ايها القوميون الاجتماعيون!
ذكرني وذكركم الرفيق حايك، في كلمته عن كيفية انتمائه إلى الحزب القومي الاجتماعي، أمراً لم أكن أنساه وأعتقد أيضاً لم تنسوه ولن تنسوه، هذا الأمر هو ما أعلنته في رسالة 2 تشرين الثاني 1947، إذ قلت " ان مقررات منظمة الأمم المتحدة لا يمكن أن تقرر مصير الأمة السورية وانها في كل ما يعني مصير الأمة السورية باطلة لا تحمل إلا الظلم والعدوان على الأمة السورية وحقها في الحياة".
منذ ذلك اليوم والتاريخ يدور. وفي دوران التاريخ مرت أحداث غيرت أوضاعاً كثيرة على هذا المسطح الذي يعرف بسورية الطبيعية. فقد نشأت في الجنوب الغربي دولة جديدة هي الدولة اليهودية، ومع ان الدولة الجديدة قائمة بالفعل ومع اني كنت أول من أعلن وجوب أخذ وجود تلك الدولة بعين الاعتبار فأن تصريحي في 2 تشرين الثاني 1947 لا يزال قائماً لأنه تصريح يربط أمة حية بأسرها.
اننا قد أعلنا بطلان تلك المقررات ليس فقط من الوجهة الحقوقية الانترنسيونية القانونية بل من وجهة مبدأ القوة التي تؤمن حق أمة في الحياة.
تقوم اليوم في الجنوب دولة جديدة غريبة كنت أترقب قيامها وأعلنت أنها ستقوم قبل أن تعلن هي عن نفسها لأني كنت أرى التخاذل السوري سيوجدها حتماً. ولني كما أعلنت قيام تلك الدولة أعلن اليوم محق تلك الدولة عينها.
اني أعلن محق تلك الدولة الغريبة ليس بقفزة خيالية وهمية، بل بما يعده الحزب القومي الاجتماعي من بناء عقائدي وحربي يجعل من سورية قوة حربية عظيمة تعرف أن انتصار المصالح في صراع الحياة يقرر بالقوة بعد أن يقرر بالحق.
وهذه الدولة الجديدة نشأت في الجنوب بفضل تفسخ مجتمعنا النفسي وبفضل المنازعة بين حكوماتنا السورية وانقسامنا بعضنا على بعض، بفضل هذه الأمور أكثر كثيراً مما هو بفضل المهارة اليهودية الزائفة التي يقف أحد أبطالها اليوم يدعي أنها هي. ونحن نعرف ما هي وما هو هزالها، التي أنشأت الدولة اليهودية.
ان الدولة اليهودية لم تنشأ بفضل المهارة اليهودية ولا بشيء من الخلق والعقل اليهوديين، اذ لا توجد لليهود قوة خلاقة. بل بفضل التفسخ الروحي الذي اجتاح الأمة السورية ومزق قواها وبعثر حماسها وضربها بعضها ببعض وأوجدها في حالة عجز تجاه الأخطار والمطامع الأجنبية.
تلك الدولة الجديدة تقف اليوم متحدية، يعلن أحد أقطابها أنها تستعد لتملك بقسة أرض يحددها ما بين الفرات والنيل. نحن في الحزب القومي الاجتماعي كنا نعلم مدى مطامع الخيالات اليهودية الوقحة. وقد حذرنا من هذه الخيالات العناصر والفئات التي تملك في سياسة الوطن اكثر مما نملك نحن، هذا الحزب الجديد الناشىء الفتي. أخبرنا تلك الفئات، ونجن موقنون بأنهم لم يأخذوا تحذيرنا بما يستحق من الاعتبار. لكننا حذرنا كي لا يقال أننا لم نحذر وام ننبّه. ان تلك الفئات لم تكن مؤهلة لقيادة شيء من المصير القومي. انها لم تكن تمثل ارادة قومية. انها لا تمثل اليوم ارادة قومية. لا تمثل إلا خصوصياتها الحقيرة التي لم ينتصر اليهود في شبر من الأراضي السورية إلا بفضلها هي.
ان اليهود قد انتصروا في الجنوب على يهودنا نحن ولم ينتصروا على حقيقة الأمة السورية.
ان محق الدولة الجدية المصطنعة هي عملية نعرف جيداً مداها. انها عملية صراع طويل شاق عنيف يتطلب كل ذرة من ذرات قوانا، لأنه وراء الدولة اليهودية الجديدة مطامع دول أجنبية كبيرة تعمل وتساعد وتبذل المال وتمد الدولة الجديدة بالأساطيل والأسلحة لتثبيت وجودها.
فالأمر ليس فقط مع تلك الدولة الجديدة المصطنعة. انه مع الدولة الجديدة ومع دول عظمى وراء الدولة الجديدة! انه صراع طويل وشاق. ونحن نعرف جيداً انه كذلك ونسير بهذه المعرفة واثقين مطمئنين وهذا الاطمئنان نفسه يعني ان النصر في الأخير شيء أكيد لا مفر لنا منه. عندما بدأت معارك العقلية القديمة ضد قيام الدولة في الجنوب أرسلت منفذية الحزب القومي الاجتماعي في حيفا إلى المركز تطلب جواباً يعين موقف الحزب من الاتجاه الحربي القائم فكان جواب المركز أن الحزب السوري القومي الاجتماعي لا يثق بالقيادات التي تسير القوات السورية إلى الحرب ولا يثق بالقضايا التي تسير فيها تلك القوات والحزب يعرف أن الضفوف الأمامية التي تسيرها القيادات العاجزة والقضايا المائتة ستنهار لأنها صفوف غير مؤسسة في حقيقة قضية صحيحة.
ان حقيقة قضية فلسطين هي في عقيدة أمة حية وارادة قومية قاعلة تريد الانتصار! اننا كنا نعلم علم اليقين ن الصفوف الأمامية المقسمة، غير الجديرة بالانتصار، السائرة إلى المجابهة بلا قضية واحدة ولا ايمان واحد ستنكسر تجاه هذا الخطر وهي: بناء الصفوف الخلفية التالية التي ستتقدم إلى مجابهة العدو بنظامها المتين وعقيدتها القومية الاجتماعية الصحيحة النظامية، بعد أن تسقط الأمامية.
والنهضة القومية الاجتماعية تتقدم اليوم في صفوف جديرة بالانتصار، لأن في صفوفنا ارادة أمة حية لا أمم في طوائف ودول، في حكومات قزمية غير جديرة بالاضطلاع بمسؤولية تقرير المصير القومي.
نحن مستمرون اليوم في خطتنا. ان الدولة اليهودية تخرج اليوم ضباطاً عسكريين وان الدولة السورية القويمة الاجتماعية التي أعلنتها سمة 1935 تخرج هي بدورها ضباطاً عسكريين! ومتى ابتدأت الدولة الجدية الغريبة تتحرك بغية تحقيق مطامعها الأثيمة والاستيلاء على بقية أرض الآباء والأجداد، ابتدأت جيوشنا تتحرك لتطهير أرض الآباء والأجداد وميراث الأبناء والأحفاد من نجاسة تلك الدولة الغريبة!
هذا ليس آخر جواب نعطيه، لأن الجواب الأخير سيكون في ساحة الحرب متى قررت القيادة القومية اعلان الحرب.!
الخطاب الذي ألقاه الزعيم في حفلة منفذية السيدات في برج البراجنة "لبنان" في أول حزيران 1949 أي قبل حادث الجميزة بعشرة أيام وقبل استشهاده بثمانية وثلاثين يوماً.
|