إن قضية فخري معلوف دقيقة وخطرة جداً فلا يجوز النظر إليها ضمن حدود العلاقة الشخصية وبقدر ما أحببناه شخصياً لمواهبه العقلية، قبل أن يسلب منها مبلغاً من قوتها، ولحسن عقيدته القومية الاجتماعية وحسن سلوكيته في النهضة وجودة تهذيبه ، لا نريده أن يكون ذلك يمكن أن تأتي من قبله الشكوك والعثرات. فإننا أعطيناه فرصة ليعود الى الادراك الصحيح والتمييز بين ما هو من شؤون العقيدة القومية الاجتماعية وما هو من خصائص العقائد الغيبية المختصة بما وراء المادة بالمنطق البحت المجرد عن الواقع والاختبار. ولكن هذه الفرصة يحب ان لا تجري على حساب العقيدة القومية وحركتها، بل على حساب من تختص به هذه الفرصة ومن هي لفائدته، ولايضاح المسألة أكثر أقول: أن فخري معلوف في نظر المنظمة السورية القومية الاجتماعية، هو في حكم المنقلب على المبادىء القومية الاجتماعية الحانث بيمينه لها، ومهما كانت أهمية القضايا الفلسفية او الروحية التي يشفع بها انقلابه فلا مبرر له مطلقاَ من الوجهة الحقوقية والنظامية لأنه اذا صح ان انقلابه ناتج عن تولد عقيدة دينية قوية فيه فهو يعني انه لا يريد ان يسلم بحرية الاعتقاد لغيره من أبناء قومه ولا يحترم اعتقاداتهم وانه يريد اثارة حرب العقائد الدينية لمجرد انه اعتنق مؤخراَ مذهباً دينياً معيناً وانه يحارب انشاء دولة قومية لا تقوم على الكنيسة الموحدة تحت رئاسة البابا المعصوم عن الغلط، وانه يرى لزاماً على أبناء قومه أن يروا صحيحاً المذهب الذي يراه هو صحيحاً فاذا اعتنق اليوم الكاثوليكية فيجب على الجميع ان يصيروا كاثوليكيين واذا عاد او صار افروتسطنتياً وجبوا ان يروا الافروتسطنتية المذهب الوحيد الصالح، واذا لم يكن هو متديناً فلا بأس ان لا يهتموا بالدين. ولكن اذا صار هو متديناً فالويل لهم اذا ظلوا في عدم اكتراثهم للدين لأنهم حينئذ يكونون ملحدين ومصيرهم الى النار وفي سعيرها يخلدون!
لو ان فخري معلوف انتصر على بلوغ عقيدة يطمئن فيها الى خلود نفسه وأنفس أهله وأحب ابلاغ هذه العقيدة الى رفقائه واصدقائه وجميع أبناء قومه مع المحافظة على احترام عقائد الآخرين في هذه الأمور وعلى الاشتراك معهم في وحدة الحقوق والواجبات القومية لوجد انه لا خلاف مطلقاً بين ان يكون المرء محمدياً او مسيحياً في الدين او غير صاحب رسول خاص او دعوة دينية خاصة في الدين، وان يكون قومياً اجتماعياً في الدنيا. ولكنه هو لا يقتصر في موقفه الجديد على ذلك ولذلك هو يخرق مبدأ المساواة في الحقوق وحرية الاعتقاد وحرية ابداء الرأي.
...
يتبع
صدر عن مكتب الزعيم، في 6 ابريل 1946 ولتحي سورية
خاتم وامضاء الزعيم
|