إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الإعلاميون والرقيب الذاتي ...

غسان مصطفى الشامي

نسخة للطباعة 2007-10-07

إقرأ ايضاً


أخطاءٌ كثيرةٌ يَرتكبها الإعلاميون وهم ينقلون الحقيقة بقصدٍ أو بدون قَصد ، ولكن ما يلفت الانتباه هنا فقدان الرقابة الذاتية عند عدد من الإعلاميين على كل ما يُتحدث به أو يُنطق به ، فالرقابة الذاتية شيء يجهله الكثيرون من إعلاميينا ـ و يَعتقد هذا الإعلامي أن من واجبه نقل كل الأمور والأحداث كما هي ـ الأمر الذي يسيء إلى الكثير من القضايا والشخصيات وذلك بسبب خطأ إعلامي هنا أو هناك ..

إن دور الإعلام خطير ولا سيما أن الكلمة سلاح ذو حدين فهي قد تَبني المجتمعات وتعمل على تطورها وقد تَهدم ما تم بناؤه عبر سنواتٍ طوال في حياة الشعوب والمجتمعات ، فكثيراً من الأخبار الصَحفية تتسبب في أزمات سياسية كبرى بين الدول وتترك آثاراً سلبية على العلاقات الثنائية والأجواء العامة بينها ، إضافة إلى تشويه صورة الآخرين والإساءة إلى شخصيات ورموز وطنية شريفة.

إن الثورة الاتصالية الكبرى التي نحياها جعلت من الإعلام عنصراً أساسياً في حياة الشعوب والمجتمعات ، حيث أصبح يلعب دوراً أساسياً في المعارك والحروب بل ويفوق أحيانا تأثيره الرصاصة أو الصاروخ والدبابة ، فكم من كلمةٍ أشعلت حرباً، وكم من مقالةٍ أثار فتنة وضجة سياسية كبرى ، والسؤال هنا لماذا لا يكون رقيب الذاتي حاضراً دوماً عند الإعلامي وصاحب الكلمة في كل ما يَكتب أو يَنقل من أخبار وأحداث ، حتى يؤدي الإعلام دوره المجتمعي الإيجابي البنّاء ولا يصبح وسيلة من وسائل التدمير والتخريب في المجتمع ...

ولا اَقصد هنا في الرقابة الذاتية سياسة تَكميم الأفواه أو السجن أو قَطع الألسن التي كان يَستخدمها السلاطين والأمراء في قديم الزمان وتستخدمها أنظمتنا العربية الحاكمة لكل من يتجرأ على التطاول على شخص السلطان أو الحاكم ، ولكن ما أقصده هنا المنبه الداخلي لدى الصحفي في استشعار مصداقية الخبر والتأكد من الأخبار والحقائق والابتعاد عن التشويه والتجريح وقلب الحقائق بهدف الإساءة للآخرين و نشر الفتن والحروب في المجتمعات الأمر الذي يهدد بتدمير كيان المجتمع وتقويض بنيانه وأركانه ، وللأسف هذا يحدث كثيراً في إعلامنا العربي !! ..

إن الرسالة السامية التي يحملها الإعلامي تَستوجب ضرورة ممارسة الرقابة الذاتية على الكثير من الأخبار التي ينقلها وضرورة تَحري الصدق في نقلها الأمر الذي يَمنع الصحفي من الإساءة والتشويه والتجريح وممارسة التحريض ضد الآخرين و تجاوز الخطوط الحمراء وحدود الدين والأخلاق والآداب والذوق العام ..

كثيراً من الإعلاميين اليوم فقدوا صوابهم وقلبوا الحقائق وشوهوها ولعبوا دوراً كبيراً في تضليل الرأي العام وخداعه بهدف تحقيق مصالح ومنافع حزبية وخاصة ، ونسوا الرسالة السامية لصحابة الجلالة ، ليتحولوا إلى وحوش وذئاب بشرية وأبواق لنشر الفتن والمفاسد بين المجتمعات والشعوب لتدميرها وتخريبها إلا أن مخططاتهم ومؤامراتهم تبوء بالفشل في ظل الانفتاح الإعلامي الذي يحياه العالم ووسائل إعلامه ، فالآن تستطيع أن تتجول في جميع قنوات العالم الفضائية وتتعرف على الحقيقية الصادقة , فالذي يتصور أنه يضلل شعب أو أمة هو لا يضلل إلا نفسه، لأن مستوى الوعي والثقافة لدى الشعوب ارتفع ولم يعد المواطن العربي لا يستطيع التمييز بين الغث والسمين في المواد الإعلامية التي تنشر هنا وهناك ..

إن الرقابة الذاتية ليست عيباً على الإعلامي بقدر ما هي حاجة ضرورية ماسة لعمله حتى لا تقع أخطاء لا يمكن العدول عنها ، فالخطأ كالرصاصة عندما تنطلق لا يمكن تفادي خطرها إلا بصعوبة بالغة وتترك أثراً على الجريح ، و الرقابة الذاتية ضرورية حتى لا نظلم الآخرين ونخدش حياؤهم ، ويُصبح الإعلام كارثة على المجتمعات ووسيلة من وسائل الهدم وليس البناء ..

التحدي الكبير الذي يحياه الإعلاميون اليوم هو الضمير الذاتي للإعلامي تجاه ما يُنقل من أخبار وما يُرصد من حقائق ، فليس كل الأخبار تنقل وليس كل ما يقال يُصدق ، إنما يَخضع لدور الإعلامي نفسه في التأكد من مصداقية الخبر وعدم إساءته للآخرين ..

وفي ختام مقالتي أقول إن وسائل الرقابة الذاتية لدى الكثير من الإعلاميين في عالمنا العربي تعيش في غيبوبة ، وعليه فإننا بحاجة ماسة لتصحيح المسار وتقويم لغة الإعلام ، وبحاجة لميثاق شرف بين الإعلاميين يلزمهم بلغة الحقيقة الصادقة ومبادئ المهنة حتى لا نُسيء للآخرين ، وحتى يَلعب الإعلام دوره الحقيقي في بناء المُجتمعات وتَرسيخ مَفاهيم حرية الرأي والتَعبير والديمقراطية السليمة ..

إلى الملتقى ،،


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024