إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

القمة العربية وذكرى يوم الأرض ...

غسان مصطفى الشامي

نسخة للطباعة 2008-03-28

إقرأ ايضاً


يتبسم الشيخ الكبير وعيناه اغرورقتا بالدموع .. فالوَجع كَبير والهَم يُدمي القُلوب وتَعلو الحَناجر صَيحاتها إلى متى تبقى فلسطين أسيرة الأحزان والشجون .. جريحة أليمة ؟؟ .. يُحدثنا الأجداد عن الذِكريات في أَرض الوَعد المُبين لتُحيي القُلوب والضَمائر ولتُوقظها من سُبتها العميق، ويقولون لنا " الطريق هو الجهاد والتحرير وليس القمم والمبادرات.. فما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة .. " .

* يَتصادف ذِكرى يَوم الأرض الفِلسطينية مع اجتماعات القِمة العربية للدَورة العِشرين في دِمشق والتي تُناقش الضَعف والهزل والخذلان العربي، فمُنذ أن بَدأت القِمم العَربية اجتماعاتها لا نَسمع يوماً أن أعلن الجِهاد وفُتحت الحُدود وتَجيش الجُيوش لتَحرير فِلسطين واستئصال السرطان (الإسرائيلي) من جسد الأمة السقيم ... هذا هو الحل الوَحيد لكافة المُشكلات التي تُعاني منها الأمة الإسلامية، فما يُحدث في الدُول العَربية من اضطراباتٍ ومَشاكلٍ سَببه السَرطان (الإسرائيلي)... وعند تحرير فلسطين وطرد المحتل، لا نَحتاج إلى مثل هذه القمم والمُبادرات بَل يتركز دور الأمة نقل تجاربها إلى الشعوب والبلدان الأخرى، ولكن القِمم العَربية اليَوم، عبارة عن مَراسم تَشييع للجهاد وضمائر الشعوب، وتعمل على تكريس الهزائم والضعف في نفوسِ حُكام الأمة، فَالقمة العَربية عبارة عن جَلساتٍ افتتاحيةٍ وكلماتٍ وتحياتٍ منمقةٍ وسلاماتٍ ومناقشةٍ للمبادراتِ الهزيلةِ والشرعياتِ الدوليةِ الركيكةِ وأزمات المجتمع العربي المريرة ، فيما تَضِيعُ فِلسطين بَين كَلمات القِمة وتَحياتها والقُبلات العَربيةِ الحَارة ..

يجبُ أن يكونَ على رأسِ أجندة القمة العربية، أرض فلسطين وتحريرها واللاجئين وحقوقهم والمخططاتِ الإسرائيليةِ لتهويد القدس والاستيطان والمقدسات التي يعمل الصهاينة ليل نهار على تشويه تاريخها وتزيف حقائقها ...

وربما أتذكر في هذا المقام كَلماتُ السُلطان عبد الحميد الثاني، التي كَتَبها في استانبول 1901 قال فِيها " انصحوا الدكتور"هرتسل " بألا يَتخذ خَطوات جَدية في هذا المَوضوع، فإني لا أَستطيع أَن أتخلى عن شبرٍ واحدٍ من أرضِ فلسطين ... فهي ليست ملك يَميني ... ملك الأمة الإسلامية .. لقد جَاهد شَعبي في سبيل هذه الأرض ورواها بدمه .. فليحتفظ اليَهود بملايينهم ... إذا مُزقت دولة الخلافة يوماً فإنهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن .. أَما وأَنا حَي فإن عمل المبضع في بدني لأهَون عَليّ مِن أن أرى فلسطين قد بترت من دولة الخلافة وَهذا أمر لا يكون . إني لا أستطيع الموافقة على تشريح أجسادنا ونحن على قيد الحياة " .

في ذكرى يوم الأرض نتذكر الشهداء والجنود والأبطال الذين روت دماؤهم تراب فلسطين .. في ذكرى يوم الأرض تبتهل السماء وتقرع الأجراس وتوقد مشاعل الحرية لصانعي الحرية، في ذكرى يوم الأرض نقف تقديراً واحتراماً للعامل الفلسطيني والمعلم الفلسطيني والمهندس والقائد الفلسطيني والطفل والمرأة والشيخ الكبير ..

في ذكرى يوم الأرض لا يجب أن تغيب عن ذاكرتنا المجازر اليومية التي ترتكبها إسرائيل، والتهويد المستمر للأرض الفلسطينية، والاستمرار في بناء المغتصبات على أرض فلسطين .. فقد عملت ( إسرائيل) منذ قيامها عام 1948م، على تنفيذ مخططاتها الشرسة للسيطرة على فلسطين، لتنطلق منها للسيطرة على الوطن العربي ففي الخامس عشر من آذار/ مارس 1950م قامت ( إسرائيل) من خلال سن قانون أملاك الغائبين بالسيطرة على مساحات كبيرة وشاسعة جداً من أراضي فلسطين، كما وعملت على نقلت مِلكيتها إلى الصَندوق القَومي اليَهودي (الكيرين كايمت)، كما أصدرت ( إسرائيل ) قانون الأراضي المحمية عام 1949م، مَنح هذا القَانون وزير الدفاع (الإسرائيلي) حق الاستيلاء على مساحات واسعة في الجليل والمثلث وقرب قطاع غزة، وفي العام 1949م صَدر قَانون تَنظيم الاستيلاء على عقارات في ساعة الطوارئ وسيطرت ( إسرائيل) بموجبه الحكومة على مساحات كبيرة بحجة دواعي الأمن العام، كما منح قانون استملاك الأراضي لعام 1953م وزير المالية (الإسرائيلي ) صلاحية نقل الأراضي الفلسطينية التي تم الاستيلاء عليها وفق القوانين السابقة إلى دولة (إسرائيل) عن طريق سلطة التعمير والإنشاء... وخلال الفترة من 1948 – 1962م، سيطرت (إسرائيل) على أراضي 78 قرية فلسطينية، لكن "الكيرين كايمت" كانت تمتلك مساحات متباعدة من الجليل والمثلث ووادي عارة، فأرادت تجميعها في منطقة واحدة ومتكاملة، فظهر مشروع تطوير الجليل، والمقصود به تهويد الجليل، وكان ذلك في أعقاب حرب 1973م، وركز هذا المشروع على تأكيد الوجود ( الإسرائيلي ) في الجليل زراعياً وصناعياً، وتفتيت الوجود الفلسطيني، عَلى أن يَتم ذَلك عبر مرحلتين، تنتهي الأولى عام 1980م، والثانية عام 1990م، وبدأت أولى خطوات مشروع تهويد الجليل عام 1976، عندما أقرت (إسرائيل) مُصادرة 21 ألف دُونم مِن أرضِ الجليل، فكانت هذه بداية الشرارة التي بدأت الانتفاضة، التي تجلت في يوم الأرض فيما بعد ... ففي الثلاثين من مارس/ آذار من العام 1976م، سَجل أَحرار الجَليل كَلمتهم ورَسائلهم المُدوية وكَانت أَبلغ تَأثير من كلِ القِممِ والمُبادرات، فَعَبروا عن غَضبهم على قَرار مصادرة 21 ألف دُونم من أراضي عَرابة وسخنين ودِير حنا وعَرب السَواعد، فِيما حَشدت الدَولة الصهيونية وحشدت (إسرائيل) أعداداً كبيرة من الشرطة لمنع التظاهر في الجليل والمثلث، وحاولت الشرطة منعها بالقوة، فحدثت مصادمات، وبلغت حصيلة أحدث يوم الأرض ستة شهداء، جرح 49 آخرين, واعتقلت الشرطة ( الإسرائيلية) حوالي 300 عربي وجرح من الشرطة (الإسرائيلية ) حوالي 20 شرطياً.

وها نحن اليوم نعيش مآسي كثيرة ونكبات كبيرة فالألم كبير والأمل أكبر في تحرير فلسطين والحفاظ على الحقوق والثوابت الوطنية ..

نحن هنا باقون ولن نرتحل ..

إلى الملتقى ،،


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024