إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

إلى غسّان تويني رسالة 8 ج 1

أنطون سعادة

نسخة للطباعة 1946-09-03

إقرأ ايضاً


ايها الرفيق العزيز،

تسلمت امس كتابك الأخير المؤرخ في 28 اغسطس الأخير/ الذي وصل الي في مدة أيام من وقت ارساله، وهي سرعة حسنة جداً في المواصلات وارجو ان يكون كتابي الأخير إليك المؤرخ في 26 اغسطس قد وصل اليك بالسرعة عينها.

أهنئك بوضعك اطروحتك "في القضية الفلسطينية" وأرجو أن تكون قد راعيت فيها الاصطلاحات ةالتعابير السورية القومية كأن تثبت بالتسمية وفي كل شرح، سورية أهل فلسطين، لأن كونهم سوريين جزءاً من الأمة السورية كأن تقول The Syrians in Palestine are generally called Arabs او شيئاً من هذا المعنى ليدل دائماً على وضع قلسطين القومي وأنها داخلة ضمن نطاق "القضية السورية" و "الأمة السورية". وأرجو لك توقيثاً تاماً فيها وفي غيرها من الاطروحات التي يتوجب عليك تقديمها، واني أرى أنك تجتاز الآن وقتاً تزدحم فيه المهام والأعباء ولكني أثق بمقدرتك على الاضطلاع بها جميعها بنجاح وأكرر رجائي ان يصحبك كل التوفيق الذي تستحقه مداركك وأن تتمكن من العودة الى العمل القومي الاجتماعي الكبير بكليتك وأن تكون عودتك الى الوطن سريعة وأن نجتمع هناك ونتعارف أكثر ونتعاون أكثر.

بهذه المناسبة أريد أن أقول أنه لا شيء أفضل من الاجتماعات والمقابلات الشحصية لاتمام التفاهم في الشؤون الفكرية الأساسية والعملية بسرعة.

تقول في كتابك الأخير المذكور أنك كنت تود أن تدخل معي "ضمن نطاق فكري ثقافي في بحث مسألة القيم الأخيرة ومسؤولية الانسان تجاهها وعلاقتها بولائه القومي وبالمؤسسات القومية السياسية" واني أشاركك هذه المودة أو هذا الود من أجل غرض التوسع في ادراك التطبيق وادراك حقيقة "القيم الأخيرة". ولكني أرى تأجيل ذلك لحين التقائنا، ليس فقط لأن "وضعي ووضعك" لا يسمحان بذلك، بل لأن وضع الموضوع الذي أردت معالجته لا يحوج الى هذا التوسع الفكري في الفكر الثقافي المحض، ولأنه يمكن اعتبار النقاط الرئيسية من هذا الوجه غير مختلف عليها الا في تفاصيل هامة معينة. فلست أظن أنك تعتقد اني أجهل وجوب كون الانسان المتمدن المثقف، مسؤولاً عن قيم أساسية في حياته النفسية، الفكرية الشعورية، وما لهذه القيم من علاقة بشؤون حياة المجتمع وشؤون مؤسساته. والموضوع الذي عالجته معك لا يوجب الدخول في هذه التوسعات الفكرية الثقافية البحت. ففي ملاحظاتي على تقديم حضرة عميد الثقافة مسؤولياته الانسانية الشخصية تجاه "القيم العليا" اقتصرت على ابداء ما في هذا التقويم والاستناد المطلق من تضارب مع وحدة المسؤولية الدستورية والادارية في الشعور بهذه المسؤولية وتحملها. فالمسألة مسألة دستورية ادارية بحت وليست مسألة ثقافية فكرية والفرد حين لا يكون مسؤولاً عن ادارة حطومية معينة يكون أقل ارتباطاً بالمسؤوليات الدستورية والادارية فيعتمد في أعماله وتصرفاته مسؤولياته نحو القيم العليا باطلاق، لأنه حينئذ لا يكون مسؤولاً إلا نحوها ولكنه حين يعين مؤسسة ادارية معينة يصبح مسؤولاً في الدرجة الأولى تجاه النظام الذي وضعه في وظيفته ويصبح عليه ادراك ان مسؤوليته تجاه القيم العليا مندمجة في مسؤولية النظام كله بجميع مؤسساته العليا تجاه هذه القيم وان مسؤولياته في وظيفته التي يؤدي حساباً عنها هي مسؤولية نظامية ادارية عضوية تختلف عم مسؤولياته الفردية الشخصية في حالة عدم مسؤوليته القانونية.

.....

يتبع

صدر عن مكتب الزعيم، في 3 سبتمبر 1946 ولتحي سورية

خاتم وامضاء الزعيم


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024