إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

قضية نعمــَـة تابت 2/3

أنطون سعادة

نسخة للطباعة 1947-08-15

إقرأ ايضاً


وهو ينسى أيضاً ان الزعيم الذي ظن وهو في المهجر ان مظاهر الأربع سنوات الأخيرة ليست الا دليل ضعف عارض لا يلبثون ان يشفى منه المصابون حالما يعود الى وسطهم، أراد تشديد عزائمهم ورفع معنوياتهم وبعث المثالية من جديد في نفوسهم فكتب من نعيم الجهاد والتضحية واحتمال الاضطهادات الشرسة في المغترب الى القائمين على الإدارة الحزبية يقول: أنتم انقذتم شرف الأمة. وينسى ان الزعيم قال في رسالة من الأرجنتين الى القوميين الاجتماعيين، "اعرف ما قاسيتم وتجهلون ما قاسيت وأقاسي". ويصير النسيان المجرم في عرفه معرفة فيتكلم عن "النعيم" الذي كان فيه الزعيم وعلى "تضحيات" الرخصة والالتواء العقائدي والمناقبي "وجهاد" الشاي والككتايل، التي كان هو وأصحاب الشعور المغلوب "يضنون" في ممارستها.


يتابع نعمة تابت الخائن منطق الافساد فيقول: ان الزعيم "بجميع تصريحاته وتصرفاته ضرب حول الحزب في الرأي العام نطاقاً فولاذياً من الجفاء والشك والاستهزاء والكره في بعض الأحيان" فلا يرى كم كسبت تصريحات الزعيم وتصرفاته ثقة وعطف في طول سورية وعرضها من أكثرية الشعب التي كان هو وزملاؤه من أصحاب سياسة الاذعان للأمر المفعول والانسياق في تيارات الارادة الأجنبية يحتقرون آلامها من التجزئة والاهانة ويصرفون النظر عن حاجتها وحاجة الأقلية نفسها التي صاروا ينظرون الى القضية القومية بمنظار تقلصها، الى استقرار وقتي قائم على عنعنة غير طبيعية محبة ذات، مضحية بكل القيم السامية والمثل العليا فأرادت التقلص في "كيان لبناني" بدلاً من مواجهة القضية كقضية – اجتماعية سياسية – حقوقية – يجب حلها ليس فقط في لبنان بل في سورية كلها باعتبارها قضية واحدة غير مجزأة من قضايا الوحدة القومية في الأمة السورية كلها وليس في بقعة واحدة من أرض الوطن الواحد.


ان خطاب الزعيم يوم وصوله أنعش الحياة في ملايين النفوس التي كادت تيأس من الاتجاهات التراجعية الملتوية التي حاول أن يقودها فيها خونة القضية القومية الاجتماعية المتلاعبون بشعور الوف القوميين الاجتماعيين المؤمنين بتعاليم حركتهم العظيمة، المستهزئون بايمان هذه الألوف، المحتقرون آلامهم وأمانيهم، العابثون بثقتهم النظامية وطاعتهم المثالية. عشرات الصحف التي كانت تنظر الى اتجاهات ابطال سياسة الاستسلام للحدث نظرات الريبة والقلق انطلقت تشرح القضية القومية الاجتماعية وتفتح صدرها لاراء الحزب وتعاليم الحركة القومية الاجتماعية وتؤيدها – صحف في الشام وفلسطين وشرق الأردن وما بين النهرين لم تكن تذكر الحزب السوري القومي الاجتماعي فتحت صدرها لتعاليم الزعيم وتصريحاته وأيدت مواقفه – صحف الفئة الطائفية الانعزالية في لبنان نفسها رحبت بالزعيم وتصريحاته الى أن شاء ضغط السياسة الاستغلالية تحويل ترحيبها الى نقمة.


صحيفة واحدة معروفة النشأة والغاية في لبنان أرسلت صيحات النقمة. ومن الغريب أن أول مردد لصيحاتها كان نعمة تابت نفسه وصاحب أو صاحبان له في سياسة الثعلبة والخيانة.


ان الجفاء والشك والاستهزاء والكره اذا كانت قد ضربت حول الحزب في فئة قليلة من الأمة غارقة في خصوصيتها المهددة مصير الأمة، فانما ضربها كان من قبل الذين عملوا تسع سنوات طويلة لنفي اسم الزعيم عن سمع الشعب وبصره ولِحوْكِ الشبهات حول شخصيته وتعاليمه وسياسته، الذين انتظروا حملة أعداء الأمة وأعداء أنفسهم على الزعيم من الخارج ليكشروا عن أنياب مثالبهم النفسية ويحاولوا نهشه من الداخل ثم هم يطلبون بوقاحة نادرة أن "يحافظ على الايمان بقدسية مزاياهم"!!


مزايا خساسة ولؤم طبع يجب احتقارها وسحقها وازالة آثارها الكريهة من وسط الأمة المبعوثة بتعاليم الحرية والواجب والنظام.


يتابع منطق الخيانة شرحه فيقول: "يجب ان لا يفوتنا ان عادات الجفاء والريبة فيما بين طوائف هذا البلد لم تنشأ صدفة فهي لسؤ الحظ من غرس عصور وأنظمة سياسية واجتماعية قديمة، ولكنه لا يقول ان هذا الكلام هو ترديد ببغائي لتعليم الزعيم على شيء من التعديل بادخال عبارة "هذا البلد" (لبنان). ان الزعيم نظر الى الحالة الاجتماعية – السياسية – الحقوقية الموجودة ليس فقط في "هذا البلد" بل في الوطن كله – ومعالجتها لا تكون بالحصر في "هذا البلد".


ان لحقيقة واقعة ومحسوسة، انه لم يقض على الخوف والريبة والجفاء واسبابها في هذا الوطن كله غير تعاليم سعاده وسياسته التي تعالج الداء كله من أصله ولا تعالج جزءاً منه في فرع محدود وجميع الذين رددوا تعاليم الزعيم كالببغاوات وسلكوا "سياسة" المعالجة الجزئية، الفرعية وجزأوا القضية أو أطلقوها من حدود طبيعتها وجاوزوا بها حقيقتها، أخفقوا وزادوا أسباب الريبة والجفاء والخوف. انهم لم يفعلوا شيئاً غير صبغ الحزبية الدينية العمياء بصباغ التعاليم القومية. ولسنا ندري كم يستحق خونة القضية القومية الاجتماعية المقدسة التهنئة عل اكتشافهم هذه الشعوذة القومية التي يسميها رئيسهم السياسة التي يفهمها "الشارع".



يتبع...



النشرة الرسمية، العدد الرابع، المجلد الثالث، 15 آب 1947


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024