الإعلان عن فتح «سفارة افتراضية» للعدو الصهيوني في الخليج، يؤشر إلى أنّ التطبيع بينه وبين بعض الدول العربية بلغ ذروته، وأنه حصل على الأذونات التي تخوّله اختراق المجتمعات العربية، تحت مسمّى «السفارة الافتراضية».
هذا الاعلان وإنْ حمل الصفة الافتراضية، لكنه جاء في سياقات التطبيع وهو يقوم على أرضية واقعية، وقد أميط اللثام خلال السنوات القليلة الماضية، عن عمليات تطبيع جارية بين كيان العدو وبعض الدول الخليجية، وعن اتصالات ولقاءات سرية بين مسؤولين صهاينة وآخرين خليجيين، جرى خلالها التنسيق أمنياً وعسكرياً لدعم ومؤازرة المجموعات الإرهابية في سورية. واستتبع ذلك بزيارات متبادلة سرية وعلنية، لم تكن آخرها الزيارة التي قام بها رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو الى سلطنة عُمان، في إشارة واضحة إلى أنّ التطبيع الرسمي بين العدو وبين عدد من دول الخليج بات منجزاً، وسبق لنتنياهو أن أشار اليه في أيلول 2017، عندما أكد بأنّ «هناك تعاوناً على مختلف المستويات مع دول عربية لا توجد بينها وبين إسرائيل اتفاقات سلام، وهذه الاتصالات تجري بصورة غير معلنة، وهي أوسع نطاقاً من تلك التي جرت في أيّ حقبة سابقة».
إذاً، التطبيع بين العدو الصهيوني وبعض الدول الخليجية لم يعد محصوراً في النطاق الرسمي، بل تعداه إلى البدء بعملية اختراق مجتمعات الدول المطبّعة، ولهذا الغرض أعلن العدو فتح سفارته الافتراضية في الخليج كخطوة على طريق التغلغل الانغماسي في داخل المجتمعات العربية!
ولأنّ الأنظمة المطبّعة لم تعد تشعر بالحرج من تطبيع علاقاتها مع العدو، فإنّ أيّ اختراق تحققه «السفارة الافتراضية» مهما كانت نسبه، سيحوّلها إلى سفارات فعلية، وهذه هي الخطة الموضوعة لتدجين شعوب الدول المطبّعة، وهذه أخطر حلقات التطبيع التي تؤدّي الى نجاح صفقة القرن وتصفية المسألة الفلسطينية.
وعليه، فإنّ المطلوب إعمال الوعي في المجتمعات العربية بوجه الغزوة الصهيونية، وإطلاق حراك شعبي رافض للتطبيع، وتحميل الأنظمة المطبّعة المسؤولية عن تقديم التسهيلات للعدو من أجل اختراق المجتمعات العربية.
وإعمال الوعي لمواجهة خطر التطبيع، لا يقتصر على مجتمعات الدول المطبّعة، بل يجب أن يشمل كلّ دول العالم العربي، رفضاً وتصدّياً لأيّ فكرة أو موقف أو تصريح يتحدث عما يُسمّى «حق «إسرائيل بالأمن»، خصوصاً أنّ «إسرائيل» كيان غير طبيعي، وهي قوة غاشمة غازية تحتلّ فلسطين.
وإذا كان التطبيع مع العدو يشكل خطراً وجودياً على العالم العربي برمّته ولا بدّ من مواجهته، فإنّ التصريحات التي تتحدث عن أمن العدو، تثير الريبة، أياً كان مطلقها، وحذار من تسلل هذه الثقافة إلى النطاق الذي هزم العدو الصهيوني بالمقاومة.
|