إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

قانون الموت

غسان مصطفى الشامي

نسخة للطباعة 2007-03-28

إقرأ ايضاً


مهنة الطب مهنة إنسانية مهمتها الأولى تخليص المرضى من أوجاعهم والسهر على راحة المريض وتوفير العناية اللازمة له ،كما أن لها دورٌ كبير في الحفاظ على حياة الذين يرزحون تحت الخطر ومساعدة المرضى في التماثل للشفاء .

فقد ناقش مؤخرا مجلس اللوردات البريطاني مشروع قانون "الموت الرحيم" الذي يسمح للأطباء في انكلترا وإقليم ويلز بوصف جرعة قاتلة من الدواء لمريض يعاني من آلام غير ممكن تحمّلها ومقدّر أن يعيش أقل من ستة أشهر ، فيما نوقش هذا القانون في الكثير من البلدان الأوروبية ، ومن شأن مشروع القانون الذي أطلق عليه في بريطانيا " مسودة لورد جوف " أن يعطي الأطباء الحق في وصف أدوية يمكن لمريض في حالة مرض قاتل وتحت ألم بالغ أن يتعاطاها لينهي حياته ، غير أن اللوردات أقروا تعديلا يسمح بإرجاء النظر في مسودة القانون لستة أشهر أخرى فيما جاء القرار بأغلبية 48 صوتا ، كما أثار هذا المشروع جدلا واسعا في بريطانيا حيث قال رئيس أساقفة كانتربرى " روان ويليامز " ورئيس الأساقفة الكاثوليك في " ويستمنستر " الكردينال كورماك مورفي ، أن هناك إجماعا واسعا ضد القانون المقترح.

اعتبر الناشطين في قضية ذوي الاحتياجات الخاصة أو الذين يعانون من إعاقات أن الموت الرحيم سيخلق ضغطاً على الأشخاص الضعفاء لانهاء حياتهم بينما حاجتهم الأساسية هي التأكد من حصولهم على أفضل عناية ممكنة

* والعجيب في الأمر أن مجلس اللوردات البريطاني بدلاً من أن يجتمع لمنع الموت الزؤام في العراق وفلسطين وشتى بلدان العالم ومنع المجازر التي ترتكبها أمريكا وبريطانيا وإسرائيل ، تجتمع لكي تضع قانون يسمح بالموت حسب قوانينهم الواهية الضعيفة ..

بدلاً من أن يجتمع المجلس البريطاني لإدانة والوقوف بوجه ما يحدث في بلد العراق الشقيق على أيدي قوات البريطانية من قتل وإجرام واغتصاب ، يجتمع ليكون عوناً للقوات البريطانية في مهامهم في العراق وغيرها من بلدان العالم التي ترزح تحت الاحتلال ..

ففي العراق مثلاً يوجد في وسط مدينة بعقوبة شارع يحمل اسم شارع الأطباء، وتوجد به العديد من اللافتات التي تحمل أسماء الأطباء من مختلف المجالات ، غير أن الحرب على الأمريكية البريطانية على العراق سببت هجرة اغلب الأطباء الى خارج العراق فضلا عن هجرة الكفاءات العلمية وأصحاب الدرجات العالية ،كما أن هذه الهجرة سببت إغلاق اغلب العيادات التابعة للأطباء والصيدليات فهي أمر كارثي وسببت الموت للكثير من الأرواح ، كما تشير معطيات الحرب على العراق انه تم قتل أكثر من نصف مليون عراقي خلال الحرب وجرح الألوف ... ويأتي مجلس اللوردات البريطاني ، ليضع قانون الموت ... !!!

* إن قتل الإنسان بحجة انه مريض بمرض لا يرجى الشفاء منه جريمة كأية جريمة قتل أخرى وامتهان لكرامته وإنسانيته، فالإنسان ليس حيواناً يقتل لأنه أصبح غير منتج أو أصبح عالة على غيره ، فالمؤسسات الاجتماعية المعنية بدءاً من العائلة وانتهاء بالمستشفيات ملزمة شرعيا وأخلاقياً قبل أن تكون ملزمة قانونياً بالسهر على المريض مهما كان مرضه والعمل على تأهيله للحياة وبث الأمل فيه ..

والسؤال الهام هنا من يقرر ما يسمى بالموت الرحيم للإنسان ، صاحب العلاقة الذي هو المريض؟ إذا كانت الإجابة بالإيجاب فمن حقنا أن نقول هل أن الإنسان المصاب بمرض ميئوس من شفائه (من وجهة نظر الطبيب) له القدرة على إصدار قرار مهم متعلق بحياته؟ ربما يكون المريض مصاب باكتئاب شديد أو يقع تحت طائلة حالات نفسية صعبة يصعب معها اتخاذ قرارات صائبة ، إن مثل هذه الأمور هي لله وحده والله سبحانه وتعالى وهو يقول في كتابه الحكيم " فإذا جاء اجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون " ، فإن هذا القانون الإنساني هو قانون مجرم وهؤلاء ليسوا قضاة بل هم مجرمون ...

* وختاما أقول لا يمكن قتل الإنسان لإصابته بمرض لا يتمكن الأطباء في معالجته في أيامنا هذه لان العلم في تطور ، والمرض الذي لا علاج له اليوم سيجد العلماء علاجه غداً وإن كانت آلامه كثيرة فالطب غير مقصر في إنتاج أنواع عديدة من المسكنات .. ولكننا نعيش في قانون الغاب فالقوي يأكل الضعيف ..

إلى الملتقى ،،


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024