إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

إلى وليم بحليس 6 - الجزء الثاني

أنطون سعادة

نسخة للطباعة 1942-07-31

إقرأ ايضاً


الحزب السوري القومي


مكتب الزعيم



ولماذا هذا الجمود والخمول والولع بانتقاد واستقصاء ما يقوم به المسؤولون مع إهمال ما كان يجب أن يقوم به المنتقدون والمستقصون؟ أما كان الأفضل للحركة أن تنصرف أنت وفؤاد إلى توحيد جهودكما وتفكيركما في خطة عملية لربح مناصرة فريق من الذين أصبحوا مقتنعين بصحة النهضة وتحقيق مشروع إذاعي من أن تجتمعا على الكلام على هذه المقالة وتلك المقالة وصواب الواحدة وغلط الأخرى بالظن والتخمين والاعتماد على ما يسمع من غير الفاهمين.


تقول أن لفؤاد رأياً في الأغنياء وكيفية اكتسابهم فهل تظن أنت وفؤاد أني لا أعرف بوجود الأغنياء ولم أفكر بأمرهم؟ وإذا كنتما تعتقدان أني فكرت في ذلك فهل تظنان أني لا أعرف كيف يعالجون على الوجه الأكمل؟ فإذا كنتما تظنان ذلك فلا مانع من أن يقدم أحدكما رأيه مع العلم أنه رأي أولي غير اختصاصي، يبدى لذى الرأي الأخير الاختصاصي من غير إنشاء مسألة جدلية حول الموضوع تقتل الوقت والجهد في الأخذ والرد من أجل أن يستفيد هو بعض الدروس النفسية والسياسية.


ان مسألة الأغنياء، ومسألة الجماعات ومسألة الأفراد ومسألة الطبقات وغيرها هي مسائل استغرقت قسماً كبيراً من تأملاتي ودروسي النفسية والسياسية والاقتصادية. ولا يغفل أن أكون فكرت في وجوه نظر مثل تلك التي يبديها فؤاد. وإذا رجع فؤاد إلى بعض ما كتبته ونشرته في "سورية الجديدة" لخطابي الموجه إلى جالية البرازيل، ومقالي، "شعب منقسم على ذاته" وغيرهما. وجد أني لم أهمل قط نظرية استعمال الحكمة والإتيان بالحجة لقتل الأحقاد الماضية ووضع بلسم على الجراح وافهام الجميع من أغنياء وغير أغنياء أننا للجميع ونحترم جميع الذين يحترمون أنفسهم ويحافظون على شرفهم. وإذا كان لزم الاهتمام أكثر بالأغنياء وكيفية معالجتهم فهذا أمر يتعلق بالعمليات. والعمليات تتطلب زيادة الوسائل وزيادة عدد العاملين ليصير توزيع عمل الذي هو القاعدة الوحيدة لسد حاجات متعددة في وقت واحد. وبدون هذه الزيادة تكون جميع الآراء الجيدة والنظريات الصائبة عديمة الجدوى وقليلة القيمة. فكم من الآراء والمشاريع الجيدة يجول في ذهني ولا أجدني قادراً على الاهتمام إلا بجزء صغير منها. وببعضها مدة ثم ببعضها الآخر مدة أخرى ويبقى معظمها جامداً حيث هو، إذ لا سبيل إلى تنفيذه. ثم تأتيني آراء فجة أرى أنها غير ناضجة مثل الآراء التي وردت في كتبك وكتب فؤاد. كرأي عدم ذكر أسماء في المقالات وغير ذلك. وجميع هذه الآراء قد تواردت على ذهني من سنين عديدة (...) (...) حق إبدأء الرأي. ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل يتعداه إلى مناقشتي وطلب إيضاح في كل أمر ومسألة مما يدل على إحاطتي بكل موضوع أتناوله وأجيزه. وهذه أمور مخالفة للنظام فليس معنى إبداء الرأي وتخويل كل فرد حق الاستيضاح عن كل أمر والمناقشة في كل مسألة هي من إختصاص مراجعها. بل معناه أن كل من يرتأي رأياً حسناً يجوز له تقديمه والمراجع المختصة لها حق أن تفصل به ما تريد، لأنه إذا كانت هذه المراجع ستفتح أبوابها للأخذ والرد مع كل سائل ومستوضح فلا يبقى لها وقت كاف لغير ذلك.


انني أحب فؤاد وأقدر ذكاءه. ولكنه ليس من أهل الإختصاص في مسائل النفس والإجتماع والسياسة. وإذا كان يريد أن يدرس أحد هذه العلوم فيجب أن لا يطلب أن يجعل من الزعيم معلماً خاصاً له، خصوصاً ونحن الآن في ساحة جهاد. وكل منا يجب أن يجاهد بما يعلم ويحسن وما يقدر. وله بعد ذلك أن يدرس ويتعلم مايشاء. أما في الحزب فالعلم للعموم وليس للأفراد، إلا نادراً وفي ظروف معينة ولأسباب دولية وليس لأسباب فردية.


إن خطة عملي واضحة في فكري. وما أحتاج إليه هو العمل وإمكانيات توزيعه ووجود المستعدين للتنفيذ وليس للآراء. وقد كتب مرة الرفيق مسوح مقالة بناها على درس ألقيته على الأعضاء في بعض الإجتماعات في الآراء وأنواعها وقيمتها. ومن الرجوع إلى هذه المقالة لمعرفة نوع الآراء وكيف تحصل لنا هذه الإمكانيات عملياً، بدون عرقلة سير الخطة وبدون توقيف أعمال أخرى.


...


في 31 يوليو 1942 الإمضاء


يتبع


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024