إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

العقَم القومي الباهر - جزء 1

أنطون سعادة

نسخة للطباعة 1937-12-10

إقرأ ايضاً


قد يستخف المرء ببعض الكلام الذي يلقى في أفواه الرعاع والغوغاء لينتشر ويحدث ضجة فيهم ولكن متى انتقل هذا الكلام من أفواه الغوغاء إلى فم عضو في المجلس النيابي يتلفظ به في جلسة رسمية فالأمر لم يعد مما يدعو إلى الاستخفاف، بل إلى الأسف والحزن، لأن المسؤولين عن حرية الشعب وكرامته هم أقل الناس شعوراً بهذه المسؤولية الخطيرة وأبعدهم عن الاعتصام بالرصانة في المواضيع التي يتوقف عليها نهوض أمة أو سقوطها..

ومتى أصبح المجلس النيابي، الذي وجد ليكون مكاناً للصراحة التامة ميداناً للمواربات السياسية، فما هي الفائدة القومية منه وما الفرق بينه وبين أقبية المؤامرات أو بينه وبين مجالس المستهزئين.

لسنا من محبذي المجالس النيابية على الإطلاق ولسنا من محبذي هذا المجلس النيابي اللبناني على الخصوص بل نحن من مؤيدي مذهب الحزب القومي في هذا الصدد ومن الموافقين على رأي الزعيم في عدم الرجاء من الأساليب الانتخابية والمجالس النيابية الناتجة عنها. ولم يكن الحزب القومي مخطئاً في عدم تعليق أي رجاء على المجلس النيابي وانتخابه فإن جلسات هذا المجلس من أولها إلى آخرها جلسات بعيدة عن التعبير عن حاجة الشعب ومعالجة شؤونه الحيوية وهذه جلسة الأحزاب تدل دلالة جلية على مبلغ شغف النواب بإرضاء شهواتهم والتلهي بألاعيبهم بينما الشعب يحترق!

لم يكن من المستحسن قط أن يعمد السيد فرنجية إلى الإبهام في قضية تهم الشعب اللبناني لما لها من العلاقة المكينة بمصيره وقضاياه الحيوية. وقد كان الأحرى بالسيد فرنجية أن يفكر عشر مرات قبل التفوه بعبارته المشار إليها الحاملة كل معاني عدم المسؤولية وعدم الاكتراث وشيئاً كثيراً من البلبلة والشكوك. كان الأجدر به أن يتأمل ملياً في حياة الأمم ومقتضيات حياتها وفي المجاري الفكرية والنهضات القومية ومظاهرها وخفاياها وفي التبعة الخطيرة

التي يتحملها تجاه التاريخ من يدفعه الاستخفاف بأمته وشعبه إلى حمل لغط الغوغاء المبتذل إلى واضع الكلام الرصين وإلى عدم التحفظ في الكلام على منظمة أو مؤسسة وجدت مستقراً في ضمير الشعب اللبناني الذي جاء السيد فرنجية يمثله في المجلس النيابي، لأن في مثل هذا الموقف تحقيراً للشعب خصوصاً وأن في عبارته "أحزاب تعمل بإرادات أجنبية" ما لو صح أنه موجه على الحزب القومي لكان افتراء صريحاً على منظمة أصبحت مدار أمل البلاد الوحيد في الإنقاذ القومي.

على أن الحزب الشيوعي لا يقتصر على العمل لهدم الكيان اللبناني فقط، بل يعمل لهدم كل كيان قومي وقتل كل إرادة قومية مستقلة فهو الصنيعة الأجنبية وهو الحزب العامل "بإرادات أجنبية". وقد تكون هذه الإرادات عينها هي ما يحمل الأستاذ فرنجية على ترك الحزب الشيوعي وشأنه وسبك عبارته بطريقة توجه النظر إلى الحزب القومي العامل على إنقاذ مصير الأمة من مثل هذا الخنوع "للإرادات الأجنبية".

...

يتبع


العدد 49 في 10 ديسمبر 1937



 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2025