الرسائل التي اقتحمت هواتف آلاف اللبنانيين أمس الأول، احتوت مضموناً تستطيع الناس فهم أهدافه وغاياته، وبالتالي فإنّ وعيهم جعل من هذه تساوي صفراً.
لكن، تزامن الرسائل الهاتفية مع إلقاء أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله خطابه في ذكرى استشهاد القائد المقاوم مصطفى بدر الدين، هو الرسالة بعينها، ومفادها أنّ لبنان ليس عصياً على الخرق، وأنّ من يخرق شبكة اتصالاته، يخرق أمنه ويهدّد استقراره ويقوّض سلمه الأهلي!
والسؤال، مَن هو صاحب المصلحة في توجيه رسالة كهذه؟ ولماذا في هذا التوقيت اللبناني الذي يشهد تباينات داخلية يؤدّي تفاقمها إلى الفراغ إذا لم نقل الهاوية؟
البيان الذي صدر عن وزارة الاتصالات وهيئة «أوجيرو» تحدّث عن تقنية عالية لاختراق الشبكة الهاتفية من خارج لبنان، فرنسا وإيطاليا وسورية والعراق ودول أخرى . ويعتقد البيان «انّ العدو الإسرائيلي هو وراء هذه الاتصالات المشبوهة».
طبيعي أن يكون العدو «الإسرائيلي» وراء أيّ عمل أو خرق عدواني يستهدف لبنان أو أيّ بلد آخر، لكن الأهمّ أنّ مصدر الاتصالات أربع دول تمّ تحديدها بالاسم، ما يعني وجود خلايا تقنية على أراضي هذه الدول الأربع، وهي إمّا تعمل لمصلحة «إسرائيل» أو لصالح أجهزة استخبارية أجنبية، أو حتى لصالح منظومات إرهابية، ولذلك هناك مصلحة كبرى في كشف تفاصيل الخرق كلّها، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحصين قطاع الاتصالات من أية خروق مماثلة، تحصيناً لأمن لبنان وصوناً لاستقراره وحماية لسلمه الأهلي.
إنّ خرق شبكة الاتصالات اللبنانية، أمر غاية في الخطورة، ومن الخطأ فصل هذا الخرق عن خروق عديدة حصلت. فقد سبق أن انكشفت «داتا» الاتصالات أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وصارت متوفرة لدى الدول التي تشغل المحكمة، وسبق أن تمّ الكشف عن محطات إرسال ذات منفعة ومصلحة «اسرائيليتين» نذكر منها محطة الباروك الشهيرة ومتفرّعاتها…
كما هو معلوم فإنّ خرقاً كهذا، يُعدّ شكلاً من أشكال الحروب القذرة التي ترمي إلى إحداث البلبلة. وهو في توقيته يواكب الهجوم الذي يستهدف المقاومة وقواها، تارة بواسطة حملات تشويه صورة المقاومة وطوراً بالعقوبات التي تستهدف طيفاً واسعاً من المحسوبين على بيئة المقاومة.
بعد تأكيد وزارة الاتصالات وهيئة «أوجيرو» بأنّ العدو «الإسرائيلي» يقف خلف هذا الخرق، مطلوب الكشف عن فروع «إسرائيل» المنتشرة في الدول المذكورة، عندها تنكشف الأجهزة الاستخبارية الأجنبية والمنظمات الإرهابية التي تعمل بالتكافل والتضامن لمصلحة العدو «الإسرائيلي»…
وإذا كانت مفاعيل الرسائل الهاتفية المعادية تساوي صفراً، فإنّ إعلان السيد نصرالله انتهاء مهمة المقاومة في الجهة الشرقية للبنان بعد تأمينها كلياً من خطر الإرهاب ستكون له مفاعيل لا شك في أنها ترعب «إسرائيل» وكلّ محورها ومَن يعش يرَ.
|