إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

إدارة بوش ... سنوات عجاف

غسان مصطفى الشامي

نسخة للطباعة 2007-10-28

إقرأ ايضاً


ما واجهته إدارة بوش منذ تَسلمها مَقاليد الحُكم في الولايات المتحدة عام 2000م من أزماتٍ كبرى سيجعل من الولاياتِ المتحدة جسماً سقيماً لا يَقوى على مُواجهة آثار سقمه ومضاعفاته؛ فالأزمات التي واجهتها إدارة بوش الجمهورية لأمريكا كثيرةً بدءً من أحادث الحادي عشر من سبتمبر ومروراً بالحرب على أفغانستان والعراق والمخططات الاستعمارية الأمريكية للانقضاض على الوطن العربي ، فضلا عن أزمات المستنقع العراقي وفضائح الجيش الأمريكي وما تمخض عنها من إظهار الضعف والوهن للقوة الأمريكية ، كما تحيط بأمريكا مجموعة أخرى من الأزمات أهمها الملف الفلسطيني والإسرائيلي والملف النووي الإيراني والملف السوري وتهديدات حزب الله ، فضلا عن ما تَحياه الولايات المتحدة الأمريكية من أزمات داخلية متفاقمة جَعلت من الشَعب الأمريكي يُظهر مشاعر السخط والغضب من إدارة بوش البائسة ؛ جُل هذه الأمور تَجعل الإدارة الأمريكية تتخبط في أهوائها قراراتها وتقديراتها للأوضاع في العالم ، مما يَدفعها لتقديم مُبادرات واقتراحات للتَغطية على أزماتها الكبرى التي تَحياها ، مُنها مؤتمر الخَريف القادم ، فيما زَادت الكَراهية والعَداء لأمريكا من قبل شعوب المنطقة ، الأمر الذي يزيد من الأزمة التي تحياها إدارة بوش الحالية ..

* سنوات عجاف عاشها العالم خلال فترة إدارة بوش ، فقد بَدت الإدارة الأمريكية تُظهر سوأتها وإخفاقها الكبير في التعامل مع أزمتها ومعاناتها في العراق مما جعل أحد القادة العسكريين السابقين يَصفُ الأزمة الأمريكية في العِراق " كابوساً مُظلماً لا نهاية له " ، أَما في أفغانستان فَقد بدأت تَبرز على حد تقرير لـ”BBC” معالم دولة “طالبان” جديدة ، فيما تلقت إدارة بوش صفعة قوية في روسيا إزاء مشروعها لاحتواء ذلك البلد قد تكون نتائجه ليس عرقلة خططها في مناطق أخرى في العالم، وإنما قد تُعمق فجوة الاختلاف مع حُلفائها الأوروبيين ، كَما دَخل على مَشروعها التَقسيمي في العراق مُعارض قَوي حَليف لها قَد يَجعل استمرار احتلالها أَكثر تَكلفة سياسياً ، فتركيا بدأت ترى في السياسة الأمريكية في العراق خطراً وجودياً مستقبلياً يَنبغي أن يُقابل بكل حزمٍ مهما كانت نتائجه المترتبة.

الأزمات الأمريكية التي واجهتها إدارة بوش خلال سنوات حكمها جعلت من أمريكا رجلاً مريضاً ؛ فقد اعتمدت في حربها على " الإرهاب " على عَقيدة خَاصة بها أَطلق عليها المُحللون عَقيدة " الواحدة بالمئة " وهي تقول " اَنه إذا كَان هُناك احتمال ولو واحد في المَائة بوجود خَطر أو تَهديد لأمريكا ، فإنها يَجب أَن تَتصرف على اعتبار انه خَطر وتهديد مؤكد مائة في المائة وتبني سياستها العملية على هذا الأساس ، يَترتب على هذا بحسب هذه العقيدة إن إدارة بوش لَم تعد بحاجة إلى أَي أَدلة أو بَراهين أو حَتى تَحليلات عَقلانية تَؤكد وجود خَطر أو تهديد ، يَكفيها مُجرد الشُبهة كَي تَشن الحُرب أو تفعل ما تشاء " ؛ فإن هذه العقيدة هي التي قادت إدارة بوش إلى الكوارث والأزمات والورطة في العراق ، حيث تَجاهلت إدارة بوش كافة تقارير الإستخباراتية التي كانت تؤكد عدم امتلاك العراق أي أسلحة دمار ، كَما لجئت الإدارة وفي إطار عَقيدتها إلى تَضليل الرأي العام الأمريكي وإلى الأكاذيب على أوسع نطاق ممكن لتبرير الخطر العراقي المزعوم وبالتالي تبرير الحرب الأمر الذي جعل من العراق كابوساً يواجه الأمريكان ..

كما تجاوزت الإدارة الأمريكية خلال سنوات حُكمها العِجاف القانون الدولي والمواثيق والمعاهدات التي تحكم العلاقات بين الدول والضرب بعرض الحائط مبادئ العدالة وحقوق الإنسان ، حيث أقامت عدداً كبيراً من السجون في العراق وغوانتناموا مورس فيها اشد أنواع التعذيب وانتهكت فيها حقوق الإنسان ..

* سنوات عجاف والإدارة الأمريكية تَحيا غباءً سياسياً كبيراً في تَعاملها مع بُلدان العالم قاطبة الأمر الذي أَوقعها في تحدٍ كبير مع الكَثير من الدُول وتم تَجاهل مَطالبها والتَحالف ضدها ..

إدارة بوش كانت وبالاً على العالم ، فقد استخدمت خلال إدارتها لغة وحيدة في مخاطبة شعوب العالم ، ألا وهي لُغة القَمع بالسلاح والتَدمير والتَخريب والتهديدات الحربية المتلاحقة ، وكل من يَرفع صوته بالاحتجاج على هذا اللغة وأساليبها يُصبح في وجهة النَظر الأمريكية " إرهابياً " ، بل و يَهدد أمن العالم وسياساته ، عَلى هَذا المنوال نَشرت أمريكا صناعة الإرهاب في العالم واستخدمت لُغة التَخويف ضد من يَقف في وَجهها وعلى الجميع قبول سياساتها التدميرية في العالم ، بل والثناء عليها ودعمها ... ‏

* سنواتٍ عجاف عَاشها العالم مع سياسات أمريكا الظلامية لم تنجُ دولة من شرورها وطغيان سطوتها وتهديها للسلم والأمن القومي للعالم ، والجميع يُقدم واجب الولاء والطاعة ؛ ولكن لم يَدم الحال طويلاً بالنسبة للدولة العظمى فَسينقلب يوماً من الأيام السحر على الساحر وستكون هذه الأزمات هي المقدمات للضربة القاصمة التي ستوجه إلى الدب الأمريكي ليخور ويسقط سقطته الأخيرة ...

إلى الملتقى ،،


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024