إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

أطفال فلسطين ... شهداء أحياء

غسان مصطفى الشامي

نسخة للطباعة 2008-03-31

إقرأ ايضاً


هكذا هو الشعب الفلسطيني يَصنع أطفاله المُعجزات ويَتحدى أبنائه الصِعاب ويَعزم على السَير في دُروب الأشواك .. لله دُره من شعبٍ .. شباب وشيوخه وأطفاله ونسائه شهداءٌ أحياءٌ عندَ ربهم يرزقون ..

في مقالتي هذه سأتحدث عن قصة حقيقية من مئات القصص والملاحم التي حدثت خلال الاجتياح الإسرائيلي الأخير لشمال قطاع غزة، والذي كبد الاحتلال خسائر كبيرة وخرج من معركته يجر أذيال الهزيمة والعار الكبير ..

ففي معسكر جباليا شمال قطاع غزة هذا المعسكر الصامد الشامخ الذي أذاق العدو الويلات الهزائم ، التقيت بعائلة الطفل الشهيد الحي " أحمد " والبالغ من العمر ستة عشر عاما، بعد سماعي بقصته، وقابلت والده " أبو محمود" والبالغ من العمر 43 عاماً، ليُحدثني عن قصة ابنه الطفل الشهيد الحي " أحمد"، وكان أول ما أطلعني عليه هو صور الشهادة التي علقت على جدران الحي والمنزل، ووزعت في عرس الشهيد الحي على الناس ووسائل الإعلام، بعد أن قرر الأب أبو محمود، أن الأشلاء المجهولة في إحدى مشافي شمال قطاع غزة هي لطفله " احمد "، الذي قصفته طائرات الاحتلال هو وعدد من الأطفال في شمال غزة في الاجتياح الإسرائيلي لشمال غزة في الأول من مارس 2008 ..

* وبدأت قصت الشهيد الحي الطفل " برؤية منامية لوالده " أبو محمود " ـ رأى فيها ـ أن طفله " أحمد " قد استشهد، وعِندما صحا من نومه، حدث زوجته بما رآه في منامه، وعلى الفور بدأ يسأل عن طفله " احمد " الذي حَلم باستشهاده، فقالت له زوجته، خرج من الصباح ولم يعد للبيت، وعند مساء اليوم _ خلال فترة الاجتياح _ طال انتظار الطفل الشهيد الحي " احمد "، و بدأ الأب " أبو محمود " رحلة مُعاناة البُحث عن وَلده والسؤال عنه هنا وهناك،دون إجابة، وعندها قرار الأب الحيران الذهاب للمستشفى للبحث عن ابنه، فسأل الأطباء وأخبروه أن هناك جثث كثيرة وتوجد جثة وحيدة عبارة عن أشلاء لطفلٍ لم يَتَبقى منها إلا جزء وغير واضح، و قَام الأَب بإبلاغ مؤسسات حقوق الإنسان والهيئات الدولية والشرطة ووسائل الإعلام للبحث عن ابنه، وعلى مدار ثلاثة أيام لا معلومات عن الطفل " أحمد" ، والجُثة الأشلاء لم يَتعرف عَليها أحد، فيما يَنتظر الأصدقاء والأَقارب كَلمةَ الفصل في القصة للأب الحيران لبدء مراسم عرس الشهيد،وفي نفس اليوم ـ اليوم الثالث ـ رأى الأب " أبو محمود" رُؤيا منامية أخرى أن ابنه الطفل الشهيد الحي " أحمد " اتصل به ونادى عليه بصوت بعيد ..

* وفي اليوم الرابع قَرر الأب " أبو محمود " عندما طال الانتظار الإقرار بأن الجثة المَجهولة لطفله الشهيد الحي " أحمد "، وأقامت العائلة بيت العزاء للشهيد وتم تشيع الجثمان وسط مسيرة جماهيرية حاشدة في جباليا، وبعد انتهاء عرس الشهيد بأيام، بدأت شائعات وأخبار في المعسكر أن الطفل " احمد " حيٌ يُرزق، فيما كَان الوَالد " أبو مَحمود" يَعيش حالة نفسية صعبة، وعندها اتصل أصدقاء لطفله " احمد "، وقالوا له : " أن ابنه "أحمد " يَمكث مُنذ أيام في غرفة العِناية المُركزة بمُستشفى دار الشفاء بغزة ، ولاسيما أن هناك تَشابه بين طفله أحمد والشهيد الآخر الذي شيعوا جنازته، فالجثة عبارة عن أشلاء غير واضحة المعالم، فيما كان أقارب الشهيد الآخر الذي دُفن، يَمكثون بجوار الطفل الشهيد الحي " احمد " دون أن يُبدي الطِفل " احمد" أي انتباهه لهم، وبَعدها قرر الأب " أبو محمود" قطع الشك والتوجه إلى مستشفى الشفاء لرؤية من يتحدثون عنه، وإذا به من بعيد يَتعرف على طفله الشهيد الحي " احمد"، وإذا بالطفل أحمد يلتفت برأسه نحو والده وتنهمر دمعة من عينه، وعندها بدأ الأب البكاء، وبَدأ يَتصل على الأقارب والزوجة " أم محمود"، فيما نقلت وسائل الإعلام ووكالات الأنباء المشاهد والحدث الدرامي عِندما التقت الأم بطفلها الشهيد الحي، والمشهد هنا تَعجز أقلامنا عن وصفه، أما شُعور عائلة الشهيد الآخر الذي دُفن فكان صعب للغاية، وأقاموا عرس عزاء لأبنه وتَعرفوا عَلى قَبره ..

هكذا هُم أطفال فلسطين تُمزقهم صواريخ العدو أشلاءً .. وتقتل الحلم في حياتهم ... فقد باغتت الصواريخ الطفل " احمد" هو ومجموعة من الأطفال، لتحول حياتهم إلى ملاحم بطولية يحيون معها الزمان .. فعند الالتقاء بالطفل الشهيد الحي وهو يتمت بكلمات تشعر فيه روح المجد والتحدي والقوة .. ويعطينا الأمل في الحياة ويجدد فينا الهمم والعزائم ..

إلى الملتقى ،،


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024