إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

إلى غسّان تويني رسالة 4 ج 1

أنطون سعادة

نسخة للطباعة 1946-05-26

إقرأ ايضاً


أيها الرفيق العزيز،

تسلمت كتابك الأخير المؤرخ في 9 مايو الحاضر وأخذت علماً بتنفيذ المرسوم الاداري المختص باقالة الرفيق فخري معلوف من منفذية اميركانية وتوقيفه عن ممارسة وظائفه الاخرى ورتبته وحقوق العضوية ابتداء من تاريخ كتابك المذكور فأسفت جداً لحبوط المحاولة الأخيرة لارجاع الرفيق معلوف وسببت اقصاءه عن المساهمة في النهضة السورية القومية الاجتماعية وحصر جهوده الفكرية والعملية في مسائل غيبية قد فرغ التاريخ من الاستماع الى حجج أصحاب الوجهة اللاهوتية منها.

منفذية اميركانية: الآن وقد حلت منفذية اميركانية بمسألة المنفذ العام السابق المعزول، صار من الضروري الاهتمام السريع باعادة تنظيم هذه المنفذية الواسعة الامكانيات، التي لم يكن لها نظام سابق، منذ بدء وجودها، غير وجود الرفيق فخري معلوف على رأسها وعمله الشخصي فيها. وقد كنت أستغرب عدم اكمال جهاز المنفذية بناموس وناظر اذاعة وغيرهما من الموظفين، ولكن الثقة التي كانت موضوعة في الرفيق معلوف الموقف جعلتني أعتمد على حسن ادراكه لتهيئة الأسباب الكافية واقتراح الأشخاص الذي يرى فيهم الأهلية، النسبية على الأقل، للقيام بالوظائف المتعددة في هيئة المنفذية. أما الآن فأني مرتاح الى قدومك، في هذا الظرف، الى اميركانية ومسرور باكتشاف مؤهلات الرفيقين جورج شاهين، مدير مديرية اسكندرونة، وميشال ابي رجيلي، ناموسها.

بناء عليه أكلفك درس مسألة اعادة تنظيم منفذية اميركانية باشراك عناصر صالحة في هيئتها الادارية. وفي هذا الصدد ارغب في ان تطلعني على أعمالك الدراسية والموضوع الذي تتخصص بدرسه وأوقات عملك الدراسي وامكانية توليك منفذية اميركانية واعطائها الاتجاه السياسي – العملي اللازم على الأساس العقائدي الصحيح والمدة التي تقدر انك ستقضيها في اميركانية.

ان الحياة الاميركانية واسعة وعظيمة المشوقات وقد ضاع فيها معظم مهاجرينا الذين لم تكن لهم نفسية اجتماعية خاصة يبنون حياتهم عليها ولا وعي قومي او ميزة روحية تحفظ لهم شخصية اجتماعية يفيد الاستناد اليها لتحريك قواهم الكثيرة الامكانيات. وان تعدد ألوان الثقافة في اميركانية وما يصحب ذلك من تعدد منازعها الروحية والعقلية قد أفقدنا عدداً غير يسير من شبابنا المؤهلين لأعمال البناء النفسي في مجتمعنا وفي العالم بواسطة مجتمعنا، خصوصاً اولئك الذين تقدمةا الوعي القومي وجاؤوا اميركانية للدرس، وغاياتهم في الغالب شخصية بحت فاشبهوا المواد الخام الجيدة النوع في معامل نسيج الفكر والشعور الأجنبية. ولم يخل الأمر من الذين جاؤوا بوعيهم القومي الجديد وكان أقوى سبيه بهم الرفيق الموقف فخري معلوف، الذي لم يصل الى غير النتيجة التي تقدمه اليها الدكنور شارل مالك الذي وجد زبدة الفلسفة في الفلسفة الدينية والفلاسفة الكلاسيكيين الالهيين ولم يتأثر بمجاري الفكر العلمي التي أظهرت الفلسفات العصرية من اجتماعية ومادية ولا مادية وغيرها فبقيت القصايا الانسانية الكبرى محدودة له في نطاق الفكر القديم.

هذه الحقيقة تجعل عملنا القومي الاجتماعي في اميركانية غير بسيط وتقتضي احساساً دقيقاً بالقضايا المنبثقة عنها. وقد اصطدم المنفذ العام السابق ببعض هذه القضايا واقترح الحلول الحقوقية التي تسهل اشتراك مهاجرينا المتجنسين بالجنسية الاميركانية في غايات نهضتنا المحدودة لهم في نطاق: مساعدة الأمة التي خرجوا منها على اصلاح أحوالها الاجتماعية الداخلية ونيل حريتها، على أن يكون ذلك عملاً تبرعياً من قبلهم وبقدر ما تسمح لهم واجبات جنسيتهم الجديدة التي لها دولة تعينها وحكومة منظمة تنظيماً دقيقاً تسهر على تنبيههم اليها ومقاضاتهم تنفيذها. فوافقته على استعمال المرونة لتسهيل عملنا القومي الاجتماعي في اميركانية بادخال شرط في القسم للمتجنسين بالجنسية الاميركانية ينص على قيامهم بكل ما لا يخل بولائهم لجنسيتهم الجديدة.

أفاد هذا الحل فائدة قليلة من الوجهة العملية، لأن حركة المنفذية الاذاعية كانت مشلولة ومتوقفة على نشاط المنفذ العام السابق واعتباراته الشخصية وانحصرت في مقالات قليلة في الماضي البعيد وفي خطب قليلة في مناسبات بعض الحفلات التذكارية. ولم يكن لهذا الحل انعكاس او صلة بالعمل الأساسي لكسب المغتربين غير المتجنسين بالجنسية الاميركانية، الذي يجب ان يكون هاماً جداً في عمل المنفذية.

وفيما أنا أسوق إليك وصفاً مقتضباً للحياة الاميركانية وحالة مهاجرينا ومغتربينا وطالبي العلم منا في ميدانها ليكون منه فائدة في معالجة المسائل التي تعترض مهمة المنفذية العامة، أشعر ان الفائدة تزداد بايقاظ احساسك للأخطار الكامنة في مختلف نواحيها وللاعتصام بعقيدتنا ورسالة نهضتنا من غوائلها.

...

يتبع

صدر عن مكتب الزعيم، في 26 مايو 1946 ولتحي سورية

خاتم وامضاء الزعيم


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024