الحزب السوري القومي
مكتب الزعيم
حضرة رئيس وأعضاء مجلس "سورية الجديدة"،
تسلمت أول أمس العدد (43) من "سورية الجديدة" وقد وردني هذا العدد مرسلاً من غير الإدارة، أي من جميل صفدي. وهذا مخالف لما تقرر فعله. ولست أدري لماذا يصعب على الإدارة إرسال العدد بالطيارة في حينه كل أسبوع، أي يوضع في البريد الجمعة مساء. وهنالك مسألة أهم من هذه وهي مسألة التحرير والإنشاء "لرأي سورية الجديدة" فإن هذا الباب يجب أن يخصص لأهم المقالات الصائبة التي ترد إما من المراجع وإما من كتاب قوميين معروفين. فإن ما نشر في العدد (43) تحت هذا الباب ليس قوياً من الوجهة الفكرية بالنسبة إلى ما ينتظر قراءته في هذا الباب الذي ينتظر الناس أن يروا فيه التوجيه الفكري الصادر عن الحركة. وكان الأفضل لو نشرت مقالة الرفيق جبران مسوح بعنوان "الأديب" في محل المقالتين المنشورتين في هذا العدد تحت "رأي سورية الجديدة" في مكان مقالات أخرى أقل قيمة منها. خصوصاً مقالة هذا الأديب القومي من المدرسة القومية. ومهما يكن الرفيق جورج بندقي مجتهداً فهو لا يخرج عن كونه كاتباً مبتدئاً. وهو يتمكن من كتابة مقالات نارية قوية وجيدة أحياناً ولكن المقالات الفكرية تحتاج إلى دراسة وتعمق في الشؤون التاريخية والسياسية والاقتصادية، وغيرها، أي إلى ثقافة نامية، مطردة واسعة المصادر، مستمرة المطالعة والدرس وإطلاع واسع في كتب النهضة القومية وأدبها. ولا يكفي لكتابة المقالات الفكرية أن يحسن الكاتب أسلوبه وعبارته ويتعلم نوعاً أو بضعة أنواع من الكلام.
إني أحب أن يتابع الرفيق جورج تمرنه الكتابي في نفس الوقت الذي يتابع فيه دروساً قومية ثقافية. ولكني لا أوافق على احتكاره "رأي سورية الجديدة" الذي يجب أن يكون فكراً ناضجاً يأخذ منه الناس أفكاراً جديدة. ولذلك أطلب من مجلسكم تبليغ الرفيق جورج ما يلي:
1) إن "رأي سورية الجديدة" هو في الدرجة الأولى لإعطاء كلمة المراجع المختصة.
2) في حالة عدم وجود مقالات من المراجع تختار أهم المقالات التي يرسلها كتاب قوميين وأفضلها ليوضع تحت "رأي سورية الجديدة" أو المقالة التي تعالج أهم حادث جرى معالجة جديرة بمستوى التفكير القومي الناضج.
3) يعتبر الرفيقان جبران مسوح وإبراهيم طنوس كاتبين قوميين من الدرجة الأولى. فحين لا تكون مقالات من المراجع أو تعليق جيد ضروري على حادث هام يصير تناوب مقالات هذين الكاتبين تحت "رأي سورية الجديدة".
وأريد أن ألاحظ أن إقصاء مقالات الرفيق طنوس عن المحل الأول، مع أن بعضها له أهمية كبيرة وأكثرها، إذا لم يكن كلها، في هذه الأهمية، ليس منطبقاً على قواعد التقدير المنصف التي تتصف بها الحركة وتشجيع العاملين بإعطاء جهودهم التقدير اللائق بها وإحلالها المحل الجدير بأهميتها. وحين يرى القوميون أن إنتاجهم الجيد يوضع في منزلة ثنوية بينما الإنتاج الثنوي يوضع في المكان الأول يتسرب الشك بالعدل إلى نقوسهم ويصيبهم القنوط والتراخي. ولعل هذا ما هو حادث الآن "للقارئ" بعد ما دبج من المقالات الجميلة، المفيدة، الموزونة. وأعتقد أنه يجب الكتابة إليه وطلب مقالات منه خصيصاً "لرأي سورية الجديدة". وبناء عليه أطلب تنفيذ هذا الأمر بسرعة. وسأكتب إلى القارئ ويكون اتصاله بالمواضيع الهامة أوثق ويعالج بعض الأمو تحت "رأي سورية الجديدة" فهو كاتب من طبقة يليق بها الكتابة تحت هذا الباب.
والتوجيه الذي أطلب التقيد به هو أن ينصرف مدير الشؤون، بالأكثر، إلى المسائل الإدارية، ومساعدة العمل الإنشائي باختيار أخبار الوطن وترتيبها وتذييلها ببعض التعليق. ويمكنه بين الفينة والفينة كتابة مقالة مدروسة في الصفحة الثالثة أو السادسة، إلا حين لا يكون هنالك مقالة لأحد الكاتبين المذكورين أو للأمين فخري المعلوف أو للمراجع فيمكنه نشرها تحت "رأي سورية الجديدة".
إن هذه المسألة هامة من كل وجه فأطلب سرعة الاهتمام بتنفيذ التوجيهات المعطاة في هذا الكتاب.
ولتحي سورية
في 20 ديسمبر 1939
|