جاء في مقدمة المقالة التي نشرها الصحافي المعروف رؤوف شحوري(1) في عدد جريدة "الانوار" الصادر بتاريخ 29/5/2015 المقتطفات التالية:
" تقسيم سوريا كان هدفا استراتيجياً ثابتاً للقوى العظمى دولياً ولتركيا إقليمياً، قبل قيام الكيان الاسرائيلي في فلسطين وبعده . وهذا ينطبق على ما كان يسمى بـ "سوريا الكبرى" منذ مطلع القرن الماضي على امتداد منطقة "الهلال الخصيب" وكذلك على ما يعرف اليوم بـ "الجمهورية العربية السورية" وأول محاولة جرت لتقسيم سوريا الكبرى بدأت بمحادثات سرية بين الدول الكبرى الثلاث في ذلك الزمان، وهي بريطانيا وفرنسا وروسيا القيصرية، وتبادلت عواصمها وحكوماتها وثائق مشروع التقسيم وبقيت طي الكتمان، بعد محادثات سرية جرت بين اواخر العام 1915 وشهر أيار مايو عام 1916. وعندما أسقطت الثورة الشيوعية الحكم القيصري عام 1917 في روسيا واستلمت الحكم، كشفت عن مؤامرة التقسيم ووثائقها لتقسيم سوريا الكبرى، والتي عرفت لاحقاً بإسم "اتفاقية سايكس – بيكو".
إقليمياً كان اتاتورك قد ورث بقايا الامبراطورية الدولية من مساحة للأرض التركية التي تقلصت كثيراً عما كانت عليه في زمن الامبراطور. وكان ايضاً كقائد عسكري استراتيجي ينظر بتحسب الى خطر قيام كيان عربي قوي على امتداد مساحة الهلال، ويرى من مصلحة تركيا تقسيم هذه المنطقة الى دول عربية صغيرة نسبياً. ووجدت القوى العظمى في ذلك الزمان من مصلحتها إرضاء اتاتورك الذي كان يقود ثورة تغريب لتركيا بعد سقوط الحكم الاسلامي فيها. وعلى هذا الاساس سلخ الغرب أجزاء واسعة من الشمال السوري وضمها الى تركيا، وتمتد من مرسين وطرسوس وقيليقية وأضنة، وصولاً الى ديار بكر وماردين ونصيبين. وكانت جوهرة هذه الهدية الدولية لتركيا هي لواء الاسكندرون، وهو المنفذ البحري لولاية حلب السورية !"
*
لقد اعتدنا في أدبياتنا على موضوع سلخ لواء الاسكندرون وكيليكيا، انما نادراً ما قرأنا في أدبيات الحزب عن سلخ اجزاء واسعة من الشمال السوري وضمّها الى تركيا، ونادراً أيضاً ما سمعنا عن مدن مرسين وطرسوس وقيليقية وأضنة وديار بكر وماردين ونصيبين، فكانها تقع في قارة اخرى، لا شأن لأمتنا بها.
ترى أليس من واجب الرفقاء دارسي التاريخ والحائزين على شهادات متقدمة في هذا المجال، أن يصرفوا اهتمامهم ليكتبوا عن كل تلك المناطق السورية، يشرحون تاريخها ويعرّفون القوميين الاجتماعيين، كما باقي أبناء أمتنا، على حقائق يجب ان تبقى حيّة في الوجدان القومي، فلا ترحل مع الزمن ويلفّها النسيان .
إنها مسؤولية قومية، نأمل أن تحوز على اهتمام المعنيين .
(1) رفيق، نشط في خمسينات القرن الماضي. يصح ان نعرّف عنه في وقت لاحق.
|