الحزب السوري القومي
مكتب الزعيم
حضرة الرفيق يوسف الغريب،
تسلمت جوابك على كتابي الاداري الأخير وهو مؤرخ في 10 يناير الجاري. وللحال وضعت جواباً مسهباً عليه ولكن رأيت أن أحاول لفت نظرك في كتابي المختصر إليك، إلى عدة أمور تساعدك على مراجعة نفسك وادراك أغلاطك.
1 – لم أعودك لهجة من اللهجات التي يحق لك ابداء ملاحظة بشأنها. فاللهجة الادارية – النظامية تختلف بطبيعتها عن اللهجة الأدبية والشخصية. وقد ابتدأت اللهجة الادارية معك لأسباب ادارية وشدتها كانت مسببة عن مخالفتك للتعليمات والنظام ونشرك أموراً عن الحزب لم يخولك الحزب نشرها.
2 – بصفتك أحد أعضاء الحزب السوري القومي لا يحق لك أن تطلب أو تتوقع امتيازاً لك على بقية الأعضاء في المعاملة النظامية. فدخولك الحزب السوري القومي لم يكن على بناء شروط لك، بمعاملة مخصوصة.
3 – بصفتك أحد أعضاء الحزب السوري القومي لا يحق لك أن تخاطب الزعيم بلقب "الرفيق" الذي استعملته وعدت في جوابك المذكور إلى استعماله بعد تنبيهك في كتاب سابق إلى عدم جوازه.
4 – بصفتك أحد أعضاء الحزب السوري القومي لا يحق لك، وأنت مرؤوس، أن تبدي تكبراً على أية لهجة ادارية يستعملها معك رئيسك ما دامت هذه اللهجة ادارية ولا يحق لك الاعتراض عليها إلا اذا احتوت اهانة شخصية وفي هذه الحال تقدم اعتراضك بتأدب واحترام وتقتصر فيه على ذكر العبارات التي تجد فيها اهانة. ولما لم يكن في كتابي الاداري السابق اليك ما يمكن أن يشتم منه رائحة محاولة اهانتك فابداؤك ملاحظات بشأن لهجته هو تجاوز وتمرد من المرؤوس على الرئيس. وإذا كان في لهجة الكتاب شدة فهي شدة ادارية مبررة بأهمية الغلط ومبلغ المسؤولية.
5 – ان انكارك المهمة التي كلفتك القيام بها لا يستند الى حجة غير نسيانك. وهي حجة باطلة. ولو لم تكن هنالك مهمة أكيدة لما وجدت داعياً لمطالبتك باهمالك. واني اذكّرك لعلك تتذكر – عند نهاية حديثي إليك في زيارتك لمكتبي كلفتك العودة إلى مقابلة ناموس السفارة البريطانية. اذا تمكنت في ايجاد فرصة لذلك، لمحادثته في ما كنت قد كلفت به من قبل، بناء على اظهار قنصل بريطاني في البرازيل رغبته في ايجاد اتصال بين الزعيم والسفير هنا وأظهرت لك الكتاب الوارد من البرازيل وطلبت منك نقل اسم القنصل للسفارة وتبليغها رغبته. فأقبلت على الورقة وتمعنت في اسم القنصل الذي قرأته لك ويترجح عندي انك نقلته الى دفتر او ورقة معك. ثم خرجت واعداً بأنك ستحاول تنفيذ هذا الأمر. والظاهر ان اضطرارك او اختيارك مرافقة اصحابك الذين جئت معهم من كردبة، اذ تقول في جوابك انك "كنت مقيداً بهم" جعلك تنسى المهمة، خصوصاً وانت لم تكن ترجع إلى الفندق الا "في ساعة متأخرة من الليل" كما تقول في موضع آخر في جوابك المذكور. وأنا لم اشدد عليك في وجوب تنفيذها في الحال، نظراً لقولك لي انك شبه مقيد مع الذين أتيت معهم، ولذلك ولعدم رغبتي في احراج مركزك جعلت تكليفي بصورة طلب القيام بمحاولة، اي أن تحاول انت ايجاد فرصة من وقتك للذهاب الى السفارة، لأني لم أشأ أن أكلفك تعطيل اشغالك التي قد تكون ضرورية لك. وهو منتهى التساهل الذي كان في امكاني ابداؤه في تلك الظروف. وكان في نيتي أن اكلفك، متى أخبرتني بنتيجة مسعاك، تنفيذ هذه المهمة كتابة من كردبة. ويترجح عندي اني ذكرت لك امكانية هذا التنفيذ. ولكنك كنت مستعجلاً. وكنت أنا متأكداً من انك تعطيني جواباً وبياناً بنتيجة تكليفي اياك مهما كانت، سلبية او ايجابية. ولكنك لم تفعل. ومهما كان سبب عدم اتصالك بي ثانية، حتى من كردبة اذا لم يكن تيسر لك ذلك في بوانس ايرس، فان عدم الاتصال مع عدم تأكدي ووثوقي مما كلفتك اياه لمصلحة القضية القومية يبرران كل لهجة ادارية شديدة، سواء أكنت متعوداً عليها أم غير متعود. فإن من خصائص الادارة النظر الى الصلاحيات والمسؤوليات والأعمال ولا يدخل في هذه الخصائص النظر في أمزجة الاشخاص لاعطاء كل منهم اللهجة التي توافق مزاجه. فالادارة لها لهجة واحدة مع الجميع.
6 – ليس صحيحاً قولك أنك اشعرتني بوجود من ينتظرك خارجاً في اول دخولك عليْ. ولكن بعد أن ظهر من نوع الحديث انه سيمتد استأذنت لتنزل إلى الشارع لصرف من ينتظرك. وهذا كان اول اشعار منك بوجود.... فوافقتك.
7 – ان ما ذكرته في كتابك من حديثي اليك مشوه وغير مطابق للحقيقة وغير مشتمل على اساس الحديث وغرضه.
8 – ليس صحيحاً اني كنت "اتكلم طول المدة وانت صاغ .." وهذا التعبير غير جائز ولا لائق من مرؤوس إلى اي من رؤسائه، فضلاً عن زعيمه.
9 – ان قيّم احد الفنادق، اذا صلح لاعطاء خبر مستعجل لضرورة قاهرة، لا يصلح ليكون واسطة بين احد القوميين وزعيمه ولا للاعتذار باسم ذاك القومي. فالاعتذار يجب أن يكون رأساً. ولو انك أرسلت ولو كلمة مختصرة من كردبة تبدي فيها عذرك وتعتذر حتى عن اضطرارك للالتجاء الى قيّم فندق ليبلغني سفرك لكان اكثر انطباقاً على الواجب وعلى اللائق.وكان ذلك فتح المجال لمخابرتك واعطائك توجيهات جديدة وتعليمات في كيفية تنفيذ المهمة التي كنت كلفتك بها. ولكن سكوتك واهمالك هذا الواجب جعلني أفضل اختبار الى أي حد يمكن اعتمادك في المهمات والواجبات النظامية.
10 – انك مخطىء في نسبتك الى الزعيم محاولة تأويل عودتك إلى مقر عملك. فالزعيم لم يأول عودتك ولا برهان عندك على ما تدّعي.
11 – لا يجوز لأحد القوميين تفسير النصوص الادارية على هواه. فحين يكون احد القوميين تحت حساب اداري عليه اعطاء الأجوبة والبيانات المطلوبة من غير تعليقات تدل على روح مناظرة المراجع الادارية ومساواة نفسه بها وهو خرق للنظام.
12 – قولك انك ترى موافقاً في هذه الظروف انسحابك من صفوف القوميين ليس له محل في معرض هذه المحاسبة. اما انك ضنين بكرامتك فهذا امر لا علاقة له بالحساب الاداري الجاري. والكرامة المعرضة هي كرامة المنظمة القومية ودستورها. اما حرمة الزعيم فتحفظ بالتزام ما يوجبه النظام نحوه من الاحترام وبعدم التمرد على سلطته الدستورية وصلاحياته الادارية.
فإذا راجعت نفسك بناء على ايضاحات هذه البنود الاثني عشر واقمت حق الامانة للنظام القومي واليمين التي حلفتها ولم تكن راغباً في التمرد على النظام والقوانين فيكون متوجباً عليك ..
1- الاعتذار عن اللهجة التي استعملتها في كتابك الاخير حين مخاطبة الزعيم.
2- الاعتذار عن اساءة تفسير كتاب الزعيم الاداري السابق اليك واساءة تأويله.
3- الاعتراف بأنك نسيت او قد تكون نسيت المهمة التي كلفك الزعيم القيام بها.
4- اظهار استعدادك لقبول التدبير او الحكم الاداري الذي تصدره المراجع القانونية في امر تصرفك في هذا الصدد.
5- الاعتذار عن مخاطبة الزعيم بلفظة "الرفيق" في معاملات رسمية.
6- الاعتراف بتقصيرك في صدد وجوب تبليغ بنفسك ما كان من امر سفرك فيما يتعلق بالمهمة وبطلب الزعيم العودة الى الاتصال به قبل سفرك.
7- اعترافك بالاغلاط المبينة في البنود الأولى من هذا الكتاب.
8- تأكيد أمانتك ليمينك واستعدادك للعمل بكل قانون أو نظام واجب مقرر من سلطة الحزب السوري القومي الدستورية ولقبول كل لهجة ادارية ولعدم طلب امتيازات خصوصية لا تقبل ان تخاطبك المراجع الادارية إلا ضمنها او وفاقاً لها.
فإذا فعلت ذلك فادارة الحزب السوري القومي لا تحرمك من حق تقديم أي شكوى من اجحاف او اهانة او تحقير لشخصك، كواحد من القوميين يسري عليك النظام الذي يسري على جميعهم، ولا من حق اقتراح تعديل اللغة او اللهجة الادارية او غير ذلك لغرض عام. والادارة القومية تنصفك حتى من نفسها اذا تحقق لها وجود اجحاف او اهانة او تحقير وهي تقبل وتتبنى كل اقتراح ترى فائدته للنظام العام او المصلحة العامة. اما الرغبات الخصوصية فهذه يجب ان تخضع للنظام والقانون ولا يجوز ان يخضع النظام والقانون لها.
وأتمنى أن تختار الخضوع للنظام والقوانين وأن تتخلى عن كل وجهة نظر خصوصية في المسائل الادارية.
ولتحي سورية
في 15 يناير 1942
الإمضاء
|