مذكرة مجموعة الرؤساء الخمسة اللبنانيين إلى قمة البحر الميت العربية، تحمل إشارات بالغة السوء، لأنها تستحضر عناوين هي محلّ خلاف واختلاف بين القوى اللبنانية، وتطعن استباقياً بموقف لبنان في القمة العربية،. ما يطرح أسئلة عن غايات أصحاب المذكرة بإعادة لبنان الى مربع العناوين الخلافية؟
قد لا يجد المراقب صعوبة في فك شيفرة التقاء مجموعة الخمسة السابقين على صيغة مشتركة ووضعها بتصرف القمة العربية من أجل استخدامات تظهر لاحقاً. فأحد أعضاء المجموعة هو من أصحاب نظرية الحياد ووارثي مقولة «قوة لبنان في ضعفه»، وسبق له أن وقّع اتفاق 17 أيار مع العدو «الإسرائيلي»، في حين أنّ هناك عضواً آخر استثمر حالة الانقسام وتمرّس بتشويه صورة لبنان في المحافل العربية والدولية، باطلاق مواقف مناقضة لموقف رئيس الجمهورية، وفي المجموعة أيضاً مَن ابتدع سياسة «النأي بالنفس»، والتي لا تختلف في جوهرها عن سياسة الحياد والضعف…
واضح أنّ هناك قواسم مشتركة بين مجموعة الخمسة + مذكرة، وأنّ ما جمعهم ووحدهم، شعور مشترك بـ «الغبن»، لعدم تمكّنهم من القيام بأدوار ومهامّ كاملة، في حين أنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون رسم لرئاسته خطاً بيانياً واضحاً ودوراً مكتملاً، وهذا الدور غير المنقوص، من شأنه أن يعرّي أصحاب الأدوار النصفية والأفعال الناقصة.
أبعد من ذلك، فإنّ مذكرة الخمسة اللبنانيين ليست «قوطبة» على ما سيقوله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قمة البحر الميت وحسب، بل تستهدف إعادة خلط الأوراق لبنانياً. وما من داعٍ للتذكير بأنّ القرار 1559، كان بمثابة الزلزال الذي صدّع لبنان بوحدته، ولسنوات مقبلة! واللافت أنّ مجموعة الخمسة تؤكد التزام القرار المشؤوم، من دون أن تتنصّل من مفاعيله الهدّامة.
مجموعة الخمسة + مذكرة، تدرك أنّ ممارسة الضغوط على رئيس الجمهورية لثنيه عن مواقفه تجاه المقاومة، تبقى مجرد محاولات ميؤوس منها، لكنها بالتأكيد ستُحرج آخرين، وافقوا المجموعة سراً على خطوتهم، لكنهم يتجنّبون البوح بمواقفهم علناً.
في كلّ الأحوال، ليس مهماً التفتيش عما إذا كانت المذكرة تلبّي رغبة هذه الدولة العربية أو تلك، أم أنها نتيجة إملاءات دولية، وتحديداً أميركية، المهمّ هو تعطيل فتيل المذكرة، لأنها ترمي إلى إشغال لبنان بعناوين خلافية، وتستهدف تعميق الانقسام… بل إنها أولى إشارات التربّص بالعهد… ولبنان.
|