إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

نـســـــــــــــــوه ؟!

الامين لبيب ناصيف

نسخة للطباعة 2015-03-04

إقرأ ايضاً


كانوا يهرعون إليه اذ يشاهدونه في كل مناسبة. يتصلون به كل يوم اربعاء وقد قرأوا له في "النهار" مقاله الاسبوعي، وايضاً كلما ظهر على الكثير من محطات التلفزة، ويتهافتون إليه ليدعونه الى كل محاضرة، او ندوة.

وقسا عليه الدهر ليدخل المستشفى بعد جلطات دماغية، ترافق معها تصرف لئيم، بشع، مقرف ممن كان عليهم ان يبقوا له اوفياء.

وانقطعت الاتصالات الا من نفرٍ اقل من قليل. المئات ممن كانوا يهرعون ويتصلون ويملؤون الساعات ثناءً ومديحاً :"الله، الله يا استاذ جورج"، انكفأوا دون خجل، وتوقفوا عن السؤال عنه،

لا يزوره من كانوا يتوافدون إليه، ويدعونه الى مناسباتهم، لا يتصل به المئات ممن كانوا يتصلون به كلما قرأوا له او استمعوا إليه.

لـقــد نـســـــــوه.

تماماً كما يُنسى كل من يتقدم به العمر، طريحاً في فراش، او في مأوى.

هكذا الكثير ممن عرفَتهم سنوات النضال في مسؤوليات كثيرة، وفي اعتقالات وسجون، استمعتُ إليهم في شيخوختهم، وعرفتُ كيف تعاطى معهم من كان يُفترض ان يتفقدونهم في زيارات او في اتصالات هاتفية، واعرف كم ترك ذلك من جرح عميق لدى زوجاتهم وابنائهم.

منذ ايام اتصلتُ بأحد الرفقاء المناضلين، في صوته بكاء. لقد انقطع عنه من كان يلازمهم كل يوم. كان يقصدهم كل صباح الى حيث يتلاقون، وعندما انقطع، لامراض، ومستشفى فقعود في البيت، انقطعوا.

هذا مصير كل من يقسو عليه الدهر.

فالذين كانوا يهرعون إليه، راحوا يهرعون منه. اذ لم يعد لهم مصلحة معه، ولا فائدة يجنونها من تفقده او السؤال عنه.

لقد نعوهم.. وهم احياء...

*

حييتَ، يا سعاده، تبقى رغم كل شيء.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024