حين كشفت روسيا عن المسار الذي سلكته صواريخ «توماهوك» الأميركية التي استهدفت مطار الشعيرات السوري، وبأنّ هذه الصواريخ عبرت الأجواء اللبنانية، كان يُفترض بلبنان الرسمي أن يُقيم الدنيا ولا يُقعدها، إدانة لهذا الانتهاك الأميركي السافر للسيادة اللبنانية، خصوصاً أنّ لبنان لم يكن على بيّنة من أمر عبور الصواريخ العدوانية.
لبنان الرسمي آثر الصمت حيال هذا الانتهاك الفاضح لسيادته، لكن رئيس حكومته سعد الحريري، كسر حاجز الصمت ليس نصرة لسيادة بلده، بل لتأييد الهجوم الأميركي، ووضعه في سياق الردّ على كيماوي خان شيخون!
هذا الموقف، أعاد طرح أسئلة كبيرة، حول معنى السيادة ومفهومها وأركانها، وكيف يفهمها الحريري، وكلّ من يشاطره الموقف؟ ولماذا لم يُشِر الحريري إلى الانتهاك الأميركي لسيادة لبنان؟
إنّ من يعتقد أنّ سيادة لبنان جزء من السيادة الأميركية، وأنّ عبور الصواريخ الأميركية لضرب سورية، ليس فيه انتهاك لهذه السيادة، هو مخطئ حتماً، فلبنان ليس ولاية أميركية، ولا هو مستعمرة أميركية ولا مستوطنة صهيونية، وعلى الذين لا يدركون هذه الحقيقة عليهم أن يستذكروا كيف استطاع لبنان أن يهزم نيوجرسي وقوات الاحتلال الصهيوني.
السيادة الوطنية التامة، ليست كما يفهمها الحريري وسمير جعجع ومَن معهما. فمن أجل السيادة والكرامة والحق قدّمت المقاومة في لبنان عشرات آلاف الشهداء، وخاضت معارك التحرير من بيروت إلى الجبل فالجنوب. وهذه المقاومة بكلّ قواها وبثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، تريد بسط سيادة كاملة غير منقوصة، من خلال تحرير ما تبقى من أجزاء محتلة، ومن خلال ردع العدوانية الصهيونية وحماية سماء لبنان وبحره وبرّه من أيّ انتهاك والدفاع عنه عند كلّ تحدّ وفي كلّ حين.
وعليه، فإنّ الجولة الإعلامية التي نظّمتها العلاقات الإعلامية في حزب الله، في المناطق اللبنانية المحاذية لفلسطين المحتلة، حيث يقيم الاحتلال الصهيوني مواقعه وتحصيناته، هي جولة تحت سقف السيادة اللبنانية، وأهمّيتها أنها كشفت بوضوح بأنّ العدو يقيم تحصينات دفاعية، لأنه يخشى من عناصر قوة لبنان. كما أنّها أسقطت ذرائع بعض اللبنانيين، الذين يهوّلون على اللبنانيين بعدوان «إسرائيلي» ويزعمون أنهم يحمون لبنان من خلال تعمشقهم بشمّاعة القرار 1701.
ويبدو أنّ هذا البعض من اللبنانيين، فهم من جولة الإعلاميين رسالة، ولهذا السبب اشتاق الحريري إلى قوات اليونيفيل في الجنوب، ليوصل من هناك رسالة، بأنه ليس معنياً «كحكومة» بما حصل! وليؤكد «نحن كدولة واجبنا حماية السيادة والحدود»، لكن المفارقة أن السيادة لم تعنِ له شيئاً، حين انتهكتها صواريخ التوماهوك الأميركية؟!
|