي سبب رئيس لكلّ الحروب والصراعات؟
لماذا يرفض البعض قانون انتخابات يقوم على مبدأ النسبية، في حين أنّ اعتماد النسبية ليس فيه إقصاء لأحد، ولا استئثار من أحد، النسبية باختصار تكفل صحة التمثيل وعدالته.
لماذا التهديد بالويل والثبور وعظائم الأمور، كلّما لاحت في الأفق فرصة للتخلّص من قوانين الاستئثار والاستعباد والجشع الطائفي والمذهبي؟
المنظومة الطائفية شديدة الخطر على البلاد، خصوصاً عندما تتزيّا بزيّ غير طائفي. فبلاغات الأمس التي انتشرت في الشارع، بعضها حمل رسائل مشفّرة، وبعضها الآخر مفردات تذكّر بماضٍ مضى. المشهد، وإنْ بدا مزيجاً بين الاستعراض وعرض العضلات، إلاّ أنّ الشارع لا يميّز بين الاثنين، فهو لم يكن يوماً ممسوكاً، كما أنّ الأرصفة مسكونة بشياطين الشرّ الذين يتربّصون بكلّ استقرار.
لبنان لا يحتمل «خضات»، ولا لهو هواة، ولا اهتزاز استقرار… فكفى بلطجة طائفية، لأنّ هذه البلطجة تقود إلى المجهول.
الطائفيون في لبنان هذا يطلبون قانوناً طائفياً يلغي الآخر غير الطائفي. أما نحن اللاطائفيين فنريد قانوناً يحقق صحة التمثيل ولا يلغي أحداً، وما نطلبه هو الحق والعدل.
إنّ كلّ تحريض من شأنه أن يلحق الأذى بالاستقرار والسلم الأهلي، ليس مقبولاً تحت أيّ ذريعة أو اعتبار.
أما وقد تمّ وأد استعادة التاريخ المشؤوم، بما أقدم عليه رئيس الجمهورية، إلا أنّ المطلوب وأد الطائفية التي هي سبب كلّ الويلات والفتن والحروب.
|