هذه الواقعة كان سردها لي حضرة منفذ عام الارجنتين، الامين انطون كسبو، نقلاً عن الرفيق الراحل قاهر ندور (من بدادا-صافيتا) قال:
كان سعاده في العاصمة بيونس ايرس عندما راجعه الرفقاء معلنين له عزمهم على خوض الانتخابات في احدى الجمعيات التي تضم عدداً كبيراً من الرفقاء والمواطنين، معظمهم من قرى مشتى الحلو، بدادا، كفرون سعاده، نبع كركر وغيرها من قرى مجاورة. كانت رغبتهم ان يخوضوا الانتخابات في لائحة من رفقاء مقابل لائحة اخرى تضم مواطنين، وهدفهم ان ينظّموا في الجمعية انشطة تصب في خدمة الجالية، والوطن الام، بدل هدر الوقت في لعب الورق وما شابه.
وافق سعاده منبهاً الرفقاء الى وجوب احترام المنافسين لهم، فهم ليسوا باعداء، بل مواطنين لنا.
توجه الرفقاء الى الجمعية وكلهم حماس لخوض المعركة الانتخابية، إلا انهم فوجئوا ان الكفة لن تكون لصالحهم، وسيخسرون الانتخابات لا محالة.
قبل لحظات من البدء بالتصويت اتصل احد الرفقاء هاتفياً من خارج مركز الجمعية، برئيس اللائحة المنافسة مبلغاً اياه ان حريقاً اندلع في منزله، مهدداً عائلته التي في داخله. هرع رئيس اللائحة وكثير ممن كانوا معه الى منزله الذي تلتهمه النيران، مما افسح في المجال للرفقاء ان يدلوا باصواتهم، فامكنهم بذلك تأمين فوز لائحتهم بكاملها.
وبسرعة تم تسجيل وقائع الجلسة الانتخابية، فاعلان فوز لائحة الرفقاء.
وسط حالة من الفرح، واطلاق الهتافات، والاناشيد، اسرعوا نحو منزل حضرة الزعيم لينقلوا له الخبر السار.
يتابع الرفيق ندور سرد الواقعة التي حصلت مع الرفقاء اعضاء الجمعية:
" دخلنا الى مكان اقامة الزعيم، فوجدناه جالساً يستمع الى موسيقى التانغو وهو في حالة راحة. استفسر منا عن النتيجة، فاعلمناه بما حصل وما قمنا به وعن المكالمة الهاتفية وكيف دبت الفوضى بينهم وركضوا في حالة هلع شديد الى مكان الحريق المزعوم، وهكذا خلا لنا الجو فربحنا الانتخابات.
" اقول لك، رفيق انطون انني لم اشعر بالخجل وتأنيب الضمير مثل تلك الليلة، فبعد ان عرف حضرة الزعيم بما حصل، اطفأ المذياع ووقف كالجبل وصرخ بصوت جهوري: الان بترجعوا للنادي وتعلنوا سحب القائمة واستقالتها وتسلموا الادارة الى اللائحة الثانية، فنحن لسنا بمحتالين ومدرستنا وحزبنا ونهضتنا لم تؤسس للكذب والنفاق والحيلة، لا بل نحن نهضة اجتماعية والاخلاق قبل كل شيء في حركتنا.
وراح الزعيم يعطينا درساً لن انساه في كيفية التعامل ضمن المؤسسات وكيفية الاحتكاك مع المواطنين والتعامل معهم وكيف ان هذه الطرق لا تؤدي إلا الى زرع الشك في صحة عقيدتنا وصلابة قواعدنا السورية القومية الاجتماعية.
خرجنا من عند الزعيم متوجهين الى مركز الجمعية وكل منا مطأطئ الرأس، ينظر بطرف عينه الى الرفيق الاخر بجواره فيراه صامتاً محمرّ الوجنتين، ووصلنا الى الجمعية لنقدم اعتذارنا عن ما حصل ولنعلن انسحاب قائمتنا رسمياً ".
نعم يا رفيقي انطون. هذا هو سعاده. هذا هو حزبنا. وهذا ما يجب ان نكون.
وكل شيء اخر مناقض لهذا السلوك، خروج على سعاده، على حزبه وعلى التقاليد التي رغب ارساءها، ويجب ان تستمر.
وانتهى كلام الامين كسبو، وما نقله عن الرفيق الراحل طاهر ندور.
|