أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن قلقه من من أنّ الوقت يعارض مصالح تركيا في سورية، وأنّ فشل تركيا في إقناع الولايات المتحدة بإنهاء دعمها للأكراد ورفض موسكو قبول طلب أنقرة منع نفس الأكراد من المشاركة في الجهود الرامية للتوصل إلى تسوية قد تركت أنقرة محبطة.
يبدو انّ الرئيس التركي مصمّم على شنّ عملية عبر الحدود ضدّ عفرين السورية، التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية. وقد أدّى إفشاء الجيش الأميركي انّ التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في سورية يقوم بإنشاء قوة أمن حدودية من أجل القيام بدوريات على الحدود التركية والعراقية، ما زاد من غضب أردوغان مع الولايات المتحدة.
كما انّ مخاوف أنقرة ازدادت حول روسيا بعد ان قالت موسكو انّ الأكراد من المناطق التى تحتلها وحدات حماية الشعب سيدعون الى مؤتمر الحوار الوطنى السورى المقرّر عقده فى وقت لاحق من هذا الشهر. لافروف أكد أيضاً أنّ «الأكراد هم بالتأكيد جزء من الأمة السورية»، وواصل التأكيد على ضرورة «احترام مصالح الأكراد» مع استمرار التحضيرات لمؤتمر الحوار الوطني السوري.
أطلق أردوغان تصريحات غاضبة جعلت الأتراك يتساءلون عما إذا كانت تركيا على وشك مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة في سورية، لكن المتحدث باسم الجيش الأميركي الكولونيل ريان ديلون قال انّ بعثة التحالف بقيادة الولايات المتحدة في سورية لم تشمل عفرين.
وقال ديلون إنّ العمليات ضدّ داعش تركزت على طول وادي نهر الفرات الأوسط وشرق نهر الفرات، بدا وكأنه يلقي الكرة في سلة موسكو، نظراً إلى أنّ الجيش الروسي له وجود في عفرين. غير أنّ تصريحات ديلون تظهر أنّ الولايات المتحدة ستواصل العمل مع وحدات حماية الشعب شرق نهر الفرات في منطقة تقع على طول الحدود التركية وانّ الجيش الأميركي يرسّخ نفسه في المنطقة بهدف البقاء هناك.
تستمرّ الاستعدادات العسكرية المكثفة على نطاق واسع في تركيا وفي شمال وغرب عفرين بالسرعة الكاملة وتشارك وسائل الإعلام التركية في نقل أخبار استعدادات العملية العسكرية التي يجري الإعداد لها على طول الحدود. تعلم تركيا أنّ قوات وحدات حماية الشعب في عفرين كانت تحفر الأنفاق في السنتين الماضيتين بشكل دائم.
شدّدت وسائل الإعلام التركية على أنّ العملية فى شمال سورية تهدف الى تدمير التحالف بين الولايات المتحدة وحزب الاتحاد الديمقراطي وسوف تتوسع فى عفرين باتجاه منبج. صمّمت أنقرة عملية من أربع مراحل حيث ستقوم الطائرات الحربية التركية بقصف الأهداف العسكرية في عفرين، ثم تدخل القوات المسلحة التركية من الشمال والغرب، كما سيتمّ بناء مرافق عسكرية مع دفاعات معززة لتأمين المناطق الخلفية.
وكان مجلس الأمن القومى التركى قد صرّح بعد اجتماع 17 كانون الثاني بأنّ أنقرة عازمة تماماً على بدء عملية عفرين. كما انّ أردوغان حدّد 20 كانون الثاني/ يناير مهلة الهجوم.. أحبطت توضيحات القيادة العسكرية الأميركية رغبة حكومة أنقرة ووسائل الإعلام الموالية للحكومة من أجل خلق تصوّر بأنّ «عملية عفرين ضدّ الولايات المتحدة».
لكن يبدو انّ أنقرة لا تزال تنتظر الضوء الأخضر من روسيا. إذ ذهب رئيس الأركان العامة التركي خولوصي أكار وهاكان فيدان، رئيس الاستخبارات التركية، الى موسكو من أجل نقاش هذه المسألة.
اذ انّ عملية عفرين تحتاج إلى موافقة روسيا تعتقد أنقرة انّ روسيا قد تعطي الموافقة من أجل المضيّ قدماً لبدء عملية قصيرة مع أهداف محدودة. لكنها قد تصرّ أيضاً على أن تسلّم تركيا حكم عفرين إلى الدولة السورية بعد إبقاء القوات التركية في المنطقة لفترة قصيرة. لا سيما أنّ أنقرة في حاجة ماسة إلى نصر عسكري للاستهلاك السياسي المحلي.
هل تجرؤ أنقرة على بدء عملية عسكرية دون موافقة روسية؟ يمكن أن يتمّ ذلك، ولكن بتكلفة باهظة، وأكبر خطر يتمثل في أن تصبح الاشتباكات صراعاً عسكرياً طويل الأمد ومدمّراً في منطقة يبلغ عدد سكانها 200.000 نسمة.
إطالة أمد العملية يمكن ان يضرّ أردوغان سياسياً في الانتخابات الرئاسية لعام 2019، لهذا السبب لن تبدأ تركيا المعركة من دون دعم روسيا. التي انْ وافقت ستفتح المجال الجوي لعفرين إلى تركيا، التي ستحتاج، إلى دعم جوي.
لكن موسكو كانت قد نشرت في عفرين حوالي 300 جندي روسي، من غير المحتمل ان تبدأ تركيا عملية طالما انّ الجنود الروس ما زالوا هناك. ووفقاً لمفاوضات السلام في أستانة، كانت تركيا ستقيم 14 مركزاً للمراقبة العسكرية حول إدلب، لكنها كانت بطيئة جداً في هذه الجهود لكنها لم تفعل بل أقامت 4 مناطق فقط. لم تكن موسكو راضية عن الأداء التركي لذلك أعطت الضوء الأخضر للجيش السوري لشن هجمات شمال إدلب.
تعتقد روسيا أنّ أنقرة لم تف بوعودها إعادة تشكيل المعارضة غرب الفرات لتصبح عنصراً متماسكاً وفصل الجماعات المسلحة عن الجماعات المتطرفة التابعة لهيئة تحرير الشام. ويمكن الاستنتاج انه يمكن لعملية عفرين أن تعرض الترتيبات الحساسة التي تقودها موسكو.
لا يمكن توقع عملية وشيكة في عفرين، على الرغم من صخب وضجة الإعلام التركي وتهديدات أردوغان. اما صمت موسكو فيعني انها لم تعط الضوء الأخضر. فالروس يسيطرون على المنطقة الغربية والصراع بينهم وبين الأميركيين حول المنطقة الواقعة شرق نهر الفرات يهدف الى ضبط الوضع في سورية والقضاء على السلفية الجهادية في شمال سورية، اما الولايات المتحدة فهي زيادة على ذلك تريد كبح جماح إيران التي تريد زيادة نفوذها جنوب وجنوب شرق حلب. لذلك تحاول تتنافس كلّ من روسيا والولايات المتحدة على وحدات حماية الشعب كقوة موجودة على الأرض.
|