تشنّ تركيا عدواناً على الأراضي السورية، وتقصف بطائراتها والمدفعية مناطق مأهولة بالسكان، تمهيداً لاحتلالها، وهي غير عابئة بمواقف الإدانة العربية والدولية المندّدة بعدوانها.
نظام أردوغان الإرهابي أطلق على عدوانه الغاشم اسم نبع السلام ، زاعماً محاربة الإرهاب والحرص على حماية الشعب السوري وحقوقه ، ولكن الوقائع تكذّب المزاعم، فالنظام التركي الإرهابي كان في طليعة الدول التي رعت الإرهاب ودعمته. ونظام أردوغان هو المسؤول عن تدريب آلاف العناصر الإرهابية ونقلها إلى داخل الأراضي السورية لقتل السوريين منذ العام 2011 إلى اليوم. ولذلك فإنّ هذا النظام التركي المجرم والقاتل، هو نبع الإرهاب.
أما بعض الدول وأشباه الدول التي تُطلق اليوم مواقف إدانة للعدوان التركي، فهي بالأمس، على مدى تسع سنوات تقيم شراكة كاملة مع نظام أردوغان الإرهابي بهدف إسقاط سورية وقتل السوريين وتشريدهم، ولذلك لا معنى لكلّ مواقف الإدانة التي تصدر عن دول اشتركت في العدوان على سورية.
أما الولايات المتحدة الأميركية، فهي بذريعة محاربة الإرهاب شكلت قوة إسناد للمجموعات الإرهابية من داعش إلى النصرة إلى كلّ تنظيم إرهابي ـ انفصالي تمرّد على الدولة السورية وحاربها. كما أنّ الولايات المتحدة تشكل اليوم قوة إسناد لتركيا في عدوانها على الأراضي السورية، وذلك منذ أن عقدت إدارة دونالد ترامب ونظام رجب طيب أردوغان الإرهابي اتفاقاً على إقامة ما يسمّى منطقة آمنة في شمال سورية، وهو الاتفاق الذي بدأ تنفيذه منذ لحظة اتخاذ الإدارة الاميركية قراراً بالتخلي عن التنظيمات الكردية التابعة لها، وسحب القوات الأميركية من مناطق الشمال السوري، مانحة نظام أردوغان آلية تطبيق للاتفاق الأميركي ـ التركي وضوءاً أخضر بشنّ العدوان على الأراضي السورية!
ولكن، هل الضوء الأخضر الأميركي كافٍ لإقامة المنطقة الآمنة التي تسعى إليها تركيا؟ قطعاً لا. لأنّ أمراً كهذا، لا ترى فيه سورية استهدافاً للتنظيمات الانفصالية التي نفذت على مدى سنوات أجندة الأميركي، بل ترى فيه عدواناً يستهدف سيادة سورية ووحدة أراضيها. وقد جاء الموقف السوري حاسماً، وهو التصدّي بكلّ الوسائل لأيّ عدوان تركي جديد على الأراضي السورية. والموقف السوري، لم يكتفِ بالتأكيد على قرار التصدي للعدوان التركي، بل اعتبر أنّ العدوان يُفقد النظام التركي بشكل قاطع موقع الضامن في عملية أستانة ويوجه ضربة قاصمة للعملية السياسية برمتها . وحمّل التنظيمات الكردية مسؤولية ما يحصل نتيجة ارتهانها للمشروع الأميركي ، ربطاً بالتأكيد على احتضان سورية لأبنائها الضالين.
واضح أنّ قرار إدارة ترامب بالتخلي عن التنظيمات الكردية في شمال سورية، شكّل كلمة سرّ لبدء الهجوم التركي العدواني على الأراضي السورية، لكن، هذا لا يعني أنّ دور أميركا انتهى عند هذا الحدّ، بل هي عقدت صفقة مع تركيا توازي بمفاعيلها صفقة أس 400 بين تركيا وروسيا الاتحادية. وهناك ملحقات سرية للاتفاق الأميركي ـ التركي على المنطقة الآمنة ، تضمن للولايات المتحدة الأميركية تحقيق أطماعها وأهدافها، بدليل أنّ الانسحاب الأميركي اقتصر على مناطق الشمال السوري، ولم يشمل قاعدة التنف ومحيطها.
الحرب الإرهابية الكونية على سورية لم تضع أوزارها بعد. فمعركة دحر الإرهاب وإفشال مشاريع رعاة الإرهاب، التي خاضها ويخوضها الجيش السوري ومعه القوى الرديفة والحليفة وحقق فيها إنجازات وانتصارات كبيرة، هي معركة مستمرة، وستتوّج بإنجازات وانتصارات جديدة في مواجهة العدوان التركي الغاشم.
اما المواقف الدولية التي أجمعت على إدانة العدوان التركي بوصفه انتهاكاً لسيادة الأراضي السورية ووحدتها، وتحدّياً للقوانين والقرارات الدولية، إنّ هذه المواقف الدولية تبقى غير مجدية إنْ لم تعلن صراحة رفع الحصار عن سورية، وممارسة كلّ أشكال الضغوط على تركيا لوقف عدوانها على سورية.
وأما نظام أردوغان الإرهابي، فهو واهم إنْ ظنّ بأنّ عدوانه الجديد على مناطق الشمال السوري سيحقق هدفه بإقامة ما يُسمّى منطقة آمنة تشكل ملاذاً للمجموعات الإرهابية ولتكون مقدمة لاستعادة النفوذ والهيمنة والبطش والاحتلال، أي استعادة توسع الدولة العثمانية. ولذلك فإنّ هذا العدوان التركي الغاشم على سورية يشعل ناراً لن تنطفئ، وستكون المواجهة مفتوحة ولن تتوقف حتى دحر هذا العدوان التركي إلى ما بعد بعد آخر منطقة سورية محتلة. فلنا مع الغزاة الأتراك، العثمانيين الجدد، أرضٌ مستلبة، وحساب قديم قد فُتح…
|