نورد في ما يلي بعض أبرز التطورات حول نشاطات اللوبيات اليهودية في العالم في الأسبوع الأخير، وخصوصاً التطورات التي لم تحظَ بتغطية إعلامية وافية، مع تعليق موجز حول آثار هذه التطورات على نفوذ المافيا اليهودية الإحتكارية الدولية، سلباً أو إيجابا.
اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة
اليهود يتباكون على هزيمة الإيباك بالنسبة إلى الإتفاق النووي المعقود مع إيران
وفقاً لما توقعناه في تحليلنا بالنسبة إلى آثار فشل منظمة "الإيباك" aipac (التي تمثل الجناح اليميني للوبي اليهودي الأميركي) في إبطال الإتفاق النووي المعقود مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية من جانب الكونغرس الأميركي، فلقد دأب المعلقون والكتاب اليهود في أميركا و"إسرائيل" على التباكي، وخاصة لأن العديد من وسائط الإعلام الأميركية ومن السياسيين الأميركيين بدأ ينتقد جماعة الإيباك علناً، وذلك "إستغلالاً من جانب هؤلاء لكون الجماعة هُزمت"... ووصل الأمر لدى بعض المعلقين إلى جد توقع زوال الإيباك من المسرح السياسي الأميركي على المدى غير البعيد جداً...
من الناحية الموضوعية، فإن هؤلاء اليهود على حق إلى حدّ ما بالقول أن الإيباك قد تعرضت لهزيمة قاسية لا بد وأن تنعكس على اللوبي اليهودي بأسره في أميركا، على أن هذا الواقع يجب أن لا يجمل المعارضين للوبي اليهودي على الإطمئنان كثيراً، ذلك أن الإيباك ليست الجماعة اليهودية الوحيدة في الولايات المتحدة، والجماعات الأخرى ليست أقل خطرا أو ضرراً منها، بما في ذلك جماعة "جي ستريت" JStreet التي تمثل الجناح اليساري في اللوبي اليهودي الأميركي.
إشارة هنا إلى أن الإيباك تشكلت سنة 1963، وذلك للحلول مكان "المجلس الأميركي الصهيوني" American Zionist Council، حيث أن المجلس المذكور كان يمثل المصالح "الإسرائيلية" بالولايات المتحدة، ويتدخل في السياسات الداخلية الأميركية، ما حمل الرئيس الأميركي حينها جون كينيدي John Kennedy وشقيقه وزير العدل روبرت كينيدي Robert Kennedy على إصدار قرار يصنف المجلس على أنه "وكيل لدولة أجنبية" foreign agent ، ما يمنعه من التدخل في السياسات الداخلية الأميركية، وما أدى إلى إنشاء الإيباك للحلول مكانه... (يحتمل أن يكون هذا القرار من جانب إدارة كينيدي من العوامل التي حملت اليهود على التآمر – أو على الأقل الإشتراك - في المؤامرة التي أدت إلى إغتيال الرئيس جون أولاً، وشقيقه روبرت في ما بعد...)
وهناك طلب تقدم به لدى وزارة العدل الأميركية "معهد دراسة السياسة الشرق الأوسطية" . The Institute for Research Middle East Policy المؤيد للمواقف العربية يطالب بأن يتم تصنيف الإيباك على أنه "وكيل أجنبي" يتم النظر به حالياً، من الناحية المبدئية. وفي حال الموافقة على هذا الطلب فلن يحق لإيباك في المستقبل المشاركة في حملات جمع التبرعات لصالح المرشحين لمراكز سياسية. على أنه لا بد وأن يكون مفهوماً بأنه حتى في حال تمت الإستجابة فعلاً للطلب المذكور، وهو أمر مشكوك فيه جداً، فإن اليهود سيعمدون إلى إنشاء منظمة بديلة عن الإيباك,,,
بالمختصر، لا بد من مراقبة اللوبي اليهودي على نحوٍ أكثر تركيزاً الآن، حيث أن اليهود الأميركيين يستعدون لفتح صفحة جديدة وبأساليب جديدة مختلفة عن تلك التي كانت تعتمدها الإيباك، على أنه لا بد من التذكر أن الهدف الصهيوني يبقى واحداً وهو إرساء قواعد الهيمنة المافياوية الإحتكارية اليهودية على العالم، ولو إختلفت الأساليب والأدبيات المعتمدة من جانب اليهود بهذا الصدد، بين يمينية ويسارية، طائفية وعلمانية إلخ... (تُراجع بهذا الصدد دراستنا " Breakthrough أو العبور الإنكساري"...).
مال وأعمال
حملة شعبية تؤدي إلى خفض سعر أحد الأدوية بأميركا، ومسارعة اليهود على التنصل من الموضوع
من الأمور التي أثارت موجة شعبية عارمة بالولايات المتحدة في المدة الأخيرة إقدام شركة "تورينغ فارما" Turing Pharma الصيدلية على رفع سعر دوائها دارابريم Daraprim المضاد لبعض أنواع الإلتهابات بنسبة 5455%، حيث كان سعر كل حبة من الدواء 13,5 ليرُفع إلى 750 دولار أميركي,,, وأمام موجة الإستنكار، إضطرت الشركة إلى التراجع عن قرارها الأصلي.
وقد تبين أن رئيس شركة "تورينغ فارما" مارتن شكريلي Martin Shkreli هو الذي يقف وراء قرار زيادة السعر على هذا النحو. والمذكور متخصص في الإستثمارات المالية في الشركات والإختراعات ذات الطابع الصيدلي والبيولوجي.
ولدى شيوع نبأ رفع سعر الدواء بهذا الشكل المفضوح، تكاثرت الإستفسارات في مواقع الإنترنت لمعرفة الهوية الطائفية لشكريلي هذا، وتحديداً لمعرفة ما إذا كان هذا الشخص يهودياً، ذلك أن عمليات المضاربة بهذا الشكل هي من الأمور التي دأب عليها اليهود في الولايات المتحدة وسواها من البلدان. وأعرب اليهود في المواقع الإجتماعية عن إرتياحهم البالغ، وقالوا أنهم "تنفسوا الصعداء" حين تبين أن مارتن شكريلي من أصل ألباني كرواتي، وأن لا صلة قربى له،على ما يبدو حتى الان، باليهود.
على أن ما تبين أيضاً أن مارتن شكريلي من تلاميذ المضاربة المالية اليهودية، ذلك أنه بدأ حياته العملية لدى الشركة المالية اليهودية ليهمان براذرس Lehman Brothers ، وهي الشركة التي تسبب إفلاسها سنة 2008 بنشوب الأزمة المالية الكبيرة في تشرين الأول/أكتوبر من تلك السنة... كما أنه من متخرجي معهد باروخ Baruch College اليهودي للأعمال في نيويورك، بمعنى أن شكريلي نفسه قد لا يكون يهودياً، لكنه يتبع الأساليب اليهودية، والتي تلقنها مباشرة من اليهود...
ويأتي هذا التطور ليؤكد مرة جديدة الرفض الشعبي الأميركي لهيمنة اللوبي اليهودي على مقدرات الولايات المتحدة.
اللوبي اليهودي في روسيا وأوكرانيا
الإيكونوميست تنشر تحقيقاً حول موجة نزوح كبار الأثرياء اليهود الروس والأوكرانيين إلى فلسطين
تأكيداً على تصنيفنا اللوبي اليهودي بالمافيا الإحتكارية، نشرت مجلة الإيكونوميست The Economist البريطانية مقالة حول حصول موجة شراء من كبار الأثرياء اليهود الروس والأوكرانيين إلى فلسطين المحتلة "إسرائيل"، وذلك لتأمين ملجأ آمن لهم في حال تعرضوا للملاحقة في بلدانهم الأصلية بسبب مخالفاتهم المالية والضريبية...
ومن الأمثلة على هؤلاء الثري اليهودي مالك نادي تشيلسي البريطاني لكرة القدم رومان أبراموفيتش Roman Abramovich ، والذي إشترى فندقاً بالحي الفخم المسمى بـ"نيفي تزيديك" في تل أبيب المحتلة، وذلك مقابل 100 مليون شيكيل، أو فاليري كوغان Valery Kogan الذي يمتلك مطار موسكو دوموديدوفو.الذي يمتلك أيضاً عقاراً فخماً في القيصرية بفلسطين، ويقال أن هذا المنزل قد كلفه نصف بليون شيكيل. وتتبع السلطات "الإسرائيلية" سياسة تقضي بعدم السؤال حول مصادر الأموال. والجدير بالذكر أن أكثرية كبار الأثرياء الروس والأوكرانيين الذين يشترون عقاراً خاص بهم في فلسطين المحتلة لا يقيمون فيها أكثر من بضع عطلات لنهاية الأسبوع كل عام. على أن العديد من هؤلاء طلب الحصول على الجنسية "الإسرائيلية". وبما أن هؤلاء يهود في الأصل، فإنه يحق لهم الحصول على هذه الجنسية بموجب "قانون العودة" المرعي الإجراء في الكيان الصهيوني.
بالمختصر، فمن الواضح أن الغاية الوحيدة لهؤلاء من إمتلاك عقار بفلسطين هي إيجاد ملجأ آمن لهم، بمعنى أن "إسرائيل" تحولت إلى ملجأ للخارجين عن القانون من اليهود، ما يجعل هؤلاء يطمئنون إلى تمكنهم من إقتراف أي فعل يخالف تشريعات بلدانهم الأصلية، طالما يستطيعون الفرار إلى "إسرائيل" حيث يصبحون بمأمن عن الملاحقة في حال تم إكتشاف هذه الأفعال...
وبعد ذلك يتساءل البعض عن السبب في تكاثر المختلسين والمجرمين – على الأخص المجرمين في المجالات المالية – من بين اليهود... ومن هنا يتضح أن القضاء على "إسرائيل" يجب أن يكون مطلباً يخص جميع بلدان وشعوب العالم، وليس الفلسطينيين وحدهم...
اللوبي اليهودي في إيرلندا
يهود إيرلندا يشنون هجوماً على مقاول رئيسي في إيرلندا لإتهامه بالنازية
أعرب "المجلس اليهودي التمثيلي في إيرلندا" Jewish Representative Council of Ireland (JRCI) عن إستنكاره الشديد لأن السيد جوني رونان Johnny Ronan ، وهو أحد المقاولين الرئيسيين في القطاع العقاري بإيرلندا، قد أشار إلى عبارة تم وضعها على بوابة عدد من معسكرات الإعتقال الألمانية خلال الخرب العالمية الثانية، وتقول أن "العمل يجعلكم أحراراً". وكان جوني رونان يدلي بإقادته أمام لجنة إيرلندية رسمية تحقق في الممارسات المصرفية حين نطق بهذه العبارة (باللغة الإيرلندية، لا الألمانية) مع تأكيده بأن المصارف قد تسببت بتخريب أعماله.
وقد طالب رئيس "المجلس اليهودي التمثيلي في إيرلندا" السيد رونان بالإعتذار، وأيده في ذلك عدد من السياسيين الإيرلنديين, على أن من الواضح أن الضجة المثارة حول تصريحات رونان تهدف بالدرجة الأولى على تحويل التركيز على الممارسات المصرفية ذات الطابع الربائي في إيرلندا، وإستبدال هذا التركيز بشجب الـ"إشادة بالنازية"، علماً أن رونان قد لا يكون تقصّد ذكر العبارة الموضوعة في المعتقلات النازية، وإنما أراد الإعراب عن إيمانه بجدوى العمل المفيد وليس الربائي وحسب... إشارة إلى أن عدد اليهود ضئيل للغاية في إيرلندا، على أن نفوذهم تعزز في هذا البلد بسبب الأزمة المالية التي أصابته في السنوات الأخيرة، والتي جعلت الحكومة بحاجة للحصول على قروض مصرفية دولية...
نذكر أن إيرلندا كانت محايدة ومقيمة لعلاقات ديبلوماسية جيدة مع ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية، مع التذكير أيضاً بأنه ليس ثمة دليل مادي واحد على حقيقة الخرافات اليهودية إزاء ما يدعون أنهم تعرضوا له في معسكرات الإعتقال خلال الحرب الثانية، والمعروفة بالـ"هوالوكوست" أو المحرقة المزعومة...
اللوبي اليهودي في بريطانيا
إستمرار الحملة اليهودية ضد الزعيم الجديد لحزب العمال
ما يزال يهود بريطانيا يعربون عن "صدمتهم" لإنتخاب جيريمي كوربين Jeremy Corbyn زعيماً لحزب العمال البريطاني المعارض مؤخراً، ويتهمونه بالعداء للسامية. ويعود شعور يهود بريطانيا بالـ"صدمة" على هذا النحو إلى أن حزب العمال بقي مدة طويلة يُعتبر من المعاقل القوية للوبي اليهودي في المملكة المتحدة، مع العلم أن زعيم حزب العمال – الذي إستقال إثر هزيمة الحزب في إنتخابات أيار/مايو 2015 التشريعية ببريطانيا – كان اليهودي إيد ميليباند Ed Milliband .
وقد رد كوربين على اليهود بأنه ليس "معادياً للسامية"، بل أنه يشجب تماماً العداء للسامية إنسجاماً منه مع قناعاته اليسارية... على أن يهود بريطانيا يقولون أن مجرد إعراب كوربين عن تأييده للحقوق الفلسطينية، وعلاقاته الجيدة مع منظمات فلسطينية ولبنانية معادية لـ"إسرائيل" مثل حماس أو حزب هي بمثابة فعل "العداء للسامية"، بمعنى أن المطلوب عند اليهود هو أن يلتزم السياسيون بالخط الصهيوني على نحو كامل، وإلاّ تم تصنيفهم بالنازية وتلصق بهم تهمة "العداء للسامية"...
هذا، ويعزو العارفون في السياسات البريطانية فوز كوربين الساحق في الإنتخابات الحزبية إلى مواقفه المعارضة للسياسات "الإسرائيلية"، ذلك أن قاعدة ناخبي حزب العمال شعرت باتململ الشديد إزاء المواقف الصهيونية التي كانت تتخذها القيادات السابقة للحزب، مع العلم أن حزب العمال إتبع نظاماً قضى بتوسيع القاعدة الشعبية للمشتركين في إنتخاباته الداخلية...
بالمختصر، فإن الوعي الشعبي البريطاني إزاء الخطر اليهودي – والذي سبق وأن تناولناه مراراً في هذا التقرير – لا يقتصر على الأوساط اليمينية المتطرفة فقط، وإنما يشمل أيضاً الأوساط اليسارية في الشعوب البريطانية.
إعداد: نديم عبده.
|