لا يفوّت الرئيس الأميركي دونالد ترامب مناسبة لابتزاز الممالك والإمارات والمشيخات العربية، وهو أعلن قبل يومين خلال لقائه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بأنه ينبغي على الدول الثرية في المنطقة أن تدفع لبلاده مقابل تأمين الحماية لها، قاصداً بذلك السعودية وقطر وسائر دول الخليج التي تجني أموالاً طائلة من عائدات النفط.
إعلان ترامب هذا، ليس الأول، والدول الثرية لا تتأخر في الدفع. فقد سدّدت السعودية فاتورة تقدّر بنحو 400 مليار دولار، وتبعتها قطر بـ 12 ملياراً تحت عناوين صفقات واستثمارات، إضافة إلى مليارات لا تُعدّ ولا تحصى حصلت عليها واشنطن من دون الإفصاح عنها.
في الواقع لا تواجه إدارة ترامب صعوبة في تحصيل الفواتير من «الدول الثرية»، فخزائن المال السعودية والقطرية مفتوحة للولايات المتحدة، سواء طلب ترامب ذلك، أم لم يطلب. كما أن الرياض والدوحة ودولاً خليجية أخرى تتكفّل منذ سبع سنوات بتسديد فواتير الحرب الكونية التي تشنّ على سورية، بما في ذلك تغطية كل المخصصات والنفقات وصفقات السلاح المتطور لصالح المجموعات الإرهابية.
إذاً، ما هي دوافع ترامب من طلبه المتكرّر للمال، وما الهدف من تضمين الطلب بعداً إذلالياً بحق «الدول الثرية» المصنفة حليفة للولايات المتحدة، وأي رسالة أراد ايصالها، بقوله إن هذه الدول لا تستطيع البقاء أسابيع قليلة من دون حماية أميركية؟
من المؤكد أن واشنطن تنظر إلى «الدول الثرية» نظرة دونية ولا ترى فيها سوى دافعة أموال لا أكثر ولا أقل. وعليه فإن إقدام ترامب على إهانة وإذلال حلفائه الأثرياء على مرأى ومسمع الرئيس الفرنسي، هو بمثابة «كرت أحمر» يرفعه بوجه أي دولة غربية أو أوروبية تحاول أن تمدّ يدها على أموال النفط الخليجي. فهذه الأموال مطوية على اسم أميركا!
الكرت الأحمر الأميركي لا يُرفع من فراغ، فقد سبق وأن صدرت مواقف فرنسية، تشي بنية فرنسا إرسال قوات الى بعض مناطق الشمال السوري، والى منبج على وجه الخصوص، وفي حال حصل هذا السيناريو، فإن السعودية ملزمة بأن تدفع لفرنسا لأنها ترى في السيطرة التركية على منبج نفوذاً ضمنياً لقطر!
ما تقدّم يشير الى أن مناطق الشمال السوري تشهد «معارك» نفوذ بين الدول الراعية للإرهاب. وهذه المعارك احتدمت بعد الإنجازات التي حققها الجيش السوري في الغوطة الشرقية والقلمون، حيث نجح في اجتثاث الإرهاب وبتر الأيادي السعودية والقطرية والغربية في هذه المناطق.
لكن، رغم «الاشتباك» الحاصل بين رعاة الإرهاب، يجري التداول في مخططات ترمي الى توزيع المجموعات الإرهابية على المناطق التي لا تزال خارج سلطة الدولة السورية، وفي حال تمّ التوافق على هذا السيناريو فإن الثمن الذي ستقبضه الولايات المتحدة سيحول الدول الثرية الى دول جائعة، ومتى جاعت هذه الدول لا يعود هناك إرهاب.
|