إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

عندما تُشرق الدموع وتُخضبها أنات الثكالى

غسان مصطفى الشامي

نسخة للطباعة 2007-02-02

إقرأ ايضاً


الواقع الذي نحيياه في غزة الصامدة واقعٌ اليمٌ ومريرٌ، عندما يُقتل العلماء ورجال الفكر والإصلاح دون أي ذنب اقترفوه أو جرم ارتكبوه... وعندما تنتهك حرمات الإسلام في دار الإسلام... و عَندما تَفقد غَزة أَزهاره وَورودها ورياحينها العبقة الجميلة ... و عندما يُحرم المُجتمع من خيرة رجاله الصالحين ... و عندما تتحجر مفردات اللغة ويستعصي اللسان عن الكلام ووصف اللئام ... عندما تذبل الزهور وتنحني رؤوسها وتبكي تبكي الاشجارها ثمارها ... وعندما تنشد غزة الأمن والأمان ... وتطرد الشر والموت الزؤام ... ها هي غزة المكلومة تحيا أياماً من الحجيم تَستعر فيها ، تنهش من لحمها ، تدمر بنانيها وتفتك بأبنائها ... فقد أطفأت نيران الأحداث الداخلية المؤسفة ، شموعاً مضيئةً لدروبِ الحرية ، إنهم رجال الإصلاح وشيوخه ، إنهم علماء الأمة ومفكريها الكبار ،إنهم صَدقوا ما عَاهدوا الله عليه فمنهم من قَضى نَحبه ومنه من ينتظر وما بدلوا تبديلاً ..

* يا من رَوت دماؤكم الطاهرة الزكية تراب فلسطين ، ورفعتم بسواعدكم المباركة راية الحق المبين .. وكنتم حراسا للعقيدة من مكر الماكرين ... فوهبتم بموتكم في سبيل الله حياة للعالمين ..

* انتم رجال الدعوة الى خير الإنسانية، و سعادة البشرية، أصحاب الغايات السامية والإخلاصٌ العميق والإيمانٌ راسخٌ ، يا من عززتم مواقفكم البطولية بالتوقيع على ما تدعون إليه بدمائكم الطاهرة الزكية ، فاستشهدتم في سبيل ما تدعون إليه وتنادون به ...

* يا من تركتم بصمات مضيئة على صفحات التاريخ البشري، وهذه البصمات تتفاوت بين الرجال وأشباه الرجال ، فأصحاب الضجيج الإعلامي والمهازل السياسية والدسائس والخيانة المكرية إنما يتركون بصمات باهتة سرعان ما تزول وتنمحي، أما انتم أيها الرجال الأشاوس فعملتم بصمت وهدوء وثقة وتركتم بصماتكم على تاريخ هذه الحياة عميقة مؤثرة لا تَمحوها الأعاصير ولا تزيلها الحوادث، بل تزيدها وضوحا وأثراً في إحياء الأمة ونهضتها ..

* اعلموا أيها الرجال ... أنكم سادة المجتمعات وأشرفها ، كيف لا ...وَأنتم تَحملون أَعظم رِسالة وأَنبل غَايةٌ ، أَلا وهي إخراج الناس من الظلمات إلى النور ، كَيف لا ... وَأنتم تُضحون بأَوقاتكم وأَموالكم وَراحتكم في سَبيل الله وإسعاد أمتكم وقومكم ...و أيُّ غاية أشرف وأنبل من هذه الغاية ؟ ... فلست أبالي حين أقتل مسلماً على أيّ جنبٍ كان في الله مصرعي ... ولست بمبدٍ للعدو تخشّعاً ولا جزِعاً ، إنّي إلى الله مَرجعي ...

* وكأنها ساعات من الجحيم ألمت بفلسطين الصابرة ، عندما يُخطف الأحباب من هذه الدنيا ، وتُطوى صفحات مشرقة بنور ربها ، ليَتركوا من خلفهم فراغاً كبيراً لا تملئه سوى ذكراهم الخالدة ، وميراثهم الفكري الكبير ..

* أعظم منة من الله على عبده هي : أن يهيئ له الأسباب ، ليكون من حملة هذا الدين ، وممن يبذلون الغالي والنفيس ، لإقامة حكم الله في الأرض ، وتكون كلمة الله هي العليا ، وكلمة الذين كفروا السفلى ، تلك هي المنزلة أَشرفُ المنازلُ ، وأعلى المقامات ، منزلة المرسلين وسبيلهم ، عليهم أفضل الصلاة والسلام ...

* إنها الحياة ... بحاجة إلى ماء نُغيبه في باطن الأرض لكي تحيا به شجرة الحق التليد ... كما أنها بحاجة إلى زهرة نزرعها على سطح الأرض ... تنشر عبيرها في الحياة .. و لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها ... ولكن أحلام الرجال تضيــق ... ويكيفكم أيها الرجال الشوامخ أنكم أصحاب فكرة افتديتموها بأرواحكم وأموالكم وأمنكم وراحتكم .. وسطرتم بدمائكم كلمات الحق المبين .. لتحيا في نفوس الناس معان عظيمة تعلمنا الثبات على اليقين والنصر الكبير .. لقد خُلقنا في هذه الأرض لنُجاهد ونُكابد عمرنا بعبادة الله ... لا لننام ونشخر ... لقد خُلقنا لكي نحيا و نَتعلم كَيف نُجاهد ، ولَيكن في حسابتنا أَن الولادة الحقيقية لا تكون دون آلالام و مخاض عسير .. فنحن لم نعش في الحدائق الغنّـاء ، لكن حُب الله فجر في قلوبنا طهراً ونقاءً عبيراً وفلاً وسحراً خالداً , وزرعت ركيعات السّحر في نفوسنا نجوم الياسمين ، فصفت نفوسنا صفاءً عجيباً ، وتألقت أرواحنا في سماء الله ملتهبة بنور ربها الفياض ، مشتاقة إلى لقاء الأحبة ، محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام ... إنها الحياة … والحياة ماضية في طريقها ، حية متدفقة فوارة ، لا تكاد تحس بالموت أو تراه … لو كان الموت يصنع شيئاً لوقف مد الحياة ! … ولكنه قوة ضئيلة حسيرة ، بجانب قوى الحياة الزاخرة الطافرة الغامرة …! .

* عندما نعيش لذواتنا فحسب ، تبدو لنا الحياة قصيرة ضئيلة ، تبدأ من حيث بدأنا نعي ، وتنتهي بانتهاء عمرنا المحدود ! …أما عندما نعيش لغيرنا ، أي عندما نعيش لفكرة ، فإن الحياة تبدو طويلة عميقة ، تبدأ من حيث بدأت الإنسانية ، وتمتد بعد مفارقتنا لوجه هذه الأرض ! …

إلى الملتقى ،،



 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024