إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

عكا في وجه التهويد

غسان مصطفى الشامي

نسخة للطباعة 2014-01-07

إقرأ ايضاً


يوما بعد يوم تزداد المخططات التهويدية الصهيونية شراسة بحق المدن الفلسطينية في الداخل الفلسطيني المحتل، وها هي عكا الشامخة تقف بصمود في وجه طغيان التهويد والسرقة والتهجير والطرد عن الأرض، حيث تتعرض عدد من المواقع الأثرية في عكا في هذه الأيام لسلسلة إجراءات صهيونية تهويديه مخططة تهدف إلى تغيير معالم المدينة وطمس آثارها وتراثها وتشويه معالمها التاريخية، وتحويلها إلى مرافق سياحية صهيونية، فقد أعلنت مؤخرا وزارة السياحة " الإسرائيلية" عن مناقصة لبيع أحد أبرز مواقع التراث العالمي " خان العمدان" في مدينة عكّا المحتلة، وذلك من أجل تحويله إلى فندق سياحي صهيوني، وتم نشر المناقصة للمقاولين التي اشترطت العمل على إخلاء جميع المراكز التجارية المحيطة بهذا الموقع الأثري، وهذا ما يؤدي إلى إخلاء أكثر من 36 متجر عربي حول هذا الموقع الأثري المهم .

عكا التاريخية تقف اليوم بثبات وصمود أمام المحاولات الصهيونية لتغيير آثارها ومعالمها التاريخية وطمس هويتها الفلسطينية الإسلامية... عكا هذه المدينة التاريخية الخالدة التي خلبت عقول المؤرخين والرحالة، وأبهرت نفوسهم من جمالها وفساحتها وعراقتها، وقد تحدث عنها الرحالة والمؤرخون والجغرافيون في كتبهم ومذكراتهم، وصفوا فيها الشوارع والسكك والحارات والميناء الكبير الذي بناه حاكم مصر آنذاك أحمد بن طولون فقد كان دوما يعج بالمسافرين والسياح.

موقع مدينة عكا الساحلي أعطاها أهمية استراتيجية كبيرة، وجعل منها بوابه فلسطين على أوروبا، وقد وصفها المؤرخ المسلم الحميري في كتابه الروض المعطار بأنها مدينة كبيرة، من ثغور الشام واسعة البنيان، وهي قاعدة مدن الافرنج ( الصليبيين) بالشام ومحطَ الجواري المنشآت في البحر كالأعلام، وشبهها في عظمها بالقسطنطينية".

مثلت مدينة عكا محط أنظار الغزاة والطامعين، وأكسبها الموقع الإستراتيجي وظيفة عسكرية ميزتها عن غيرها من مدن الساحل الفلسطيني الذي يمتد لأكثر من مائتي كيلو متر من الشمال حتى جنوب فلسطين المحتلة، فقد تعرضت عبر العصور للكثير من الهجمات ووقفت بصمود وشموخ في وجه الطغاة، ومازالت أسوار عكا وطرقها وبحرها تمثل شواهد تاريخية على نضال أهلها وانتصارهم على الطغاة، فقد هزمت عكا بأسوارها العاتية جيش نابليون خلال حصار نابليون لها في عام 1799م، كما تعرضت المدينة خلال القرون الماضية لعدد كبير من عمليات التدمير ثم تم إعادة ترميمها من جديد وبناء المساجد والكنائس والخانات فيها، حيث أقيم في المدينة في عهد ظاهر العمر وأحمد باشا الجزار خانات متعددة كان ينزلها المسافرون والتجار والقوافل المتعددة التي تحمل خيرات البلاد لتنقلها السفن إلى دول العالم.

ومدينة عكا زاخرة بالمواقع الأثرية التاريخية منها مسجد أحمد باشا الجزار الذي بني عام (1781م ) وقد جلب الوالي لبنائه خبراء من اليونان وقبرص، ومسجد الزيتونة أقيم سنة (1745م ) ومسجد جامع ظاهر العمر بناه والي عكا ظاهر العمر الزيداني سنة (1748م ) كما أن هناك عدد من الكنائس الأثرية فيها.

في هذه الأيام يتعرض " خان العمدان " أحد المعالم التاريخية العالمية ،للسرقة والبيع ليتحول إلى مرفق سياحي صهيوني، وهو من أبرز معالم مدينة عكا بناه الوالي العثماني أحمد باشا الجزار سنة 1784م ونظراً لكثرة اعمدة الخان اطلق عليه اسم "خان العمدان"، وكان لخان العمدان على مدار التاريخ، أهمية تجارية كبيرة نظرا لقربه من الميناء، حيث استخدمه التجار القادمين إلى عكّا كمستودع وغرف تجارية في الطابق الأول، وكفندق في الطابق الثاني، ويتم الدخول إلى الخان من ساحة عمومية فسيحة في الناحية الشمالية عبر بوابة مقنطرة يعلوها برج عصري مزود ساعة كبيرة، وهو يحتوي على باحة داخلية كبيرة محاطة بالأعمدة ، وفي العام 2001م وضع " خان العمدان" على قائمة التراث العالمي من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (اليونسكو).

ما تتعرض له مدينة عكا التاريخية الشامخة هو جزء من سلسلة مخططات صهيونية لسرقة الأرض الفلسطينية وتدمير المعالم التاريخية الفلسطينية، حيث تعكف سلطات الاحتلال على تجهيز المئات من المخططات والمشاريع التهويدية للكثير من المدن والمناطق الفلسطينية الهامة منها مناطق الأغوار والنقب والجليل الفلسطيني..

أمام هذه المخططات الصهيونية المطلوب فلسطينيا وعربيا العمل على دعم ومساندة فلسطينيو الداخل، في الوقوف في وجه المخططات العنصرية الهادفة لاقتلاعهم وتهجيرهم من أرض، ويجب على السلطة الفلسطينية الاستفادة من عضويتها في الأمم المتحدة ومنظمة اليونسكو الدولية في فضح الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه بحق التراث والمواقع الأثرية الفلسطينية، والمطلوب أيضا تفعيل وسائل الاعلام العربية والعالمية والدولية في فضح الجرائم " الإسرائيلية " بحق الأرض والتاريخ والتراث الفلسطيني، والتنبيه لهذه المخططات الإسرائيلية العنصرية.

إلى الملتقى ،،


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024