إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

ما حققوه وما عجزنا عنه ..

د. وسام جواد

نسخة للطباعة 2008-03-14

إقرأ ايضاً


اصبح الانترنيت من الوسائل,التي لا غنى عنها للتعبيرعن الرأي والتواصل دون القيام باحتجاجات علنية,أوالاشتراك في مظاهرات, قد يتعرض المشاركين فيها الى رصاص الشرطة,أو الى الضرب بالهراوات أوالاعتقال, ودون الحاجة الى حضور نشاط ديني يقوده متخلف ثرثار,او ندوة سياسية لمَسلكي مهذار, محسوب على اليسار, لم تبلغ قوانين ومقولات فلسفة الديالكتيك المادي والتاريخي درجة حرارة كافية لاذابة جموده العقائدي, رغم شدة اشتعال التناقضات واحتدام صراع الاضداد , الذي فرضه واقع الاحتلال ..

في الانترنيت,لا يجد المرء نفسه مُرَحّلا, كتلك الملايين من العراقيين,الذين ارغمهم الاحتلال والفتنة الطائفية على الرحيل بل رحالا يتنقل بين المواقع, يستكشف مساحاتها الشاسعة,التي يشغلها التناقض في مواقف اصحابها وكتابها من قضايانا الوطنية والقومية,الى ان يستقر به الحال, بعد ترحال وتجوال في مساحة صغيرة, شيدت عليها بعض هذه المواقع ابنيتها الفكرية والسياسية بشكل ينسجم مع تطلعاته, وهي لا تبخل في تأمين مكانا له للمساهمة والتطور والابداع .

قرأت قبل أيام عن وجود قرابة عشرة آلاف موقع,موظفة للتشهير بالاسلام وبأمتنا العربية بمختلف اللغات, ومن المؤكد ان نسبه المواقع الموجهة لخدمة الاحتلال واعوانه في بلدية المنطقة الجرباء, ليست بقليلة, خاصة وان شراء الذمم لم يقتصرعلى بعض رؤساء العشائر و"الصاحين" بعد غفوة على دولارات الاحتلال, بل تعدتها لتشمل طبقة المثقفين- الاكثرعرضة للخيانة, حسب وصف ڤلاديمير ايليتش لينين,حيث انفتحت شهية بعضهم على روائح السرقات والنهب,التي تعج بها مطابخ الحكومة والبرلمان,واعجبتهم وجبات الطاعة والولاء,التي تقدم لقادة الاحتلال, ناهيك عن الطبخة المفضلة لبؤساء "العملية السياسية" المقدمة على اطباق خيانة الوطن والشعب..

لقد تمكن الاحتلال واعوانه (عربا واكرادا) من تحقيق مكاسب كثيرة ونتائج ملموسة لصالحها, لم يكن سهلا بلوغها لولا عجز وضعف وتفرق القوى الوطنية المناهضة للاحتلال .. فقد اشعلوا فتيل حرب طائفية مدمرة,عجزت القوى الوطنية عن اخمادها, واستمرت المرجعية الدينية في جريمة السكوت على المجازر اليومية, دون ان تتمكن القوى الوطنية من ايصال صوت العقل الى الجماهير المغرر بها لوقفها ولوضع حد للاقتتال الداخلي المفتعل. ونجح الاحتلال في احداث ثغرات خطيرة في جدار المناعة الوطنية, ساعد على فتحها و توسيعها ارتداد بعض القيادات السياسية والدينية, التي اتحدت وانضوت تحت راية العملية السياسية الجوفاء, بينما بقيت القوى الوطنية مبعثرة, وعاجزة عن توحيد صفوفها ..

كتب الاستاذ ابو سارة مقالا بعنوان : الدعوة لـ (وحدة اليسار العراقي) بين الوطنية الثابتة والانتهازية المهزوزة. واذ احيي الاخ ابو سارة, واشد على يده بحرارة, اقولها بكل أسف ومرارة,

ان الواقع قد امتحن حركات اليسارعموما منذ انهيارالاتحاد السوڤييتي والمعسكرالاشتراكي وبعد الاحتلال الامريكي للعراق (بالنسبة لليسارالعراقي) ووضع مصداقيتها على المحك, فراوح بعضها بين الوطنية المهزوزة والانتهازية الثابتة, التي لولاها لما آلت اليه الاحوال الى هذا الحد المخزي في التعامل مع اقذر قوة امبريالية غازية, ولما بررالمرتدون تحالفهم مع قوات الاحتلال باعتبارها "قوات محررة" و "صديقة", ولما لعلعت بعض الاصوات, لتعلن عن عدم وجود حلول بديلة امام العراقيين سوى القبول بالامرالواقع الذي فرضه الاحتلال والدعوة,التي يروج لها اعوانه لربط العراق بصفقات الخيانة في "العملية السياسية" ..

اذا لم أعد فاعتبروني شيوعيا.. هكذا كان ينادي جنود الجيش السوڤييتي غيرالشيوعيين,حين كانت تحتدم المعارك مع قوات الغزو النازية, و من اجل الوطن .. كان يهتف الانتحاريون وهم يقومون بمآثرهم البطولية في جبهات القتال. ولم يقصر الشيوعيون فيما عرف لاحقا بالمعسكر الاشتراكي بالقيام بواجباتهم من اجل تحريراوطانهم . وهكذا كان الحال بالنسبة للشيوعيين الذين نظموا وانتظموا في حرب العصابات في فرنسا وايطاليا. وطويلة قائمة النضال في امريكا اللاتينية وافريقيا وآسيا, وزاخرة باسماء لامعة لشيوعيين, خالدين الى الابد في ذاكرة الشعوب .

يقول مثل روسي : لكل قاعدة شواذ. واذا كان النضال ضد الاحتلال هو القاعدة في تاريخ الاحزاب الشيوعية, فان القيادة الحالية لجماعة حميد مجيد قد سجلت الحالة الشاذة والوحيدة, في التحالف مع القوات الغازية. ولعل الاسوء والابشع منه, هوالتنظير الغبي والتحريفي في الدفاع الاخرق عن سياسة النضال السلمي الساذجة وعن مهزلة العملية السياسية,التي ستبقى وصمة عار في جبين المساومين والانتهازيين والمرتدين عن القيم والمبادئ الشيوعية الخلاقة.

في مقال:كلمة بصدد(وحدة اليسار العراقي) وصف المناضل آراخاجادور واقع اليسار بالمضطرب والمتداخل للغاية, حيث فيه أجنحة متواطئة مع المحتل, وأخرى تعادي المحتل.. واعتبر أية دعوة تتجاهل وجود الاحتلال باطلة, سواء كانت النوايا طيبة أو شريرة، من هذا الفرد أو ذاك، ومن هذا الحزب أوذاك..

وتجدرالاشارة هنا الى الحقائق التالية :

- لا احد يتجاهل وجود الاحتلال, ولا يجرؤ من انحرف وتحالف مع الاحتلال واعوانه, على توجيه الدعوة الى الذين حافظوا على اصالة الانتماء للوطن والشعب وعلى ثوابت وقيم الشيوعية,ذات التاريخ المشرف في النضال ضد الاحتلال.

- ليس لاصحاب النوايا الشريرة أية مصلحة في وحدة اليسار, وهم وان كانوا انذالا, الا انهم ليسوا بمغفلين الى الحد يجعلهم ينادون أو يدعون الى وحدة اليسار,لا سيما وان سنوات الاحتلال قد غربلت الكثير و فصلت الصالح عن الطالح .

- تتطلب المرحلة,التي يمر بها العراق العمل على الاستفادة من الوسائل المتاحة, بما في ذلك شبكة الانترنيت من اجل ايجاد السبل الكفيلة بتقريب الاطراف الرافضة للاحتلال, ذات الميول والاتجاهات اليسارية.

ويذكر المناضل الكبير آراخاجادور مايلي :

نحن نعتز برفاقنا في الخارج، ولكن يظل الهم والإهتمام الأساسيان يتوجهان الى الشعب والى المناضلين في داخل الوطن، وإن الخارج قوة إسناد وحسب، إن المناضلين داخل الوطن هم أدرى بظروفهم، وهم الذين يقررون نوع العمل وطبيعته.

نعم, لا بد ان تكون اولوية اتخاذ القرارات بيد المناضلين في الداخل, وفي مقدمتهم ابطال المقاومة العراقية. ولكن ما احوج الداخل الى وحدة الخارج, وما اعظم قوة الاسناد اذا توحدت, ووحد اليسار نفسه بوجود اعداد كبيرة من العراقيين في الخارج , تضم نسبة عالية من ذوي الاتجاهات اليسارية.

" لكي ندعو الى وحدة اليسار دعوة فعالة، ومن أجل أن تكون الدعوة صادقة، في البدء ينبغي أن تنطلق من اليسار غير المتورط بعلاقة ما مع الغزاة، ومن ثم علينا أن نحدد طبيعة المرحلة التي نعيش، والمهمة الرئيسية المطروحة علينا، وأن نحدد أو نتعرف على قوى التغيير، وأن نرسم حدوداً واضحة للمصطلحات مثل: قوى اليسار أو اليسارية. "

اذن, دعونا نُفّعِل الدعوة, ولتكن صادقة صدق الانبياء, ولننطلق كما ذكرتم من اليسارغيرالمتورط بأية علاقة مع الغزاة ( ليس يسارا من تورط مع الغزاة..), فالوقت يمر ولا يرحم وقد تكالبت فيه وتوحدت قوى الخيانة والعمالة والرجعية, وتمكنت من جني ثمار افعالها على حساب حاضر ومستقبل عراقنا .

ان مسيرة الالف ميل تبدأ بخطوة, كما قال ماو, وقد آن لنا الاوان لتلبية الدعوة الى وحدة اليسار العراقي , فهل سنبدأ ؟


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024