كثيرة هي الملفات والمشكلات التي على عاتق الحكومة اللبنانية معالجتها، ولكن، السؤال الأهمّ، هل هذه الحكومة عازمة على العمل من أجل إنقاذ البلد من أوضاعه المتردّية على الصعد كافة، أم أنها ستفاقم المشكلات والأزمات؟
صحيح أنّ هذه الحكومة قامت على المحاصصة الطائفية والمذهبية، وبالتالي لا تكتسب صفة الوحدة الوطنية، إلاً أنّ هذا الواقع لا يعفيها من القيام بمسؤولياتها لتحقيق مصلحة البلد ومصالح الناس. فالأشهر التسعة التي أُهدرت في مسار التأليف، راكمت أزمات ومشكلات، وزادت في الأعباء والتحديات الاقتصادية، ولذلك ليس أمام هذه الحكومة، فرصاً لكي تثبت نفسها أمام اللبنانيين، إلا إذا أقدمت على خطوات جادّة تضمن الاستقرار الاقتصادي وتعزّز الأمن الاجتماعي، من خلال تطبيق اتفاق الطائف، أيّ الدستور بكلّ مندرجاته السياسية والاصلاحية.
لا تستطيع الحكومة الجديدة أن تنجح في عملها، إذا لم تنحُ باتجاه قرارات تصبّ في مصلحة لبنان. والقرارات هنا لا تكون استنسابية ومجتزأة، لأنّ كلّ الملفات متداخلة ببعضها البعض، فمعالجة الوضع الاقتصادي، لا تكون بالقروض التي توفرها المؤتمرات الدولية، بل تتطلب تأمين طرق التصدير، لتصريف الإنتاج بأقلّ كلفة ممكنة، وهذا لا يتحقق إلا من خلال التواصل بين الحكومتين اللبنانية والسورية. وكذلك، ملف النازحين السوريين، فالمسؤولون في لبنان يتحدّثون عن أعباء اقتصادية يتحمّلها لبنان من جراء النزوح، وهذا يتطلب أيضاً تواصلاً وتنسيقاً بين الحكومتين.
الحكومة اللبنانية ستكون عاجزة عن القيام بالمعالجات المطلوبة، وهي في موقع النأي بالنفس عن أيّ تنسيق مع نظيرتها السورية. ولذلك فإنها مُطالبة القيام بما هو مطلوب منها من أجل مصلحة لبنان، ومصلحة لبنان، في العلاقات المميّزة مع الشام، وهذا ليس مطلباً وحسب، بل هو من بديهيات واجبات الحكومة اللبنانية، لأنها معنية بتطبيق دستورها، والذي يؤكد على العلاقات المميّزة بين لبنان والشام.
أمام حكومة المحاصصة الطائفية والمذهبية في لبنان، فرصة وحيدة وهي إخراج لبنان من وضعية «النأي بالنفس» التي جعلته طرفاً إلى جانب الدول العربية والاقلمية والدولية التي رعت الإرهاب وموّلته في حربها ضدّ سورية.
استعادة العلاقة المميّزة مع الشام، وتفعيلها مصلحة للبنان.. وهذا هو التحدّي والامتحان للحكومة الجديدة في لبنان.
|