نورد في ما يلي بعض أبرز التطورات حول نشاطات اللوبيات اليهودية في العالم في الأسبوع الأخير، وخصوصاً التطورات التي لم تحظَ بتغطية إعلامية وافية، مع تعليق موجز حول آثار هذه التطورات على نفوذ المافيا اليهودية الإحتكارية الدولية، سلباً أو إيجابا.
اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة
دونالد ترامب بدأ يتعرض للهجوم بسبب موقفه "الحيادي" من النزاع اليهودي الفلسطيني
إستكمالاً وتأكيداً على ما جاء في التقرير الذي أوردناه حول قول المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركي دونالد ترامب Donald Trump لجهة إعلان "حياده" إزاء النزاع الفلسطيني اليهودي، فإنه يبدو أن ترامب بدأ يتلقى نتيجة هذا الموقف غير المرضي ليهود الولايات المتحدة الذين لا يقبلون عن الإنحياز الأميركي الكامل وغير المشروط إلى جانب "إسرائيل" بديلاً. وتمثل "أول الغيث" بالأمر في أن المرشح الجمهوري الآخر مارك روبيو Mark Rubio – المدعوم بقوة من الثري اليهودي الأميركي بول سينغير Paul Singer – ركز تهجمه على منافسه ترامب في مهرجاناته الإنتخابية مؤخراً على "حياد" هذا الأخير، مؤكداً بأنه هو – أي روبيو – سوف يقف بوضوح إلى جانب الكيان اليهودي...
من ناحية أخرى ويرجح جداً بأن يكون لهذا التطور صلة مباشرة بهذا الشأن، فلقد تزايدت مؤخراً التساؤلات المطروحة في الإعلام الأميركي ولدى بعض الساسة الأميركيين – ومن أبرز هؤلاء ميت رومني Mitt Romney مرشح الحزب الجمهوري في إنتخابات 2012 – حول الضرائب على الدخل التي يسددها ترامب، مع التركيز على أنه يخضع لتدقيق مركز من جانب دائرة الضريبة على الدخل "أي أر أس" IES الأميركية منذ أكثر من عشر سنوات، ومع الإيحاء بأن الأمر يثير الريبة والشك إزاء نزاهته... للتذكير هنا بأن لليهود وجود قوي في دوائر وزارة المال الأميركية، ولدى دائرة "آي أر أس" بالتحديد، وأن إبراز الإشكالات المالية هي من أكثر الأساليب شيوعاً التي يلجأ إليها اللوبي اليهودي للقضاء على خصوم سياسيين... مع الإشارة هنا إلى أن دونالد ترامب هو رجل أعمال بارز قبل أن يكون سياسياً محترفاً، ومن الطبيعي أن يخضع لتركيز مشدد على حساباته وأعماله من جانب دوائر الضريبة على الدخل، كما هو الأمر مع التجار ومن يتعاطى الأعمال في غالبية بلدان العالم، وليس في أميركا فقط...
يبقى أن لدونالد ترامب صلات قوية مع اليهود – مثلاً مع اليهودي مايكل غلاسير Michael Glasser الذي يضطلع بدور أساسي في إدارة حملته الإنتخابية، كما إن إبنته إيفانكا متزوجة من يهودي، (لا نعلم ما إذا كانت علاقة ترامب بصهره جيدة أم لا... ) وهي إعننقت الديانة اليهودية – ومن هنا لا يمكن أبداً القول أن هذا المرشح مؤيد للحق العربي، خصوصاً وأنه يجاهر إجمالاً بمواقف مؤيدة بشدة لـ"إسرائيل"... على أن ما يمكن القول هو أنه، وحتى هذه الساعة، يبدو أقل إرتهاناً لليهود من سائر المرشحين الأساسيين للرئاسة الأميركية... ولو أن هذا الأمر قابل لأن يتبدل بين اللحظة والأخرى...
نحو إحياء "التحالف اليهودي الزنجي" في السياسات الأميركية؟
يؤكد بعض المحللين للسياسات الداخلية الأميركية بأن إحدى أبرز إنعكاسات تقدم عضو مجلس الشيوخ الأميركي اليهودي بيرني ساندرس Bernie Sanders لنيل تسمية الحزب الديموقراطي له مرشحاً للرئاسة قد يتمثل بإحياء "التحالف" الذي كان قائماً حتى ستينات القرن العشرين تقريباً بين اليهود والزنوج في السياسات الداخلية الأميركية، وذلك بسبب الطابع اليساري "الإشتراكي" لساندرس، الأمر الذي يجذب إليه العديد من المؤيدين من بين الزنوج الأميركيين، بالنظر إلى أن غالبية هؤلاء من الفئات المحرومة في المجتمع الأميركي...
والمعروف أن غالبية يهود أميركا كانوا يساريي الهوى حتى ستينات القرن العشرين، وأن أبرز اليساريين الماركسيين الأميركيين كانوا يهوداً. وقد تبدل الأمر إلى حدّ ما بعد هذه الحقبة بالنظر إلى وقوف الإتحاد السوفياتي السابق إلى جانب البلدان العربية، وأيضاً بالنظر إلى تزايد حجم الثراء اليهودي الطائل، على أن يهود أميركا ظلوا "ينحنّون" إلى اليسار حتى يومنا الحاضر، بمن في ذلك عدد من كبار الأثرياء من بينهم مثل المضارب الشهير جورج سوروس George Soros ، مع العلم بأن أكثرية يهود أميركا صوّتوا لصالح باراك أوباما في إنتخابي 2008 و2012...
ويأتي بروز بيرني ساندرس حالياً ليعيد البريق للمسحة "اليسارية الإشتراكية" لدى يهود أميركا، وأيضاً للتخفيف من وطأة سمعة الرأسمالية الجشعة الملتصقة بهم – أي باليهود، والتي ترسخت في وجدان الرأي العام الشعبي الأميركي بعد الأزمة المالية الكبيرة لـ2008، والتي كانت أبرز أسبابها مضاربات وإحتلاسات الشركات المالية اليهودية الأميركية...
هذا، ونذكر بأن العديد من الساسة أو الزعماء الزنوج الأميركيين كانوا –وما زالوا إلى حدّ ما – مؤيدين للحقوق الفلسطينية في وجه الممارسات "الإسرائيلية"، ومن هنا لا بد من السعي الحثيث للحفاظ على هذا التأييد، والمطلوب لذلك إجراء مراقبة دقيقة لتطورات حملة ساندرس وعلاقاته مع الأوساط الزنجية الأميركية.
مع التذكير بأن اليسار اليهودي لا يقل خطراً وضرراً من اليمين اليهودي، وإن الفارق بين يسار ويمين المافيا الإحتكارية اليهودية العالمية هو في الأسلوب وبعض التفاصيل ليس إلاّ...
أرقام ذات دلالة
إستقصاء للرأي العام يبين تقلص نسبة تأييد الرأي العام الأميركي لـ"إسرائيل"
أظهرت نتائج إستطلاع للرأي العام أجراه معهد آي أر أم إي بي IRmep بأن نسبة تأييد الأميركيين للكيان اليهودي "إسرائيل" تبلغ 59%، وهي أدنى نسبة يتم تسجيلها منذ 2004، علماً أن تدني شعبية الكيان اليهودي في 2004 كان يعود إلى إستياء الأميركيين من شن "إسرائيل" سلسلة عمليات إستهدفت قطاع غزة حينها ، بينما ليس هناك من تطور مشابه في الوقت الراهن، ما يعني أن الإستياء الأميركي من "إسرائيل" ليس "ظرفياً" وحسب هذه المرة.
إشارة إلى أن دراسة كان قد أجراها معهد غالوب Gallup لإستقصاءات الرأي العام قبل عام من الآن أظهرت حصول تراجع بطيء وإنما متواصل ومنتظم لنسبة تأييد الرأي العام الأميركي للكيان اليهودي.
الوبي اليهودي في فرنسا
تبيّن كذب إدعاءات مدرّس يهودي إدعى تعرضه لإعتداء "معادٍ للسامية" في مرسيليا
من التطورات البارزة التي حصلت في فرنسا عقب الحوادث الإرهابية التي عصفت بعاصمة هذا البلد باريس الثالث عشر من تشرين الثاني/نوفمبر الفائت مباشرة أن مدرًساً يهودياً إدعى التعرض لإعتداءات "معادية للسامية" أسفرت عن أصابته بجروح، الأمر الذي كان أدى لقيام حملة شاملة من الإستنكارات والإعراب عن التضامن مع يهود فرنسا وما إلى ذلك حينها...
وقد تبين من جراء التحقيقات حول الحادث أن إدعاءات المدرّس اليهودي كانت كاذبة، وأنه هو الذي طعن نفسه بنفسه على الأرجح، ما أدى إلى إصابته بجروح طفيفة... وقد تم وضع المدرّس رهن التحقيق تمهيداً لمحاكمته جزائياً لإرتكابه فعل توجيه "إتهام كاذب"، مع العلم أن هناك عدة سوابق مماثلة حيث إدعى فيها يهود فرنسيون تعرضهم للإعتداء ليتبين في ما بعد كذب هذه الإدعاءات.
هذا، ولم يحظَ هذا التطور المثير إلا بتغطية إعلامية محدودة – وبصورة خاصة في إعلام مدينة مرسيليا وفي بعض المواقع والمدونات غير الخاضعة للوبي اليهودي ضمن شبكة الإنترنت– على عكس الضجة التي أحاطت بنبأ الإعتداء المزعوم في الوقت الذي أُعلن عنه...
فن وثقافة
روجر واترس يتحدث عن "رعب" المغنين الأميركيين من اللوبي اليهودي
يُعتبر المغني الإنكليزي المعروف روجر واترس Roger Waters من أبرز مناصري حركة مقاطعة وسحب الإستثمارات وفرض العقوبات "بي دي أس" BDS
على الكيان اليهودي "إسرائيل"، وذلك منذ نحو عشر سنوات، بعد أن شاهد طبيعة الممارسات "الإسرائيلية" بفلسطين المحتلة بنفسه.
ويعيش واترس بالولايات المتحدة، حيث له صداقات كثيرة بين زملائه من مغنين وفنانين أميركيين. وقد تحدث مؤخراً عن إلتزامه مقاطعة "إسرائيل" في مقابلة صحافية، وأبرز ما ذكره هو أن زملاءه المغنين الأميركيين يمسكون عن إتخاذ مواقف مماثلة له في موضوع المقاطعة لأن مسيرتهم الفنية كلها ستتحطم في حال نتقدوا "إسرائيل"، حيث سيتم نغتهم بالنازية والعداء للسامية، تماماً كما حصل ولا يزال بالنسبة إلى روجر واترس نفسه، (مع العلم بأن هذا الأخير يساري الهوى، وأن والده قتل في الحرب العالمية الثانية لدى محاربته الألمان النازيين.) مع الإشارة إلى أن واترس يشبّه الممارسات اليهودية في فلسطين بسياسة التمييز العرقي "أبارتهايد" التي كانت تُتبع في جنوبي أفريقيا أيام سيطرة الأقلية البيضاء على مقدرات هذا البلد، وهو يقول أن الرد اليهودي الوحيد على حركة "بي دي أس" BDS يقتصر على وصفها بالمعادية للسامية...
والجدير بالذكر أن العديد من المنتمين إلى الوسط الفني الأميركي كانوا قد إنضموا لحركة الإعتراض على التورط الأميركي بحرب فيتنام في ستينات وسبعينات القرن العشرين، من غير أن تتأثر مسيرتهم الفنية بذلك، رغم أنهم كانوا يعترضون وقتها على حرب تشنها حكومة بلدهم بالذات، وليس على ممارسات "دولة" غريبة كما هي "إسرائيل" بالنسبة إلى الولايات المتحدة..
وتأتي هذه الشهادة الجديدة من شخص ينتمي بنفسه إلى الوسط الفني لتعطي دليلاً جديداً على هيمنة المافيا الإحتكارية اليهودية على قطاع الإنتاج الفني...
إحياء سلسة أفلام "ماد ماكس" من دون مشاركة ميل غيبسون
تٌُعتبر سلسلة أفلام "ماد ماكس" Mad Max من أكثر الأعمال السينمائية الأوسترالية نجاحاً وشعبية، وقد أُنتج ثلاثة أفلام من السلسلة بين 1979 و1985، قبل أن ينقطع تصوير أجزاء جديدة على غير ما هو معتاد بالنسبة إلى الأفلام الرائجة، إلى أن إنتج جزء رابع في 2015. وكان نجم الأجزاء الثلاثة الأولى الممثل والمنتج الأوسترالي الكبير ميل غيبسون Mel Gibson ، على أن هذا الأخير غاب عن الإصدار الرابع.
وقد تحدث جورج ميللير George Miller ، مدير إنتاج سلسلة ماد ماكس إلى موقع ياهو للسينما Yahoo Movies عن سبب إنقطاع السلسلة ثلاثين عاماً بين 1985 و2015، وعزاه بصورة رئيسية إلى مشاكل غيبسون وخاصة لجهة إتهامه بالإإدلاء بعبارات إعتُبرت "معادية" للسامية في 2006.
نضيف إلى ما ذكره ميللير أن ميل غيبسون هو مخرج الرائعة السينمائية "آلام السيد المسيح" The Passion of the Christ في 2004، وأن هذا العمل أثار – وما زال – نقمة عارمة عند اليهود لأنه صور عملية صلب السيد المسيح (ع) بتحريض من الأخبار اليهود وفق ما جاء حرفياً في الإناجيل الأربعة...
لا حاجة إلى المزيد من التعليق.
|