وأخيراً سفرت الخيانة الصفقية عن وجهها الحقيقي، ونضحت "المتانة الخلقية" عن وهن ادعاء الترفع عن المصالح الشخصية وتحطمت "الصخرة الصلدة" المزعومة على صخرة الحقائق.
فاذا بالخائن نعمة تابت يجهد النفس ويعصر الدماغ للتعويض عما فات من مظاهر المجد الغابر، في بعض المطرودين المنبوذين من صفوف المجد، صفوف الحزب القومي الاجتماعي، وبعض الاقطاعيين الاصيلين ممن يتخذون من الفلسفة ستاراً لمآرب سياسية هي بنت الاقطاعية البكر، وبعض المعتقدين بخلق الكل من العدم والمندفعين في تيار الغربية على غير وعي لشخصية هذه الأمة العظيمة وحيويتها وطبيعتها المميزة.
فالتقى الخائن نعمة تابت بكمال جنبلاط وسعيد عقل وعبيد عيسى عبيد وبعض المطرودين من الحزب القومي الاجتماعي منهم صلاح لبكي، على مشروع حزب جديد! هو "الحزب اللبناني" العتيد، على صعيد استثمار "مجد غابر" و "جهاد منتحر" وتطاول على المجد وتهالك!
وان هذه المحاولة يقوم بها نعمة تابت، ومن حوله ممن ذكرنا لاحقاً، فانها لم تكن خافية على الادارة الحزبية، كما صرح لنا أحد المسؤولين مؤخراً، بل كانت حلماً راوده طيلة عمله الحزبي عمل له مستغلاً صفته الحزبية، وكانت مسجلة عليه في سجلات الدوائر الحزبية الى أن حان الوقت وكان ما كان، وسفر نعمة تابت عن وجهه وراح ينقب عن الاعوان.
والواقع ان هذه المحاولة ليست الأولى من نوعها في تاريخ هذا البلد، فقد شهد الناس في عهد الانتداب ولادة تشكيلات عديدة ومختلفة الالوان والمنازع والغايات ترتكز في نشأتها على مفسدة من المفاسد الاجتماعية، وتنتهي عند تحقيق مأرب أو غاية. وان هذه المحاولة يقوم بها نعمة تابت لا تختلف في أساسها ونشأتها وغايتها عن تلك التشكيلات. فهي أولاً وأخيراً محاولة استثمار الوضع الراهن والفساد القائم، وتأمين سكوت السلطات عن المحاولة.
والمفروغ منه ان البلاد التي شهدت ولادة مثل هذه التشكيلات وموتها أو بقاءها ميتة ستشهد، مرة أخرى في "الحزب اللبناني" هذا، نوعاً مشابهاً من التشكيلات ستنتقل الى حيز الاهمال والعدم حال تأمينه، بشكل من الأشكال، غايات القائمين بها! وليس بعيداً أن تتحقق هذه الغايات ما دام مؤمناً لها الجو ورضا السلطة، وليس بعيداً أن تموت "الفكرة" في حال تحقيق تلك الغايات الشخصية الضيقة!
"الشمس" العدد 289 في 10 آب 1947.
|