ان انت دققت في واقع وطنك بأجزائه الكثيرة المسلوبة، وفي واقع شعبك الرازح تحت كمّ من الامراض التي تفتك في بنيته وتعرّضه لمزيد من التفكك.
وقرأت مجدداً في غاية حزبك، وما يتوجب عليك القيام به من اجل تحقيقها،
لوجدت كم انت مطالَب ان تعطي، وتتفانى وتنصرف بكليّتك الى القضية الخطيرة والعظيمة التي اسسها سعادة ودعا شعبه إليها. ولادركت ان النهضة، كي تنتصر، تحتاج الى من يحترف النضال، وقد قرر ان يعطيها كل عقله وذهنه ووقته ووجدانه وسهره (1) بعد ان كان وعى انها لن تنتصر، وتتحقق وحدة الوطن وتنهض الامة، بهواة يعطون جزءاً يسيراً وبعضاً من اهتمام لحزبهم،
لم يحقق الهواة انتصاراً لاي ثورة في اي مجتمع، انما من قاد الانتصارات فهم محترفو النضال، الذين انطلقوا من وعيهم لواقع شعبهم وللاخطار الجسيمة المحيطة بامتهم، ليقرروا ان نهضة الامة تستاهل ان ينصرفوا إليها، كما الرسل، بكامل وقته وجهده وعقله.
للهواة ان يتسلوا في اي مكان، اما قضية الامة، فلا يمكن ان تتحقق بغير المحترفين الانقياء الصادقين في التزامهم وقد ارتفعوا بوعيهم الى ان يكونوا فعلاً ابناء تلك القضية، لا سائحين في وطنهم، لا تهز اعماقهم معرفتهم ان امتهم مهددة بمزيد من التفكك وربما للاندثار،
اما ان تكون لك عين في الحزب، فيما عيون كثيرة حيث منافعك وراحتك ومباهجك، فهذا امر مباح لمن لا يحمل قضية، انما لا يصح لمن آمن ان كل شيء فيه هو للامة، حتى الدماء...
(1) من القسم: ....وان اسهر على مصلحته.
|