الى الرفيق العامل غسان تويني،
مفوض مكتب عبر الحدود في اميركانية – بوسطن – اميركانية
ايها الرفيق العزيز،
يوم السبت الواقع في 30 نوفمبر الماضي أقام الرفقاء وفريق من السوريين المغتربين في التكمان عشاء وادعياً للزعيم، وقد خاطبت المواطنين في تلك المدينة، بمناسبة وداعي لهم، بما يجب ان يسمعوه في ما يتعلق باخلاقهم وعاداتهم وسلوكهم الاجتماعي والقومي وختمته بنصائح لهم لمستقبل خياتهم. ويوم الأثنين الواقع في الثاني من كانون الأول الحاضر ركبت وعائلتي القطار عائدين الى بوانس ايرس ومفادرين التكمان نهائياً.
كان الأسبوع الأخير في التكمان مضنياً بكثرة الأعمال والاستعدادات وبالحادث الذي تخلله وكاد ان يكون مصيبة كبيرة لنا عائلياً ولم ينقذنا من ذلك غير حسن المقادير. وخلاصة الحادث انه بينما كنا منهمكين أنا وزوجتي والخادمة وبعض الرفقاء الذين جاؤوا للمساعدة في جمع الأشياء المتنقلة وتعبئتها، اتى أولاد صغار للجيران في الجهة الاخرى من الشارع فخرجت ابنتاي الى الباب للاجتماع بعم ونحن غافلون عنهم. ثم انهم اجتازوا الشارع في هذه الغفلة الى الجانب الآخر ومعهم ابنتي الصغيرة وعمرها سنتان فقط لم تكن سريعة مثلهم فكانت تسعى في مؤخرتهم فداهمتها سيارة يسوقها رجل يحادث ابنة له تصحبه فيها فصدمتها وألقتها الى الأرض خابطة رأسها بها ومرت فوقها ولكن الطفلة وقعت عند متوسط السيارة فلم تطأها العجلات. لم يرى أحد منا الحادث ولما سمعنا صراخ اختها وخرجنا الى السارع كانت الطفلة منبطحة في الشارع صريعة فأسرعنا إليها ورفعناها وهي في غيبوبة وأسرعنا الى الأطباء وأقمنا كل الليل ننتظر حالتها فنامت خادئة والجليد على رأسها احتياطاً لأي اختلال داخلي عنيف. وفي الصباح استيقظت وتكلمت رغم ورم خدها وبعد الظهر نهضت ومشت في المستشفى وأعلن الأطباء أن لا خطر عليها وانها لم تصب بغير رضوض سليمة في خدها وجانب رأسها.
وجدت في بوانس ايرس رسالتك المؤرخة في 23 نوفمبر وضمنها سند بإسمي من مصرف شوسوط بوسطن الى المصرف الكيمي والترصط في نيويورك. ولم أتمكن من الاهتمام بالسند في الأيام الأولى بداعي الانتقال وزيارات الرفقاء والاصدقاء للسلام ولوعكة خفيفة ألمت بي لما تعرضت له من تغير الاقليم. وقد ذهبت اليوم الى مصرف بوسطن القومي في بوانس ايرس، لأرى هل يمكن قبض السند عنا فقالوا لي ان الطريقة الوحيدة هي ان اودعه عندهم برسم القبض وأنتظر ريثما يرسلون ويقبضون المبلغ من المصرف المعين في اميركانية ويأتيهم الجواب، هذا بشرط أن يكون لي حساب جاري في مصرفهم او بواسطة شخص آخر يكون له حساب جار عندهم. ولما لم يكن لي حساب جار في مصرف بوسطن المذكور ولا في مصرف اميركاني آخر، اذ ان خسابي في بوانس ايرس لم يكن غير مصرف الأمة الأرجنتينية، ولما لم أحظ في الحال بصديق له حساب جار مع المصرف المشار إليه رأيت أقصر الطرق أن أعيد إليك السند لتبدل به تحويلاً على مصرف في بوانس ايرس. الصك الذي أرسلته هو لأمري في مصرف موجود في اميركانية وليس على مصرف في الأرجنتين، واي مصرف هنا سيحتاج الى ارساله الى اميركانية اولاً لإجراء معاملة تحويله الى حسابه ثم يدفع مبلغه تحويلاً اما على The First National Bank of Boston في بوانس ايرس واما على The National City Bank of New York في بوانس ايؤس، بدلاً من البنك الكيموي والترصط في نيويورك وعلى البنك المصدر ان يرسل في الحال بالبريد الجوي الى البنك المحول اليه في بوانس ايرس العلم بارصاد المبلغ المذكور للبنك المحول اليه فحينئذ يمكنني قبضه في الحال بواسطة المصرف الذي أتعامل معه او مباشرة حالما يصل العلم الى المصرف المصدر هناك.
.....
يتبع
صدر عن مكتب الزعيم، في 13 ديسمبر 1946 ولتحي سورية
خاتم وامضاء الزعيم
|