مكتب الزعيم الحزب السوري القومي
أيها الرفيق:
وردني كتابك (صادرة رقم 2) ويسرني جداً ما لمسته فيه من يقظة القومية الصحيحة في صدرك، ومن روحية طيبة يتحلى بها خلقك، ومن عزيمة صادقة يدل عليها بيانك البسيط الصريح، ومن فهم لوح النظام المطلوب التقيد بها من كل من يدخل دائرة النهضة القومية ويصير عضواً في الحزب السوري القومي. وإني أهنئك بنوالك ثقة معتمد الحزب في الولايات المتحدة وثقتي بجدارتك لتكون مديراً لفرع مشيغن ساهراً على مصلحة الحزب ونظامه ودستوره.
أرسلت تسأل "ما هو موقف الحزب من قضية سورية الجنوبية الحاضرة وإلى أية طريقة يلجأ لمساعدتها أو لتخفيف ويلاتها" وأنا أجيبك بسرور: أن الحزب السوري القومي يقول بأن لسورية الطبيعية قضية قومية واحدة تندمج فيها كل القضايا الجزئية والفرعية، كقضية فلسطين وشرق الأردن. والحزب القومي لا يرى وسيلة لإنقاذ فلسطين إلا بتعميم الحزب السوري القومي فيها وإيجاد الفروع النظامية وربط هذه الفروع بالمركز بحيث تنشأ من ذلك إدارة واحدة متينة تتمكن من الاستعداد والتجهيز لكل أمر، بدلاً من إحداث الحركات الفوضوية المضرة التي تحدث اعتباطاً من غير سابق درس وتخطيط وتكون نتيجتها وبالاً على السوريين، كما دلت على ذلك جميع الحوادث السابقة. وفي الحزب القومي مؤسسات فنية كالمكتب السياسي الحزبي يهتم بدراسة القضايا السياسية ومعالجتها بالطرق الدبلماسية الفنية ووضع الخطط السياسية الدقيقة وهذه لا تعلن لأحد لا للأعضاء ولا لغيرهم، لأنها تشتمل على نقاط خفية وأسرار دولة الحزب كما تشتمل وزارة خارجية أية دولة على أسرار وخطط لا يجوز البوح بها للشعب إلا بعد تحقيقها، حرصاً على سلامة الخطة.
تحب أن تعرف إذا كان يجوز لعضو الحزب السوري القومي أن يندمج في جامعة سياسية أخرى غير الحزب حتى في حالة تشابه أهدافها مع أهداف الحزب، والجواب: أنه لا يجوز مطلقاً لأن الحزب السوري القومي هو دولة العضو ولا يجوز أن يكون له هوية غير هويته الحزبية القومية. وهو إذا كان دخل الحزب عن يقين بمبادئه وثقة بزعيمه وطاعة له فواجبه إعطاء كل حيوية للحزب القومي لأنه الحزب الذي يجب أن ينجح وينتصر ويصهر كل هيئة أخرى لتحقيق برنامجه القومي السياسي وليس هنالك شيء يتمكن فرد من فعله لأمته ووطنه إلا ويجد في مؤسسات الحزب أفضل وسيلة لفعله. أما من كان يعتقد أن الأهداف المشابهة لها القيمة عينها التي لأهداف الحزب وأن هنالك طرائق غير طرائق الحزب القومي لخدمة القضية القومية فهو ليس سورياً قومياً ويجب ألا يكون في عداد أعضاء الحزب. وإذا ظهر من عضو شيء من ذلك كان دليلاً أن نفسيته وعقليته لم تصهرا صهراً كاملاً في الحزب فهو لا يزال يعتبر نفسه غير مقيد كل التقيد بنظام الحزب وأوامره وأن الحزب غبر كاف للقيام بكل ما تطلبه الحركة القومية وأنه يجوز أن تتعدد الأحزاب والهيئات العاملة لقضية قومية واحدة وهدف واحد وبرنامج واحد، فهو إذاَ على غير هدى من أمره ولا يجوز أن يبقى في عضوية الحزب في هذه العقلية. وإني أهنئك لاتخاذك الموقف الصحيح تجاه محاولات الذين أرادوا الاشتراك في جمعية تسمى "الجامعة العربية".
ومن اسم هذه الجمعية يتبين أن أهدافها مباينة لأهداف الحزب السوري القومي فالحزب له قضية قومية واحدة هي قضية القومية السورية أما مسألة الجامعة العربية أو الجبهة العربية فهي من المسائل التي يرى الحزب أن سورية مستعدة للتعاون فيها مع الأقطار العربية الأخرى التي يهمها إيجاد هذه الجبهة أو الاشتراك فيها وبالتالي تكون قضية الجبهة العربية قضية سياسية لا قضية قومية.
وبعد، فالأعضاء يجب أن يكونوا قبل كل شيء قوميين وأن يقوموا بواجباتهم القومية قبل التقدم إلى أي عمل سياسي. ولا ينتدب للأعمال السياسية في الحزب إلا المؤهلين لذلك، الذين يأتيهم تكليف رسمي. أما باقي الأعضاء فيجب أن يتمموا واجباتهم القومية من ثقافة ونظام وتمرن وبث دعاوة واثقين بقضيتهم واثقين بزعيمهم وتدابيره واثقين بالقائمين بمختلف الأعمال المنتدبين لها.
إن واجبات الأعضاء أن يكونوا قوميين والإدارة تعين للمؤهلين منهم واجبات سياسية أو إدارية أو إذاعية أو غيرها.
ولتحي سورية
في 11 ديسمبر 1937 الإمضاء
|