إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

حقوق الأمة بين الكتلة الوطنية والأجانب (5).

أنطون سعادة

نسخة للطباعة 1938-05-10

إقرأ ايضاً


حقوق الأمة بين الكتلة الوطنية والأجانب -5

السياسة الغبية والإدارة الفاسدة .

∗تمت المخابرات والمفاوضات والاتفاقات حول سلخ لواء الاسكندرون عن جسم الوطن السوري "والكتلة الوطنية" لاهية بلعبة "السياسة الإيجابية".

وقد بينا في المقالات السابقة شيئاً عن هذه اللعبة الغريبة التي تضمحل فيها مصالح أمة بأسرها بينما مصالح السياسيين الخصوصية تتضخم وفي حين أن الأمة تفقد كل أساب سيادتها وموارد تقدمها باسم "المعاهدة والحكم الوطني والعهد الجديد".

وبعد نزول هذه الخسارة العظيمة ماذا كان موقف الكتلويين؟ أنهم لم يحركوا ساكناً ولم يقوموا بأية حركة جديدة. أنهم لم يفعلوا شيئاً من ذلك، حتى بعد أن تحرك الحزب السوري القومي وأعلن سخطه واستعداده للدفاع عن حقوق الأمة في اللواء!

هنالك حجة يظنها الكتلويون وجيهة في حين أن صبيان السياسة أصبحوا يدركون ضعفها وهي: أن حكومة إعدادية لكيان جديد لا قبل لها بمقاومة اتفاقات الدول الكبرى، والصحيح أن في هذه الحجة لا تبرز الخسارة كلها. فلو أن الكتلويون نزلوا عند رغبة الأمة وتقدموا للتفاهم مع المنظمة القومية التي اتضح شأنها في تقوية معنويات الأمة لكانت الأمة تمكنت من إحداث ضغط سياسي كافٍ لإدخالنا ضلعاً ثالثاً في الاتفاقات فلا نفقد تدخلنا في اللواء السوري.

بيد أن إقطاعية الكتلويين أبت عليهم أن يعترفوا بالحركة القومية وممثليها وفضلوا أن يسلموا البلاد للدعاوات والأخبار الملفقة بل هم أنفسهم، وخصوصاً المسؤولون منهم، قاموا يؤيدون الدعاوات الأجنبية ويوهمون الشعب أن اللواء الشمال الغربي سيظل سورياً نظراً لاحتمال إيجاد علاقة وهمية بين اللواء والشام. والصحيح أن أقل ما كان يجب أن تقبل به حكومة وطنية تحترم نفسها هو أن تؤمن مصلحة الأمة السورية في هذه الاتفاقية الإجبارية بضمان حقوق اشتراك القوات السورية في الدفاع عن الاسكندرون. أما ترك اللواء لحماية الجيش الفرنسي والتركي ومنع الجيش السوري منم حقه في الدفاع عن جزء من وطنه فحقيقة تفضح كل ذلك الكلام الكثير الذي قيل في بقاء لواء الاسكندرون سوريا وتدل على مقدار الغباوة السياسية التي يتصف بها متسلمو مقاليد الحكم في الشام.

والآن، وبعد أن وضع لواء الاسكندرون في يد الأتراك ليهددوا منه سورية كلها، ماذا يعمل "الوطنيون"؟

إنهم يحاولون الآن الاتفاق مع تركية على شروط أهمها مصادقة الحكومة الشامية على اتفاقية لواء الاسكندرون!

ومن الجهة الداخلية ينفذون سياسة أجنبية واسعة ويقسمون البلاد تقسيماً لم تتجرأ على القيام به حكومة الشيخ تاج الدين. فهم قد ابتدأوا بإقامة الحواجز والحدود بين الشام ولبنان وفصل شؤون هذين الشملين السياسيين المشتركة. وقد أثبتوا بذلك أنهم يسيرون في سياسة معاكسة للأماني القومية وموافقة لإضعاف الأمة وتمكين المصالح الأجنبية من موارد البلاد.

إن مذكرة الحزب السوري القومي الاقتصادية التي وضعت في الربيع الماضي قد أشارت إلى الأخطار العظيمة والخسائر الفادحة التي تتعرض لها الأمة فيما لو طبقت سياسة القضاء على المصالح المشتركة. وتلا مذكرة الحزب السوري القومي بيانات المؤسسات التجارية والتجار وذوي المصالح الشعبية في الشام ولبنان وكلها تشجب سياسة الانفصال الاقتصادي. والحق يجب أن يقال أنه لو كانت حكومة الشيخ تاج الدين اللاقومية والممقوتة في مكان الحكومة الكتلوية لما استطاعت أن تفعل ضد المصالح القومية أكثر مما فعلت الكتلة الوطنية.

وتضيف الحكومة الكتلوية إلى غباوتها السياسية فساد إدارتها، فما كادت تعمل على تشكيل دائرة الحربية وتكلف بعض الحربيين (ويقال أنهم أجانب، أتراك!) وضع خرائط دفاعية حتى افتضحت كل أعمال هذه الدائرة وفقدت الخرائط،. وهو حادث خطير لو حدث في بلاد غير سورية وفي غير ظروفها المؤسفة لأدى إلى ثورة تلتهم السياسيين العفنين المسؤولين.

ولكن الكتلة كتمت الحادث وقللت من أهميته، كما قللت من أهمية خسارة لواء الاسكندرون وتابعت إدارتها الفاسدة تاركة البلاد معرضة لخطر الأعداء من الخارج ومجزأة من الداخل كأنها وسيلة أجنبية لخراب البلاد. وماذا تريد القوات الأجنبية الكامنة وراء الحدود أكثر من ذلك؟

ومع ذلك فليس ما تقدم كل تفاصيل الحالة الخطرة التي أوصلتنا إليها السياسة الكتلوية فهنالك أضعاف في وحدات الجيش وإسناد مسؤولية الدفاع إلى أجانب أو إلى فئة غير مؤهلة.

وهنالك سوء إدارة في الجزيرة وزعزعة للأساس القومي الحقوقي، وهنالك ضربات ليس أقدر من الكتلة الوطنية على إنزالها بالأمة.

النهضة، بيروت العدد 153 4/5/138 – والعدد 158 1، 10/5/

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024