نورد في ما يلي بعض أبرز التطورات حول نشاطات اللوبيات اليهودية في العالم في الأسبوع الأخير، وخصوصاً التطورات التي لم تحظَ بتغطية إعلامية وافية، مع تعليق موجز حول آثار هذه التطورات على نفوذ المافيا اليهودية الإحتكارية الدولية، سلباً أو إيجابا.
اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة
بوادر غقد صفقة بين اللوبي اليهودي الأميركي ودونالد ترامب
لقد فرض دونالد ترامب Donald Trump نفسه مرشحاً وحيداً أو شبه وحيد للرئاسة الأميركية عن الحزب الجمهوري عقب إنسحاب المرشحين المتبقيين الواقفين ضده مؤخراً. وقد تزامنت أو كادت تتزامن أخبار إنسحاب هذين المرشحين تيد كروز Ted Cruz وجون كازيك John Casich مع ورود مجموعة من الأخبار تنمّ عن حصول تقارب بين ترامب واللوبي اليهودي الأميركي، وذلك بعد أن كان يهود أميركا يميلون في السابق إلى رفض ترشح ترامب لخشيتهم من أن هذا الأخير مقرب من التيار اليميني المتطرف، وإلى أن عدداً من "المعادين للسامية" في أميركا يناصرون حملته الإنتخابية.
وأبرز هذه التطورات كانت:
- تعيين دونالد ترامب اليهودي ستيفين منوتشين Steven Mnuchin مديراً مالياً لحملته الإنتخابية، مع العلم أن هذا الأخير يعمل في قطاع المال الأميركي، وأن أحد أبرز المراكز التي شغلها كان ضمن الشركة المالية اليهودية الشهيرة غولدمان ساكس Goldman Sachs ، وهي نفسها الشركة موضع إنتقاد وكراهية جميع الرافضين لمملرسات قطاع المال الأميركي ذات الطبيعة الربائية، بمن فيهم دونالد ترامب نفسه. وحرص ترامب على التأكيد بأنه قام بتعيين هذا اليهودي نظراً إلى "كفاءته" في المجال المالي، وليس بسبب صلته بـ"غولدمان ساكس"، على أن جميع وسائل الإعلام شددت على أهمية عامل الصلة مع غولدمان ساكس، الأمر الذي قد ينمّ عن حصول تبدل في موقف ترامب من قطاع المال اليهودي الأميركي...
- إعراب اليهودي البليونير مالك الكازينوهات الشهير شيلدون أديلسون Sheldon Adelson عن التأييد لترامب مع قوله بأن "ترامب جيد لـ‘إسرائيل‘". مع التذكير بأن أديلسون معارض بشدة للحزب الديموقراطي وللرئيس أوباما بصورة خاصة، ومؤيداً بشدة للحزب الجمهوري، الأمر الذي كان قد حمل جميع مرشحي الرئاسة الأميركية عن الحزب الجمهوري تقريباً على السعي للحصول على دعمه المالي، مع إستثناء بارز تمثل بدونالد ترامب نفسه الذي قال بأن ثروته الطائلة الشخصية تجعله يستغني عن إستجداء الدعم الخارجي لحملته الإنتخابية. وكان هذا الموقف موضع إستياء بالغ لدى يهود أميركا، ولدى أديلسون بالذات الذي كان يفضل لو أن مرشحاً آخراً برز في الحزب الجمهوري. وعلى ما يبدو الآن، فإن هذه الخلافات أو لنقل التباينات باتت شيئاً من الماضي...
- لقد كان التيار اليميني المتطرف في أميركا مؤيداً لحملة ترامب إلى حد بعيد، بمن فيهم السيد ديفيد ديوك David Duke ، وهو نائب سابق معارض بقوة لهيمنة اللوبي اليهودي في أميركا. وكان اليهود يضغطون بقوة على ترامب لكي ينأى بنفسه عن ديوك، على أن المرشح الجمهوري كان يرفض ذلك حتى الآن، متذرعاً بأنه لا يعرف ديوك جيداً. وقد عاد ترامب وبدل موقفه هذا مؤخراً حين شجب "كلياً" آراء السيد ديوك "المعادية للسامية" ( مع الإشارة هنا إلى أن "عداء ديوك للسامية" ما هو سوى فضح هذا الأخير لممارسات اللوبي اليهودي الأميركي...),
هذا، ولم تتوقف الضغوطات اليهودية على ترامب عند هذا الحد، حيث تطالبه "الرابطة المعادية للتشهير إي دي أل" ADL ، وهي إحدى أهم الجماعات اليهودية في العالم، بالتخلي عن أحد أبرز شعارات حملته الإنتخابية "أميركا أولاً" America First ، وذلك على أساس أن هذا الشعار – وهو شعار يبدو "بديهياً" بالنسبة إلى الأميركيين...- يذكّر الرابطة المذكورة بالشعارات المعادية للسامية... وذلك ربما لأن رفع شعار "أميركا أولاً" يتناقض مع جعل الأولوية في أميركا لدعم الكيان اليهودي "إسرائيل"... كما أن اليهود ما زالوا يشككون بترامب وحقيقة مشاعره إزاءهم، ويعرب العديد من المعلقين اليهود في الإعلام الأميركي و"الإسرائيلي" عن هذا التشكيك... وكانت من المظاهر البالغة الخسة والحقارة لإستمرار التشكيك اليهودي إزاء ترامب أن الصحافية اليهودية جوليا إيوفي Julia Ioffe تعرضت مؤخراً لزوجة دونالد ترامب السيدة ميلانيا ترامب Melania Trump من جميع النواحي، بما في ذلك الحياة الخاصة لوالد هذه الأخيرة، ولمشاكلها القضائية، فضلاً عن تناول جمالها الجسدي – مع الإشارة إلى أن ميلانيا ترامب عارضة أزياء سابقة، وهي إمرأة جميلة حقاً وفق كل المعايير، على أن جوليا إيوفي قالت أنها مصابة بحول في عينيها-، كما تمت إعادة نشر صور قديمة لها وهي شبه عارية من الملابس أيام كانت تمارس مهنة العرض...
هذا، ويتبين من كل ما تقدم بأن اليهود حققوا مكاسب مهمة لجهة جعل ترامب ينصاع إلى مشيئة اللوبي اليهودي، أسوة بباقي السياسيين الأميركيين التقليديين أو بغالبيتهم الساحقة... والرد الوحيد الذي يمكن بواسطته مواجهة هذه المكاسب اليهودية هو أن يعمد رافضو هيمنة اللوبي اليهودي في أميركا إلى شن حملات توعية مكثفة للكشف عن الحقيقة المافياوية الإحتكارية للوبي اليهودي، ذلك أن شريحة لا بأس بها من الرأي العام الشعبي الأميركي بدأت تعي خطورة هذا اللوبي، كما سبق وأن بينا الأمر مراراً في هذا التقرير, ولما كان أن دونالد ترامب شخص براغماتيكي إلى أبعد الحدود حسب ما يقوله عارفوه، فإنه قد يدرك بأن مصلحته الحقيقية – وطبعاً المصلحة العليا الحقيقية للولايات المتحدة – تكمن في التخلي عن التبعية لهذه المافيا...
مايكل بلومبيرغ يتهم مرشحي الحزبين الأساسيين للرئاسة الأميركية بالغوغائية
أكد اليهودي مايكل بلومبيرغ Michael Bloomberg، عمدة نيويورك السابق وصاحب مجموعة بلومبيرغ الإعلامية، بأن الحزبين الرئيسيين بفي لولايات المتحدة الديموقراطي والجمهوري يتصفان بممارسة "حكم الغوغائية"، وبصورة خاصة في هذا العام بالذات حيث من المقرر أن تجري الإنتخابات الرئاسية. وقال بلومبيرغ بمناسبة كلمة ألقاها في جامعة ولاية ميتشيغان بأن هذه السنة هي "أكثر سنة يتذكرها لجهة أن الغوغائية هي المسيطرة في كلا الحزبين."
ولم يحدد بلومبيرغ أي مرشح بالذات لجهة ممارسة الغوغائية، على أنه بدا وكأنه يستهدف المرشح الجمهوري دونالد ترامب بالدرجة الأولى، مع عضوي مجلس الشيوخ المرشحين تيد كروز وبيرني ساندرس، وإنما ليس هيلاري كلينتون. وقارن بلومبيرغ بين مرشحي الحزبين وشخصيات سياسية أميركية تسببت بحالات شرخ وإنقسام ضمن المجتمع الأميركي في القرن العشرين مثل المفكر الصحافي باتريك بيوكانان Patrick Buchanan ، والذي كان مرشحاً قوياً عن الحزب الجمهوري في دورات سابقة، والذي يُعتبر من السياسيين الأميركيين القلائل الرافضين لهيمنة اللوبي اليهودي على مقدرات الحياة السياسية الأميركية، وعضو مجلس الشيوخ الراحل جوزيف ماك كارثي Joseph McCarthy أو حاكم ولاية ألاباما الراحل أيضاً جورج والاس George Wallace , إشارة إلى أن اليهود هم الذين كانوا أو ما زالوا يرفضون هذه الشخصيات اليمينية، وبصورة خاصة بيوكانان، وإنما لا بد من التنويه إلى أن مايكل بلومبيرغ لم يأتِ على ذكر سياسيين يمينيين متطرفين كانوا مقربين لليهود مثل باري غولدواتر Barry Goldwater أو الرئيس الراحل رونالد ريغان Ronald Reagan ...
ويقول بلومبيرغ بأن المرشحين في كلا الحزبين يركزون حملاتهم على التعرض لـ"أهداف سهلة تثير الإمتعاض" إزاء مشاكل البلد بدل طرح حلول حقيقية قابلة للتطبيق، وذلك على غرار غوغائيي السنوات السابقة.
وقال "لقد كان على كل جيل من الأجيال أن يواجه الغوغائيين فيه، وقد وقف كل جيل وأبعدهم عن البيت الأبيض، أقله حتى هذه الساعة."
والمعروف أن مايكل بلومبيرغ يصطف مستقلاً في الوقت الحاضر، وهو عمل عمدة لمدينة نيويورك بين 2002 و2013 (كان جمهورياً بين 2001 و2007)، وقد ذكر في السنة الماضية 2015 بأنه يفكر في ترشيح نفسه للرئاسة الأميركية. ومن المحتمل أن يكون بلومبيرغ يعمل حالياً لطرح نفسه كمرشح جدي بديل عن دونالد ترامب المرفوض من جانب العديد من الجمهوريين، ولهيلاري كلينتون المرفوضة من جانب العديد من الديموقراطيين...
إعادة رفع دعوى ضد مدراء النائب السابق رون بول يتهمة ممارسة الرشوة
أعادت دائرة الإدعاء العام الإتحادي في الولايات المتحدة تقديم شكوى بحق مدراء الحملة الإنتخابية الرئاسية للنائب الجمهوري السابق رون بول Ron Paul في 2012 مع إتهام هؤلاء بممارسة الرشوة والمخالفات المالية، وذلك رغم صدور قرار قضائي في تشرين أول/:أكتوبر 2015 كان برأ المدعى عليهم من معظم الًتهم الموجهة إليهم. وقد تذرع الإدعاء العام بحجج قانونية جديدة لتقديم شكواه، مع العلم أن الإقدام على خطوات قضائية من هذا القبيل أمر نادر جداً في الإجتهاد الإتحادي الأميركي...
ومن دون الدخول في تفاصيل القانون والإجتهاد بأميركا، فإنه يبدو أن السبب الرئيسي لهذا الإصرار غير المعهود على ملاحقة حملة النائب السابقة رون بول يعود إلى أن هذا الأخير هو من السياسيين التقليديين الأميركيين النادرين جداً الداعين إلى خفض وتيرة الدعم الأميركي للكيان اليهودي "إسرائيل"...
اللوبي اليهودي في بريطانيا
حزب العمل "الإسرائيلي" يهدد بقطع علاقاته بحزب العمال البريطاني
إستكمالاً لمسلسل إتهام عدد من أركان حزب العمال البريطاني Labours بالـ"عداء للسامية"، الأمر الذي أدى إلى تعليق عضوية عدد من أركان هذا الحزب، فلقد هدد حزب العمل "الإسرائيلي" بقطع علاقته بنظيره البريطاني في حال لم يثبت هذا الأخير بصورة جازمة تخليه كلياً عن جميع مظاهر"العداء للسامية"...
ويرجح أن تخضع قيادة حزب العمال البريطاني للضغوطات اليهودية، علماً بأن هذه القيادة قد بدأت بالفعل تذعن للمشيئة اليهودية حين باشرت فتح "تحقيقات داخلية" مع أعضائها المتهمين بالـ"عداء للسامية"، مع تعليق عضوية البعض من هؤلاء... وبذلك فإن هذا الحزب سيعود إلى حظيرة الدولية الإشتراكية الثانية المعروفة بأنها من أكثر التجمعات الدولية تأييداً وموالاة للوبي اليهودي العالمي... إلا في حال إتخذت قيادة هذا الحزب اليساري قراراً تاريخياً جريئاً يقضي برفض الإنصياع للمافيا الإحتكارية اليهودية، مع إعطاء الأولوية المطلقة للمصلحة البريطانية الحقيقية العليا، وليس للمصلحة اليهودية...
اللوبي اليهودي في تركيا
"إسرائيل" بصدد رفع وتيرة علاقتها بحلف الناتو وسط عدم ممانعة تركيا
ينتظر أن ترفع "إسرائيل" مستوى علاقتها بحلف شمالي الأطلس "ناتو" NATO قريباً، مع فتح ممثلية دائمة لها لدى المقر الرئيسي للحلف في العاصمة البلجيكية بروكسيل.
وقد غزا المراقبون هذه الخطوة إلى أن تركيا، وهي عضو مكتمل في الناتو منذ 1952، لم تعد تعترض على رفع مستوى العلاقات بين حلف الـ"ناتو" و"إسرائيل"، وذلك في سياق التحسن الذي طرأ على العلاقات التركية اليهودية في الفترة الأخيرة، بعد أن كانت مظاهر التوتر تسود العلاقات بين الطرفين عقب عدوان اليهود القاتل على سفينة مرمرة التركية في ميناء غزة سنة 2010...
.
|