إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

في مكتب منفذية دمشق 1/1

أنطون سعادة

نسخة للطباعة 1949-05-01

إقرأ ايضاً


يشهد هذا الاجتماع على أنني قد آمنت حقاً، وأنني عملت حقاً بإيمان، آمنت أن الأمة السورية فن وإبداع لا مادة يتصرف بها فنان مبدع، آمنت أنها أمة فن، أمة خلق، أمة تنظر إلى الكون نظرة فاهمة واعية مدركة فيها قوة تسلط على الكون، قوة التسلط على ما يقدمه الكون فتستخدمه في فنها للسمو والجمال والخير. ابتدأ الإبداع بالوعي والإدراك والفن فلا إبداع إلا بوعي وفن وإدراك. وهذا الوعي الذي يسير بنا من حضيض سقطت إليه هذه الأمة متجردة عن حقيقتها وضاع فيها وجودها إلى مرتبة تستعيد فيها حقيقتها وقوتها ونظرها الفاهم وإمكانياتها العظيمة متحررة من قيود الظلم والانحطاط فتنهض قوة عظيمة تريد أن تقبض على ما حواليها وان تحارب كل قوة تحاول اعتراض طريقها وصدها، إن هذه النهضة تمثل إنتصاراً على اللاوعي، تمثل إنتصاراً على الجمود، إنها نهضة تعيد الذات إلى حقيقتها، تعيدها لتكون قوة فاعلة لا مادة يفعل فيها فهي من هذه الناحية تمثل إنتصاراً روحياً عظيماً هو الشرط الأول في سبيل الإنتصار المادي. إننا بهذه النهضة قد انتصرنا على اللاوعي لأننا حركة لا عدم، فالعدم ليس معناه إنعدام المادة الجامدة بل معناه إنعدام الحركة. والحركة نشاط وتقدم وشرط الحركة في الإنسانية أن تكون حركة ذات قصد. وإننا وحدنا، هذه القوة الجديدة في هذه الأمة الفتية بعد شيخوخة، قد نهضنا حركة ذات قصد ومن حيث أننا حركة ذات قصد نحن نفس إنسانية حرة متحركة وقوة ذاتية فاعلة، لذلك نحن نسير ونتغلب على ما يعترض حركتنا من صعوبات. إن فينا جوهر الأمة، وجوهر الأمة هو الخلق والإبداع والتفوق وقد وصلنا إلى هذا الإنتصار بعد المعارك التي مضت لأننا نسير إلى ما هو أعظم من الإنتصار، إننا قد وصلنا إلى هنا في مرحلة من مراحلنا لا إلى الغاية التي ننشدها، نحن في الطريق إلى غاية عظمى لهذه الأمة، نسير إليها مؤمنين واثقين ببلوغها ليس لأن كل من سار على الدرب وصل، بل لأن من يصل إلى الغاية هو الذي يعرف الغاية ويعرف الدرب.


نحن قد نهضنا وارتفعنا فوق الجزئيات الحقيرة لأننا نعرف هذه الأمة خلوداً في آيات خالدة، فنحن نسير إلى هذا الخلود، إلى هذه الغايات الخالدة. هذه هي حقيقة هذه النهضة المؤمنة بنفسها المؤمنة بشخصيتها، هذه هي حقيقتها، فإذا قلت لو شئنا أن نفر من النجاح لما وجدنا مفراً. قلت حقيقة بسيطة، فعلية، خالية من كل تبجح.


الحزب السوري القومي الاجتماعي يرمي إلى تحقيق شخصية الأمة السورية ووحدتها القومية ووحدة حقوقها ومصالحها ومصيرها، وإلى إثبات حقها في الحياة الجيدة والتفوق.


أما تحديد الحزب للأمة فيشمل هذا المجتمع الموحد في الحياة الذي امتزجت أصوله وصارت شيئاً واحداً هو المجتمع القائم في بيئة واحدة ممتازة عرفت بإسم سورية وسماها العرب "الهلال الخصيب" لفظاً جغرافياً محض لا علاقة له بالتاريخ ولا بالأمة. فالأصول المشتركة "الكنعانية – الكلدانية – الأشورية – الأمورية – الآرامية – الحثية" التي وجودها وامتزاجها حقيقة علمية تاريخية لا جدال فيها والتي يلم يزدها دخول العنصر العربي إلا وحدة وبروزاً، هي أساس اجتماعي – نفسي – تاريخي – ثقافي، كما أن مناطق الهلال الخصيب هي وحدة جغرافية – زراعية – اقتصادية – استراتيجية.


لم يشدد الحزب في أول نشأته على إدماج العراق، كله، في قضيته القومية، واكتفى بجعل حدود الوطن السوري الشمالية الشرقية "ضفاف دجلة"، نظراً للظاهرة السياسية الأولى في نشأة دولة العراق وملاحظة نزعة عراقية إنفصالية. ولكنه كان يعتقد أن وحدة الحياة المتزايدة التوثيق، يوماً بعد يوم، ووحدة الحقوق والمصالح والأهداف، وبالتالي، وحدة المصير، توجب النظر إلى هذا الواقع الحي، الفاعل، العظيم، وتتكفل بإزالة جميع الإعتبارات الجزئية الوقتية التي أجلت ظهور هذه الحقيقة الكلية العظيمة.


وقد نظر الحزب القومي الاجتماعي بعين الإرتياح إلى التطورات السياسية والنفسية الحادثة مؤخراً التي جعلت عدداً من الشباب العراقيين المتعلمين يرون في تعاليم الحزب السوري القومي الاجتماعي ونظرته إلى الحياة والكون والفن تعبيراً صادقاً عن وحدة الأمة السورية وأسمى مطالبها في الحياة ويتجهون نحو هذا الحزب، واضع أسس الوحدة القومية والقضية القومية – الاجتماعية، الكلية التي لا تتجزأ.


والحزب السوري القومي الاجتماعي يرى، في تأسيسه هذه القضية الكلية الحقة وفي نشره الوعي القومي في طول البلاد السورية وعرضها، إنتصاراً لحقيقة هذه الأمة ولقيامها بقيادة العالم العربي.


صعوبات التسمية وتحديد الأسم: لما كان شعب هذه البيئة الطبيعية (الهلال الخصيب) أمة واحدة لها جميع مميزات الشخصية القومية ومقوماتها لم يكن بد من إسم مميز لهذه الشخصية الاجتماعية الحقوقية. وأفضل اسم لها هو ما له سبق تاريخي عرفت به. والإسم التاريخي الذي شمل جميع مناطق هذا الوطن هو "سورية" التي تمت وحدتها السياسية الدولية، بصورة تأسيسية نهائية، في عهد الدولة السورية السلوقية التي وضعت قاعدتها الأولى في مكان من العراق الحاضر وانتقلت فيما بعد إلى انطاكية. وهذه الوحدة كانت قد سبقتها وحدات كانت في الغالب أقل تماسكاً من الوحدة المذكورة، نظراً لعوامل عديدة كتوزع الجماعات وقلة السكان وضعف الثقافة وسؤ المواصلات وغيرها من العوامل الوقتية.


وقد وجد الحزب أن بعض الأوساط تجد صعوبة في قبول هذه التسمية وإطلاقها على جميع البلاد السورية.


...


يتبع


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024